فى الساعات الأخيرة التى تترقب فيها إيران إعلان الرئيس الأمريكى دونالد ترامب عن استراتيجيته للتعامل مع طهران، يراقب المسئولون الإيرانيون بحذر بالغ التصريحات الأمريكية، فيما خرجت معلومات من خلف غرف طهران المغلقة التى شهدت اجتماعات أمنية وسياسية مكثفة تفيد استعدادها للرد على أى قرار مفاجئ من البيت الأبيض.
ويعترى الإيرانيون هاجسين لا ثالث لهما، وهو ما ظهر جليا خلال تصريحات مسئوليها وإعلامييها، الأول هو أن يكون قرار ترامب الذى سيتخذه حيال إيران يمس الاتفاقية النووية المبرمة مع القوى الغربية الست فى يوليو 2015، ويخشى هنا صانع القرار الإيرانى من إعلان الولايات المتحدة الانسحاب من الاتفاقية وهو أمر غير مستبعد من ترامب، الذى يفاجئ العالم بقراراته - بحسب ما يراه الإيرانيون، وهنا ستعاود فرض عقوباتها الأحادية على طهران بما أنها لن تلتزم بالاتفاق الذى بموجبه يمدد الكونجرس رفع العقوبات.
أما الهاجس الثانى الذى تتخوف منه طهران، هو تطبيق قانون "كاتسا" وهو اختصار لـCountering America's Adversaries Through Sanctions Act أى مكافحة أعداء أمريكا من خلال العقوبات وأطلق عليه أيضا العقوبات الأم لاحتوائه حيزا واسعا من الإجراءات، وتطبيقه يعنى اطلاق يد واشنطن فى التعامل مع أى مؤسسة أو كيان أو فرد داخل إيران تضمر العداء للولايات المتحدة، وترى طهران مؤشرات تشير إلى اعتزامها القيام بإدراج "الحرس الثورى الإيرانى" الذى ترى أن سياسته تهدد أمنها وأمن حلفاءها فى الشرق الأوسط على قوائم الإرهاب، وهو ما ظهر واضحا فى تهديدات الحرس الثورى الصريحة على نحو ما صرح القائد العام لقوات الحرس الثوری محمد على جعفرى أنه فى حال تنفیذ واشنطن لقانون کاتسا فإنها "ستتلقى رداً حاسماً وساحقاً من جانب إیران وسيكون الجيش الأمريكى فى حكم الدوعش".
قوات الحرس الثورى الإيرانى
وجدد مساعد الرئيس الإيرانى ورئيس منظمة الطاقة الذرية الايرانية على اكبر صالحى، تحذيره للولايات المتحدة، قائلا أن الإجراء الأمريكى المحتمل بإدراج الحرس الثورى ضمن لائحة المنظمات الإرهابية بمثابة إعلان الحرب ضد إيران، وقال صالحى فى تصريح له من لندن نقلته وكالة فارس، عقب لقائه وزير الخارجية البريطانى بوريس جونسون لو جرى تنفيذ هذه الخطوة فإنه يعد مؤشرا للسلوك العدائى للإدارة الامريكية ضد الشعب الايرانى ونعتبر مثل هذا الاجراء بمثابة إعلان الحرب.
وفى الداخل الإيرانى يبدو أن التيار المتشدد يميل أكثر لقرار ترامب بالانسحاب من الاتفاق النووى، الذى يرفضونه منذ اليوم الأول لتوقيعه، ونددت شخصيات من التيار المتشدد بالاتفاقية التى روا أنها لم تجلب لإيران شئ، بل سلمت فيه استقلالها للولايات المتحدة، على نحو ما قال المتشدد ورئيس تحرير صحيفة كيهان حسين شريعتمدارى، فى مقاله بالصحيفة أن وثيقة لاتفاق النووى تعد لأمريكا ”وثيقة ذهبية“ ولكن بالنسبة لإيران ليست سوى الخسارة والتحقير والخدعة، أن أكثر أعمال "ترامب المجنون" عقلانية هو تمزيق ورقة الاتفاق النووى".
أما الرئيس الأمريكى الذى يترقب الجميع قراره، جدد هجومه على الاتفاق واصفا إياه بأنه "اتفاق سىء للغاية"، وصرح ترامب لشبكة فوكس نيوز "هذا أسوأ اتفاق على الإطلاق، لم نجن منه شيئا"، وتابع: "لقد أبرمناه من منطلق ضعف فى حين إننا نتمتع بالكثير من القوة"، لكن الرئيس الجمهورى لم يكشف فى المقابلة عن قراره المتوقع بحلول نهاية الأسبوع بشأن مصير الاتفاق الذى أبرمته الدول الكبرى وأكد ترامب "سنرى قريبا جدا ما سيحصل".
الاتفاق النووى
وتزامن هجوم ترامب مساعى إيرانية لحشد الشركاء الأوروبيين وتنسيق المواقف قبل إعلان ترامب قراره، وتراهن على دعم دولى للحفاظ على الاتفاق النووى، وقد أجرى وزير الخارجية جواد ظريف محادثات هاتفية مع منسقة السياسة الخارجية فى الاتحاد الأوروبى فدريكا موجرينى، ووزير الخارجية الألمانى زيجمار جابريل، أكدوا على ضرورة التزام كافة الاطراف بالاتفاق النووى الذى ابرم بين ايران ومجموعة 5+1، بحسب بيان الخارجية.