فى خطوة جديدة لتعزيز النفوذ والتسلل إلى المجتمعات الغربية والتأثير على دوائر صنع القرار فى العديد من الحكومات الأوروبية، كشف موقع "سى سى آى يو" الأرجنتينى النقاب عن تحركات أمير قطر تميم بن حمد لشراء ميدان أثرى فى مدينة برشلونة الأسبانية بحجة السعى لتحويله إلى مسجد كبير، فى محاولة لمغازلة الأقلية المسلمة داخل كتالونيا من جهة، وتقديم مبالغ طائلة لمسئولى الإقليم الساعى للانفصال عن إسبانيا من جهة آخرى.
تحركات تميم قابلتها سلسلة من الإدانات للدور المشبوه الذى تلعبه إمارة قطر ـ الراعى الأول للإرهاب فى الشرق الأوسط ـ حيث أكد الموقع الأرجنتينى رفض العديد من الدوائر السياسية والشعبية داخل كتالونيا للعرض القطرى، مؤكدين على أن نظام تميم بن حمد لا يسعى لبناء مسجد كما هو معلن، وأنما يحاول تدشين كيانا يخفى من وراءه انشطته المشبوهة فى دعم الإرهاب والتنظيمات المتطرفة ، وتمويل عناصر تلك التنظيمات عبر الجمعيات الخيرية والمساجد التى يتردد عليها من آن إلى آخر رجال أعمال قطريين وآخرين تربطهم علاقة قوية بشخصيات قريبة من العائلة المالكة فى الدوحة.
وقال الموقع الأرجنتينى، إن ميدان برشلونة الآثرى يعد الأقدم فى المدينة، وتم تأسيسه عام 1914 وكان يستضيف بادئ الأمر مصارعات الثيران حتى عام 2012، ولكن قام البرلمان الكتالونى بحظر عقد تلك المصارعات فيه، وهو حاليا مخصص للحفلات الموسيقية والرياضية وأيضا عروض السيرك.
ميدان لوس توروس ببرشلونة
وأضاف الموقع فى تقرير مطول، أن هناك غزوًا صامتًا للمسلمين فى أسبانيا، ولكن ليس أولائك المعتدلين المتعارف عليهم فى غالبية البلدان المسلمة، وهذا الغزو المدعوم من قطر يعد بمثابة خطوة مستفزة لمشاعر وقيم الدول الأوروبية ويمثل قنبلة موقوتة للإرهاب والتطرف.
وأشار الموقع، إلى أن محاولات شراء الميدان الآثرى لا تهدف ـ كما هو معلن ـ لمساعدة الأقلية المسلمة على ممارسة طقوسها، وإنما نشر الارهاب والتطرف، بدليل تواجد ما يزيد على 1400 مسجد فى أسبانيا وفق بيانات وإحصاءات مرصد التعددية الدينية، تعادل 21% من أماكن العبادة الخاصة بكافة الأديان داخل البلد الأوروبى، ذلك بخلاف المساجد غير المسجلة بشكل رسمى فى أسبانيا.
تحركات قطر الأخيرة فى برشلونة لم تكن الأولى، فقبل عقود طويلة بدأت الإمارة محاولاتها لحصار أسبانيا والتسلل إلى مفاصل مؤسساتها، حيث قال الموقع، إنه منذ 1981 وتقوم قطر باستثمارات ضخمة فى إسبانيا، وتختار المبانى الرمزية فى مدريد وبرشلونة، مثل كوستا ديل سول المملوكة من قبل مجموعات استثمارية عربية وفندق دبليو فى برشلونة. وتتحدث إسبانيا وقطر حاليا عن إمكانية إنشاء صندوق استثمار مشترك قيمته مليار دولار من شأنه أن يساعد الدولة الخليجية على الاستثمار فى امريكا اللاتينية.
ولم تكن قطر فقط التى تغزو إسبانيا فى صمت، إنما أيضا إيران، التى تسللت إلى الأحزاب السياسية الإسبانية، ووفقا للتحقيقات قدمت إيران الكثير من الأموال إلى حزب بوديموس اليسارى الذى ظهر فجأة وبقوة كمنافس جديد فى الساحة السياسية الإسبانية.
وكشفت تحقيقات الشرطة الإسبانية حول تمويل إيران لحزب بوديموس الإسبانى اليسارى، عن أن إيران تمول الحزب الإسبانى بـ700 ألف يورو سنويا بشكل غير قانونى، ومنها تمويل الأنشطة السياسية للحزب، وقناة إسبانى تى فى الإسبانية التى تحصل على 2.4 مليون يورو .
وأشارت التحقيقات، إلى أن واحدا من كل 4 يورو ترسلها إيران تذهب إلى قناة إسبان تى فى، ثم إلى الحزب، وقالت مصادر من الشرطة الإسبانية لصحيفة إيه بى سى الإسبانية، إن "المال الذى يأتى من طهران يذهب تقريبا بالكامل لشركات الإنتاج السمعى البصرى الإيرانية فى إسبانيا والتابع لبابلو إيجلبيسياس رئيس حزب بوديموس.
وأكدت المصادر، على أنه منذ حكومة محمود أحمدى نجاد تم إنشاء قناة اسبان تى فى فى 2012، وحتى 2015 طهران حولت حوالى 9.5 مليون يورو إلى الشركة السمعية البصرية الإيرانية 360Global Media الخاصة فى إسبانيا، أى أن تقريبا 25% من الأموال الإيرانية تخصص لحزب بوديموس بشكل قانونى ولكن 93 ألف يورو تذهب بشكل مباشر إلى بابلو إيجليسياس لتقديم برنامجه فورت اباتشى فى قناة اسبان تى فى بشكل غير قانونى.
وأكدت التحقيقات شكوك وحدة مكافحة الجريمة الاقتصادية والمالية التابعة للشرطة الإسبانية بالتحقيق حول حقيقة تمويل إيران لحزب بوديموس اليسارى الإسبانى، بطريقة غير قانونية عن طريق شركات للإنتاج السمعى البصرى الإيرانية فى إسبانيا، وستقوم الشرطة الإسبانية بإرسال تقرير إلى المدعى العام لمكافحة الفساد، لكى تقوم النيابة العامة بالإجراءات القضائية ضد قادة حزب بوديموس.
ومن ناحية آخرى، نفى بابلو إيجليسياس نفيا قاطعا أن الأموال الإيرانية لتمويل الأنشطة السياسية، مؤكدًا على أنها اقتصرت على إنتاج برنامج تلفزيونى "فورت أباتشى" الذى يقوم بتقديمه.
ووفقا لمصادر آخرى فقد بدأت الشرطة فى اتخاذ إجراءات وقائية من إمكانية وجود غسيل أموال لدى شركة الإنتاج السمعى البصرى جلوبال ميديا 360، وبدأت التحقيق حول هذا الشأن خاصة كيفية وصول الأموال بشكل غير قانونى من إيران إلى مدريد، والذى من الممكن أن يكون السبب هو تجنب العقوبات الدولية التى فرضت على إيران.
وأوضحت الصحيفة، أن الشرطة الإسبانية بدأت تحقيقتها فى وقت مبكر ولكن لم ترغب فى الإعلان عن ذلك قبل انتخابات 20 ديمسبر الماضى لتجنب اتهامها بالتدخل فى الحملة الانتخابية للأحزاب ومحاولة التشويش على التصويت، مضيفة أن الاستخبارات الإسبانية تلقت وثائق أثبت أن إيجليسياس استفاد من مدفوعات مباشرة من الشركة السمعية البصرية الإيرانية 360 Global Media الخاصة فى إسبانيا".
وكشفت التحقيقات، عن أن "شركة 360Global Media، وبقية شركات زاده عظيمى (رجل أعمال إيرانى)، كانت تعطى فواتير مضخمة منذ عام 2013، لشركات تابعة لزعماء بوديموس، مقابل تقديم خدمات وهمية فى المجال السمعى البصرى، وتحويل المساعدات إلى الحزب بشكل غير قانونى، وقد استفادت هذه الشركات التابعة لقادة حزب بوديموس بحوالى 5 مليون يورو.
وأضافت الصحيفة، أن معظم التحويلات المالية تأتى من شركات مقرها دبى وبيروت وهونج كونج ولندن.
ويذكر أن قانون تمويل الأحزاب الإسبانية يحظر تلقى أى حزب تمويل يتعدى الـ100 ألف يورو من أى حكومة أجنبية، وتصل العقوبة إلى 4 سنوات سجن وغرامات تصل إلى 5 أضعاف المبلغ.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة