فى مؤتمر الشباب الشهرى بالإسماعيلية إبريل الماضى، أطلق الحضور دعوة لشباب العالم للالتقاء فى منتدى دولى على طاولة الحوار لمناقشة قضايا العالم بكل الصراحة والشفافية، باعتبار أن هؤلاء الشباب هم قادة الغد، وحاملو شعلة التطوير والتقدم فى مجتمعاتهم، وأنه من المهم أن ينخرطوا فى حوار صريح حول كل القضايا للوصول إلى رؤى تحدد كيف يفكر شبابنا، وها نحن نقترب من المحطة المهمة فى هذه الدعوة، فخلال الفترة من 4 إلى 10 نوفمبر المقبل، تستضيف مدينة شرم الشيخ، مدينة السلام، منتدى شباب العالم تحت شعار «الجميع من أجل السلام والتنمية»، الذى أطلق منظموه هاشتاج «إننا بحاجة للتحدث معا»، وهو ما يؤكد أن الهدف ليس فقط مجرد لقاء يجمع الشباب، لكن الأساس هو أن يحدث تبادل للأفكار والرؤى وصولاً إلى طرح حلول مبتكرة لكل ما يواجه العالم من مشاكل وأزمات.
فنحن اعتدنا أن نسمع من القادة، لكن حان الوقت لنسمع من الشباب، ومن هنا تأتى أهمية هذا المنتدى الذى يرسخ لقاعدة مهمة تسمح للشباب بأن يكون لهم دور فاعل فى كل القضايا الدولية، ويزيد من أهمية المنتدى أن رئاسة الجمهورية وجهت الدعوة لعدد كبير من قادة وزعماء العالم، ليسمعوا آراء وأفكار الشباب، والأهم أن يحدث تفاعل بين القادة والشباب فى حوار لن أكون مبالغا إذا قلت إننا لن نشاهد مثيلا له فى العالم، لأننا رأينا كثيرا منتديات شبابية لكننا لم نر مثل المتوقع أن يحدث فى شرم الشيخ، من حوار مفتوح بين قادة العالم والشباب، وهو ما يعطى لهذا الحدث زخما دوليا كبيرا، وقد سعدت حينما سمعت من أصدقاء كثيرين فى دول عربية وأفريقية رغبتهم القوية للمشاركة للاستفادة مما سيحدث، وهو ما يؤكد أن المنتدى سيحقق نجاحا باهرا، خاصة إذا نظرنا إلى الاستعدادت القوية التى تتم له.
المنتدى، وفقا لما علمته، سيشارك به قرابة الثلاثة آلاف ضيف من مختلف أنحاء العالم ورؤساء دول وشخصيات عالمية، ويجرى التنسيق له بعناية شديدة من جانب رئاسة الجمهورية، التى حددت للقائمين على المنتدى مكانا خاصا بهم، تحول إلى ما يشبه خلية عمل تواصل الليل بالنهار، دون كلل أو ملل، وعمل مكثف ومتواصل لإخراج المنتدى فى أفضل صورة متوقعة، تليق بمصر وبشبابها الذين أخذوا على عاتقهم إنجاح التجربة، وإيصال رسالة قوية للعالم بأن مصر قادرة على أن تقود حوارا دائما بين القادة والشباب، حوارا يحدد مستقبل العالم كله.
قد يكون من المفيد الإشارة إلى أن نجاح هذا المنتدى ينبع أساسا من اهتمام الرئيس عبدالفتاح السيسى به، الذى وضع كامل ثقته فى الشباب منذ إطلاق مؤتمر الشباب بشرم الشيخ، ثم تبنيه لفكرة المنتدى العالمى للشباب، التى كانت مطروحة فى البداية من خلال تخصيص جانب من المؤتمرات الدورية للشباب لمناقشة القضايا الدولية، إلا أن الفكرة تطورت وتحولت إلى منتدى يشارك فيه شباب العالم، وهو ما تحمس له الرئيس وأولى ثقته الكاملة فى شباب مصر، الذى تحمل المسؤولية وأثبت للجميع أنه على قدر المسؤولية، وقرر أن يتحمل كل التفاصيل دون أى معاونة خارجية من أحد، حتى من شركات العلاقات العامة المعروف عنها تنظيم مثل هذه الفعاليات الكبيرة، لكن شباب مصر عكس الجميع، قرروا خوض غمار التحدى، والعمل على إنجاح الفكرة بأيديهم.
نحن إذن أمام عمل مصرى خالص، لكن سيستفيد منه كل شباب العالم، وأتوقع أن تكون التجربة محل دراسة وتوثيق من الدول التى سيشارك شبابها وقادتها فى المنتدى، خاصة فى التنظيم واختيار الموضوعات المطروحة للنقاش، بما سيجعل المنتدى محققا لأهدافه السياسية والاقتصادية التى تبعث برسالة للجميع بأن مصر قادرة على العمل، لامتلاكها القدرة على العمل، طالما تحمل الشباب المسؤولية، فهم على قدر المسؤولية، ولديهم من الأفكار ما يكفى لإنجاح أى فعالية دولية.
المنتدى سيكون فرصة مناسبة لفتح حوار حول قضية مهمة، وهى كيف يصنع العالم قادة المستقبل؟ وهل العالم قادر على أن يُخرج مفكرين وشعراء وفنانين مثلما كان الحال فى الماضى وسط هذا التقدم التكنولوجى المتسارع؟ وكيف تؤثر الفنون على تراجع مد التطرف والإرهاب ؟.. وغيرها من الأسئلة المهمة التى سيكون النقاش حولها ثريا فى ظل تعدد التجارب الدولية فى هذا الشأن، خاصة فى ظل توقع مشاركة عدد من رموز المال والأعمال والفن والثقافة والرياضة والتكنولوجيا والبحث العلمى داخل مصر وخارجها، وأيضا كيانات تنتمى للشباب أو تناصر التواجد الشبابى، مما يمثل تنوعا فى قائمة المشاركين ويسهم فى إثراء النقاش وتوسعة إطاره وأفقه.
بكل ثقة أستطيع تأكيد أن المنتدى سيحقق النجاح المنتظر منه، وسيكون نواة لمنتدى دولى ينظم بشكل سنوى، وسيعطى فرصة لشباب مصر لأن يعبروا عن أولوياتهم ورؤاهم تجاه القضايا المحلية والإقليمية والدولية، وفرصة جيدة لكى يستمع المصريون لما يطرحه شباب العالم من قضايا للتوصل إلى رؤية مشتركة حيال أبرز القضايا العالمية مثل أهدف التنمية المستدامة 2030 والتغيير المناخى، والصراعات وتحديات السلام، والمشكلات التى تواجه أفريقيا، وحوار الثقافات وتعزيز قيم التسامح، وفتح باب العمل أمام الشباب، ومواجهة التطرف والإرهاب، وريادة الأعمال والتمكين الاقتصادى للشباب.