من واقع التحولات التى تتم ببطء فى المنطقة، يمكن تصور أشكال جديدة من الترتيبات سوف تظهر نتائجها بعد شهور. تلقى تنظيم داعش فىالعراق هزيمة، وفر مقاتلوه من الموصل وديالى، لكن بدأ فصل آخر عندما أعلن الأكراد الاتجاه للانفصال بتنظيم استفتاء وبدأت مواجهة بين الجيش العراقى والأكراد حول كركوك.
وفى سوريا انتهى تنظيم داعش وخرج من الرقة، لينتقل إلى دير الزور التى تمثل آخر ملاذات لداعش، وهناك تقارير عن أن داعش خسر 6 آلاف مقاتل خلال الشهور الأخيرة، فى سوريا والعراق، فيما ظهر أنه بداية النهاية للتنظيم الذى احتل الواجهة خلال سنوات.
كان تنظيم داعش أحد أهم نتائج غزو أمريكا للعراق، عندما انتقل جزء من تنظيم القاعدة، بقيادة أبو مصعب الزرقاوى، وبعد اغتياله، انقسم التنظيم وتشكل داعش، وكان ظهوره هو والنصرة وغيرهما ثمن انتهاء القاعدة، واليوم يبدو أن هناك ثمنًا جديدًا بعد داعش.
عندما نشأ تنظيم القاعدة كان هذا ضمن أخطر فصول الحرب الباردة بين الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد السوفيتى، وقادت أمريكا الدول الإسلامية لدعم وتدريب المقاتلين الأجانب الذين تدفقوا على أفغانستان للجهاد ضد السوفيت، وقدمت الدول الإسلامية أموالا بسخاء فيما تولت «السى آى إيه» تدريب المقاتلين، وتم تدعيم ميليشيات وتنظيمات، على رأسها كان «القاعدة»، الذى حظى بدعم واسع حتى انتهت الحرب وانهزم السوفيت وربحت أمريكا الجولة الحاسمة، وانهار الاتحاد السوفيتى.
انسحبت الولايات المتحدة وحلفاؤها من المشهد الأفغانى ولم تنشغل بمصير عشرات الآلاف من المقاتلين وأطنان من الأسلحة الروسية والأمريكية التى أصبحت فى حوزة مقاتلين انتشوا بالانتصار على السوفيت. كما انشغلت الدول العربية والإسلامية، وبدأت صراعات الميليشيات على السلطة فى أفغانستان وانتهت لـ«طالبان» التى تحالفت مع «القاعدة» بقيادة أسامة بن لادن.
ومع الوقت اتسع تنظيم القاعدة، وتعرضت الدول التى ساندت المجاهدين لمواجهة السوفيت لهجمات من حليفها المنسى فى أفغانستان، شهدت مصر والسعودية واليمن وباكستان هجمات إرهابية، وتعرضت سفارات أمريكا فى عاصمتى كينياو تنزانيا نيروبى ودار السلام لهجمات القاعدة فى صيف 1998، ثم تعرضت بعض المصالح الأمريكية للهجوم، وبلغ الصدام ذروته فى 11 سبتمبر، حيث تم تدمير البرجين، وأعلن أسامة بن لادن مسؤولية القاعدة، لتتوالى الأحداث.
شنت أمريكا برئاسة جورج دبليو بوش حربها على أفغانستان لإسقاط طالبان، وغزو العراق لتبدأ مرحلة جديدة من حرب ساخنة وباردة، بعد سقوط بغداد، مثل قرار الحاكم الأمريكى للعراق بول بريمر بحل الجيش العراقى مقدمة لتفاعلات ما بين عسكريين محترفين فى جيش العراق مع تنظيم القاعدة، مع أموال خليجية ودعم تركى وصمت أطلسى، كان هناك أطراف تراهن على أن داعش يمكن أن يمثل أحد عناصر التقسيم وإعادة الترتيب فى المنطقة، وظهر أبوبكر البغدادى فجأة، واختفى من شهور، وسط أنباء متضاربة عن وضعه.
ومع الأنباء عن قرب انتهاء داعش، هناك توقعات بظهور أشكال جديدة من التنظيمات، فضلا عن أطراف سوف تدفع ثمن نهاية داعش، ضمن فاتورة إقليمية جديدة.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة