مهزوماً منكس الأعلام، خرج مسعود برزانى، من مغامرة الاستفتاء على إنفصال إقليم كردستان العراق، يوم الخامس والعشرين من سبتمبر الماضى، التى لم يكتب لها النجاح فقط، بل أعادت حدود إقليم كردستان العراق، سنوات طويلة إلى الوراء بعد أن أحكمت القوات العراقية الاتحادية سيطرتها التامة والمطلقة على مناطق كان يجرى النزاع عليها وعلى رأسها كركوك الغنية بالنفط.
فى ضوء هذا المتغير الإستراتيجى فى إقليم كردستان العراق، وفى ضوء الهزيمتين السياسية والعسكرية التى مُنى بها برزانى، نحاول تصور سيناريوهات إنتقال السلطة بالإقليم فى الأسابيع القليلة المقبلة.
السيناريو الأول.. استقالة برزانى وتنحيه عن السلطة
يقوم هذا السيناريو على تخيل الحالة السياسية والعسكرية التى يبدو عليها رئيس الإقليم مسعود برزانى الذى كان مقاتلاً فى صفوف البيشمركة فى الأساس قبل أن يترك قمم الجبال وينزل إلى ميدان السياسة، وليس من المتخيل أن يحكم برزانى قبضته على مقاليد الأمور بعد الآن.
برزانى
ويتكئ هذا السيناريو على إحساس برزانى بالامتعاض الكبير الذى يكتنف الأجواء الكردية وحالة الاستياء التى تعم إقليم كردستان، فى أعقاب "خسارة ما يعادل نصف أراضى الإقليم"، بعد أن إستعادت القوات العراقية السيطرة على المناطق التى كانت تحت سيطرة البيشمركة فى محافظة كركوك، وفقا لآراء غالبية الساسة الكرد فى هذا الظرف.
عليه فإن المرجح بشدة أن يتقدم برزانى باستقالته وتنحيه عن منصبه مطلع نوفمبر المقبل وهو الموعد الذى كان محدداً بالأساس لإختيار رئيس جديد للبلاد، فى ظل تقارير كردية تحدثت عن سوء الحالة النفسية للرئيس برزانى وترديها بعد أن تخلى عنه كل حلفائه فى ضوء الهزيمة المتوقعة (كان الجميع يتوقع هذا المصير إلا برزانى نفسه).
السيناريو الثانى.. إنقلاب ناعم بالتعاون بين الإتحاد والتغيير
يتمحور هذا السيناريو على ترجيح أن تقود حركات وطنية على رأسها أطراف من حزب الاتحاد الوطنى الكردستانى وحركة التغيير التى يقودها عمر سيد علي، حركة إنقلاب بيضاء تستهدف تحييد مسعود بارزانى وأتباعه وفرض الأمر الواقع عليهم فى ما تبقى للكرد من إقليم كردستان العراق.
حركة التغيير
وتدعيماً لهذا السيناريو تحدث رئيس الوزراء العراقى مع العاهل السعودى الملك سلمان بن عبد العزيز عن هذا الأمر خلال زيارته للسعودية الأخيرة، ولذلك تجرى إتصالات بين الكرد مع كل من موسكو وطهران وأنقره إلى جانب بغداد لإنجاز عملية تشكيل القيادة الكردية الجديدة، المتوقع أن تتسلم مقاليد السلطة فى مرحلة ما بعد برزانى.
ولذلك ولأسباب أخرى دعت حركة "التغيير" يوم الأحد الماضى إلى إستقالة رئيس الإقليم مسعود بارزانى وتشكيل حكومة إنقاذ وطنى تتولى الحوار مع بغداد وتنظيم الانتخابات، وهو ما جاء على لسان شورش حاجى عضو الهيئة التنفيذية للحركة الذى طالب بارزانى صراحة بالاستقالة، وهو تطور علنى يميط اللثام عن أهمية هذا السيناريو.
السيناريو الثالث.. انقلاب مكتمل يقوده ملا بحتيار
يستند هذا السيناريو على قوة "ملا بختيار" القيادى الكبير فى حزب الاتحاد الوطنى الكردستانى الذى كان قريباً من الزعيم الإيرانى آية الله الخمينى والزعيم الفلسطينى ياسر عرفات فى سبعينيات وثمانينيات القرن الماضى، والرجل الموثوق بشدة من جانب الزعيم الراحل جلال طالبانى ويحظى بشعبية وقدرة هائلة على التأثير فى السليمانية، العاصمة الثقافية فى إقليم كردستان العراق.
ملا بختيار
وفى زيارة لنا مؤخرا إلى السليمانية تحدثنا مع الملا بختيار واستطلعنا موقفه من الاستفتاء وقال لنا: "وصلنا الآن إلى كل ما نريد وأكثر ومن الحكمة عدم الذهاب إلى يوم 25"، وكان هذا الحوار الجانبى يوم 16 سبتمبر، أى قبل الاستفتاء بأكثر من أسبوع.
المؤكد أن الملا بختيار وهو مقاتل سابق فى صفوف قوات البيشمركة لو قاد حركة انقلاب ضد رئيس الإقليم مسعود برزانى فإنه سوف يحظى بتأييد واسع النطاق خاصة من الحركات الكردية الأخرى خارج الحزب الديمقراطى الكردستانى وربما من بعض الأصوات المعارضة داخل "البارتى".