ألقى الوزير المفوض عمرو الجويلى نائب مساعد وزير الخارجية لشئون الأمم المتحدة كلمة وزارة الخارجية فى الاحتفال الذى عقدته الجمعية المصرية للأمم المتحدة بمناسبة يوم الأمم المتحدة. ووجه التحية لمجلس إدارة وأعضاء الجمعية على الجهد الذى تبذله لتعزيز التعاون بين مصر وبين مختلف هيئات وبرامج الأمم المتحدة، خاصة على الصعيد الأهلى ومن خلال المجتمع المدنى؛ لما له من أهمية فى التواصل بين الشعوب والثقافات، منوهاً إلى الحرص على تنشيط التعاون مع الجمعية من خلال المائدة المستديرة التى نظمتها اللجنة الثقافية للنادى الدبلوماسى المصرى بالتعاون مع كل من مكتب المنسق المقيم للأمم المتحدة فى مصر والجمعية المصرية للأمم المتحدة والتى جمعت جميع اللجان المنظمة والقائمة على مؤتمرات نماذج الأمم المتحدة فى الجامعات والمدارس المصرية، فى إطار من التفاعل مع الشباب، منوهاً إلى تنظيم نموذج الأمم المتحدة فى إطار منتدى شباب العالم الذى سيعقد فى شرم الشيخ خلال أسبوع من اليوم، من ٤ إلى ١٠ نوفمبر المقبل.
ونوه الوزير المفوض عمرو الجويلى أن احتفال هذا العام بيوم الأمم المتحدة يأتى على مشارف انتهاء فترة عضوية مصر المنتخبة فى مجلس الأمن، بعد عامين من الإسهام المتواصل فى أعمال المجلس، مبرزاً إن الإطار الرئيسى الذى حكم إسهام عمل مصر فى المجلس هو كونها أحد الأعضاء الأفارقة الثلاثة فى المجلس، والعضو العربى الوحيد، وأحد أعضاء تشاور حركة عدم الانحياز، بما جعلها تضطلع ليس فقط بدورها الأصيل فى تقديم رؤيتها الوطنية، بل أيضاً بدور نيابى عن تلك المجموعات الجغرافية والسياسية التى تنتمى إليها؛ ولهذا السبب فقد نشطت مصر فى تحفيز دور الدول العشرة المنتخبة فى عضوية المجلس فى الطرح المشترك لقرارات المجلس بدلاً من اقتصارها على الدول "أصحاب قلم الصياغة" التى هى تقليدياً من الدول دائمة العضوية. وأوضح أن مصر حرصت على أن تكون المشاركة فى طرح مشروعات القرارات، ولو تدريجياً، مفتوحة لجميع الدول الأعضاء فى المجلس ليرسخ ذلك توسيع ملكية اتخاذ القرارات بحيث تتماشى مع المسئوليات الأخرى التى تضطلع بها الدول المنتخبة، وأهمها رئاسة الهيئات واللجان الفرعية للمجلس، والتى تختص مصر وحدها برئاسة ثلاث منها وهى لجنة مكافحة الإرهاب ولجنة عقوبات مجلس الأمن المعنية بكل من الكونغو الديمقراطية والعراق. وأبرز نائب مساعد وزير الخارجية لشئون الأمم المتحدة ان ذلك الإسهام كان خطوة هامة فى إصلاح أساليب عمل مجلس الأمن، بغية جعله أكثر انفتاحاً ليس فقط أمام أعضائه الخمسة عشر، بل أيضاً فى تعزيز الشفافية بشكل عام لكى تكون أعماله أكثر إتاحة أمام عضوية الجمعية العامة ككل، بما يضيف لبنة تعزز من ديمقراطية صنع، وتدرجياً اتخاذ، القرار؛ وليس أدل على ذلك أن عدداً من القرارات التى طرحتها مصر على المجلس حازت على تبنى ورعاية مشتركة من عدد كبير من الدول الأعضاء فى الجمعية العامة، فاقت ثلث عدد العضوية العامة؛ كالقرار الذى اعتمده المجلس بالإجماع لمكافحة الخطاب الإرهابى بناء على مبادرة، وتحت رئاسة، مصر الثانية للمجلس فى أغسطس ٢٠١٧؛ والذى جاء ليتوج عام كامل من عمل المجلس بعدما طرحت مصر الفكرة خلال رئاستها الأولى فى مايو ٢٠١٦.
كما تناول الوزير المفوض عمرو الجويلى دور وفد مصر لدى الأمم المتحدة النيابى كأحد ممثلى القارة الأفريقية الثلاثة فى مجلس الأمن، حيث احتلت القضايا الأفريقية الأولوية خاصة على ضوء كونها الدولة الأفريقية الوحيدة حالياً ذات العضوية المتزامنة فى كل من مجلس الأمن الأممى، ومجلس السلم والأمن الأفريقي. ومن هنا، فقد حرصت مصر على تنظيم نقاش مواضيعى حول بنية السلم والأمن الأفريقية تحت رئاسة مصر الأولى للمجلس، كخطوة رائدة نحو بحث التعاون فيما بين المنظمتين على الصعيد الكلى لتسوية النزاعات، بدلاً من النظرة الجزئية التقليدية التى كانت تقتصر فى الأساس على حفظ السلام، أخذاً فى الاعتبار تقدم بنية السلم والأمن الأفريقية وتكامل عناصرها، وأهمية الدفع بأن تتواكب الآليات الأممية لتُشكل هى أيضاً بنية متكاملة للسلم والأمن؛ تمهيداً لبحث كيفية تكامل تلك البنيتين فى الاضطلاع بدورهما فى صيانة السلم والأمن الدوليين. وأضاف أنه على الصعيد العربى، فقد انعقد، تحت رئاسة مصر الأولى لمجلس الأمن، اجتماع تشاورى مشترك بين مجلس الأمن الأممى ومجلس جامعة الدول العربية، ليكون الاجتماع الأول بين مجلسى المنظمتين رغم إنشائهما منذ أكثر من سبعين عاماً، وليصبح اللبنة الأولى نحو دراسة آلية مستقرة دورية للتشاور فيما بين المجلسين، على غرار تلك القائمة بالفعل مع الاتحاد الأفريقى. وذلك جنباً إلى جنب مع المشاركة النشطة لوفد مصر فى نيويورك لمتابعة القضايا العربية المطروحة على جدول أعمال مجلس الأمن.
وأشار "الجويلى" إلى أنه بجانب الأولويات فى إطار المجموعات الجغرافية الإقليمية والسياسية التى تنتمى لها مصر، كانت هناك أولويات موضوعية تمثلت أساساً فى قضايا مكافحة الإرهاب وحفظ السلام، موضحاً أنه فبالنسبة لمكافحة الإرهاب، كان لوفد مصر الريادة فى طرح موضوعات جديدة لم يسبق أن يتناولها مجلس الأمن فى هذا الصدد، مثل مكافحة الأسس الفكرية التى تستند إليها الأعمال الإرهابية، وهو ما أطلقته رئاسة مصر الأولى لمجلس الأمن فى مايو ٢٠١٦، وكللته بالقرار ٢٣٥٤ الذى اعتمده المجلس فى مايو ٢٠١٧. أما الإسهام الثانى الرئيسى، فكان فى الدفع باستكمال جميع أضلاع مثلث مكافحة الإرهاب، حيث كان المجلس قد ركز من قبل على مكافحة المقاتلين الإرهابيين الأجانب من جانب ومكافحة التمويل من جانب آخر، إلى أن جاءت مبادرة مصر بإصدار المجلس القرار ٢٣٧٠ تحت رئاستها فى أغسطس ٢٠١٧ لمنع وصول الأسلحة إلى الإرهابيين، ليستكمل الضلع الثالث من المثلث. واستطرد نائب مساعد وزير الخارجية مشيراً إلى أن الأولوية التى احتلتها أيضاً موضوعات حفظ السلام؛ من منظور شامل وهو الربط بين جميع مراحل التصدى للصراعات، بدءاً بجهود الوقاية وصنع السلام، مروراً بحفظ السلام، وانتهاء ببناء السلام. وأبرز أن تنظيم رئاسة مصر للمجلس لنقاش عام حول الربط بين عمليات حفظ السلام ومفهوم استدامة السلام مثل نقطة انطلاق لمجلس الأمن لبحث الأفكار العديدة المطروحة حول إصلاح وتطوير بعثات السلام وآليات الأمم المتحدة المرتبطة بها، خاصة الدمج بين مفهوم "البعثات السياسية الخاصة" و"بعثات حفظ السلام"، بحيث تتكامل موارد سكرتارية الأمم المتحدة دعماً لجهود تسوية شاملة للصراعات الدائرة. كما كان الاجتماع الوزارى الأول الذى استضافته مصر بداية للتفكير فى طرح مفهوم ترابط آليات السلم والأمن كونه عقد تحت عنوان يتطرق لتواصل استجابة مجلس الأمن لحل الصراعات فى إطار "بنية السلم والأمن الأممية"، باعتبار أن تلك التسمية دالة فى حد ذاتها كونها تنظر إلى آليات وموارد الأمم المتحدة بشكل متكامل، لا متنافس، يعظم من تأثيرها الفعلى.
ولفت "الجويلى" إلى أن مساهمة مصر فى مجال حفظ السلام لم تقتصر على الجوانب المفاهيمية، على أهميتها، فقد جاء ارتقاء ترتيب مصر ضمن الدول المساهمة بقوات وعناصر شرطية خلال سنتى عضوية مصر فى مجلس الأمن ليعكس التزامها بترجمة دورها النشط على الصعيد السياسى فى مجلس الأمن الجمعية العامة إلى أفعال على الأرض وميدانياً. فخلال هاتين السنتين وتحديداً من سبتمبر ٢٠١٥ إلى سبتمبر ٢٠١٧، ارتقى ترتيب مصر من الـ١٦ إلى الثامن أممياً، ومن الثالث إلى الثانى فرانكفونياً، ومن التاسع إلى الرابع أفريقياً، ومن الثانى إلى الصدارة عربياً، ومن الرابع إلى الثانى شُرَطّياً. وتزامن مع ذلك التزام بتوسيع المشاركات النسائية حيث تضاعف عدد الشُرَطيات حافظت السلام أربع مرات خلال تلك الفترة، كما أنه جارى الإعداد لنشر أول ضابطة مراقبة عسكرية مصرية فى تاريخ المشاركات، لذا فقد تُرجم التزام مصر بدعم حفظ السلام الأممى باقتران الأقوال بالأفعال، وامتدت القرارات من على منصة المداولات بمجلس الأمن والجمعية العامة إلى ميدان المشاركات بالقوات والأفراد.
من جانب آخر، أكد الوزير المفوض عمرو الجويلى أن مساهمات مصر امتدت من مجال حفظ السلام لتشمل باقى الركائز الثلاث لعمل للأمم المتحدة، بما فى ذلك ركيزتى العمل الإنسانى والتنموى، حيث تتعدد أشكالَ تعاون مِصر مع منظومةِ الأُمم المُتحدة لدعمِ جهودِ التنميةَ على مُستوى الإقليم لتشمل استضافة نحو 15 مكتباً إقليمياً تابعاً للمُنظمة وبرامِجها المُختلفة، فى دليلٍ على الدعم الذى تلقاهُ هذهِ المكاتِب من مِصر، وتعبيراً عن إدراك الأُمم المُتحدة لطبيعةِ الدورِ الهام الذى تلعبهُ مصر فى تحقيق أهداف ومقاصد المُنظمة ومِحورية مركزِها على الصعيدين الإقليمى الدولى. ونوه إلى إن العالم اليوم يشهد مرحلة جديدة فى مجال التعاون الإنمائى، تقوم على تعزيز الشراكة العالمية لتحقيق التوازن المنشود بين تحقيق التنمية المستدامة بأبعادها الثلاث؛ البيئية والاقتصادية والاجتماعية والعائد منها فى سياق تبلورت ملامحه بشكل أساسى من خلال أجندة التنمية 2030، وثيقة أديس أبابا لتمويل التنمية، واتفاق باريس لتغير المناخ، وترتيبات “ما بعد بالى”. وأكد، فى هذا السياق، أن الحقوق الاقتصادية والاجتماعية ترتبط ارتباطاً أصيلاً بأجندة التنمية 2030، حيث تُعد مبادئ العدالة والإنصاف، والحق فى التنمية ضمانات رئيسية لتعزيز جهود تحقيق أهداف التنمية المستدام. وذلك بأن حقوق الإنسان عالمية وغير قابلة للتجزئة ومترابطة ومتشابكة، وأنه يجب على المجتمع الدولى أن يعامل حقوق الإنسان على نحو شامل وبطريقة منصفة ومتكافئة، وبنفس القدر من الاهتمام، بما فى ذلك الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية للمواطن التى لها ذات أهمية الحقوق المدنية والسياسية، بل هى الضمانة الأساسية لتحقيق التنمية المستدامة.
وأضاف نائب مساعد وزير الخارجية أن مصر تؤكد على أهمية تركيز التوجه الدولى نحو تعزيز البعد التنموي، ودعم دور الدولة فيما يتعلق بحيز السياسات المطلوبة لضمان تحقيق التوازن بين الأبعاد الثلاثة للتنمية المستدامة، وتعزيز الملكية الوطنية للتنمية، ونقل تكنولوجيا، وبناء القدرات، وحشد وتعبئة الموارد المطلوبة. وسلط “الجويلى” الضوء فى هذا الصدد على أهمية الدعم الدولى من أجل جهود الدول النامية لتحقيق التنمية المستدامة، وأن المعونات التنموية الرسمية ستظل الإطار الأساسى للتعاون الدولى فى مجال دعم جهود الدول النامية، وأن التعاون جنوب-جنوب والتعاون الثلاثى هى آليات مكملة وليست بديله للتعاون جنوب – شمال.
واختتم الوزير المفوض عمرو الجويلى كلمته مبرزاً أن مصر ستضطلع مرة أخر بدور ريادى فى هذا الصدد إذ ستترأس مصر مجموعة الـ٧٧، التى تعتبر أكبر مجموعة تفاوضية فى الأمم المتحدة تضم ١٣٤ دولة، بدءاً من يناير المقبل، فى مرحلة دقيقة إذ ستشهد المناقشات الخاصة بإصلاح العمل التنموى والإصلاح الإدارى للأمم المتحدة، وهما المجالان اللذان تتفاوض فيهما الدول النامية فى منتدى موحد، ألا هو مجموعة الـ٧٧. وأعتبر “الجويلى” أن الدور الرائد الذى قامت به مصر فى مجلس الأمن لطرح رؤيتها الوطنية ومهامها النيابية كعضوة فى تشاور عدم الانحياز وكإحدى الدول الأفريقية الثلاث وكالدول العربية الوحيدة بالمجلس فى تلك الفترة، ممتد العام القادم مرة أخرى من خلال صياغة الموقف الموحد للدول النامية تجاه مسارى الإصلاحى التنموى والإدارى للأمم المتحدة كرئيسة لمجموعة الـ٧٧.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة