«شفت المذيعة وهى بتحلق شعرها على الهوا؟ طيب شفت المذيعة وهى طالعة مضروبة فى وشها ومتعورة، وبعدين قالت للجمهور ضحكت عليكم؟». شفتها وهى بتزغرد وزميلتها وهى بتشترى عيل صغنن.. وتذهب للنيابة ويتم التحقيق معها، لتصبح مادة فى صفحات الحوادث مثل زميلتها التى ظهرت وهى تشم على الهواء حتى تهاجم الشم وتحذر من خطورته، وأخرى ابتكرت حيلة أن يطلقها زوجها على الهواء أثناء الحلقة لتنشر المقطع على مواقع التواصل وتصبح مشهورة». هذا هو حال بعض المذيعات والمذيعين فى بعض القنوات الفضائية التى تعانى من انصراف الجمهور فتبحث عن «فضيحة» تجذب بها الجمهور، تجتهد المذيعات وكل واحدة منهن تعتقد أنها تقدم مغامرة صحفية وتشتهر وتسجل اسمها بأحرف من «تهجيص».
مثل هذه المذيعة تبحث عن مكان وسط الزحام ونجومية ولو على طريقة نوم العازب وعجين «المذيعة»، لكن هناك عددا آخر من الزملاء الإعلاميين يحرص كل واحد منهم على ابتكار أى موقف أو مشهد ليوضع على مواقع التواصل، مع الحرص على أن يكون المشهد دراميا، مذيع يطرد ضيفه من الاستديو، وآخر يسخن ضيوفه ليتعاركا ويتبادلا الضرب بالبونيات والشلاليت، أو يستضيف مختلا يبرر التحرش ويحرض على مطاردة الفتيات فى الشارع، ويقول «لو بنتى لبست بنطلون مقطع اغتصابها واجب وطنى»، ناهيك عن حلقات تحضير الأرواح والعفاريت، وفتاوى أكل لحم الجن وشرب بول الإبل والتحلية بكنافة السلحفاة.
لا يمكن تصور أن المشاهدين انتهوا من كل مشكلاتهم ولم يبق لهم إلا البحث عن طريقة لأكل لانشون الجن وبسطرمة العفريت والفرق بين الجن العادى والمصور.
والحقيقة أن كل برامج تقطيع الهدوم والضرب على القفا، تدخل ضمن المنافسة للبقاء فى دوائر الضوء والصوت ومواقع التواصل، حتى ولو عن طريق كل ما هو غريب ومثير للهرش من فتاوى ومناقشات وجدل عقيم لا يسمن ولا يغنى من جوع.
وهذا نوع من البضاعة الإعلامية تسعى بعض القنوات لترويجه بحثا عن النجومية فيبحثون عن كل ما هو غريب ومثير. فالسيدة المذيعة التى تضرب نفسها أو تقص شعرها، أو تحصل على الطلاق، وتشرب حشيش وتشم كله على الهواء، لم تكن تجد طريقها للشهرة، ما لم تمارس اللطم على الهواء.
ومن الواضح أن برامج الضرب والطرد والعفاريت، هدفها تسجيل الشهرة والنجومية بناء على نصائح أقسام التسويق، وأن يصبح المذيع من هؤلاء «كاراكتر» ليشتهر أكتر، ولا أحد يتوقف ليعرف ماذا كان موضوع الحلقة وما هو الموضوع الذى تريد المذيعة أن تقدمه للناس، لا أحد يهتم بغير النميمة والتعليقات حتى لو كانت فى سياق السخرية والهجوم، المهم أن اسم الكاراكتر أصبح معروفا على ألسنة المعلقين.
قبل فترة لجأت ممثلة كومبارس لحيلة جهنمية، كانت تعانى من التجاهل، اتفقت مع زميلات لها على «فيس بوك» أن يرتبوا شائعة اختفائها وموتها، ثم عادت من موتها لتصبح نجمة لمدة يومين وتعود إلى الموت الفنى.
بعض برامج قص الشعر وضرب القفا، وطرد الضيوف تنجح لتحتل المذيعة أو المذيع مكانا فى سجلات الشهرة، ولو ليوم أو أيام، وتعود لتبحث عن طريقة جديدة، حتى لو كانت بطح رأسها.
ويدخل فى سياق شهرة «الكاراكتر» مثقفون ومعلقون يعانى الواحد منهم انصراف الناس، فيخترع معركة يجذب بها المشاهدين والمتفرجين، ومع أنهم يتعرضون لكل أنواع السخرية يبدون سعداء أنهم مشهورون حتى ولو على سبيل «التهزىء».. واللى مايشترى يتفرج.