أواصل الحديث عن حرب الاستنزاف، التى مهدت لانتصارنا على إسرائيل فى حرب 6 أكتوبر عام 1973:
فى مذكراته «الصراع العربى الإسرائيلى» للفريق عبدالمنعم واصل، قائد الجيش الثالث فى حرب أكتوبر، يذكر أن حرب الاستنزاف، التى بدأ فعليا فى مارس 1969 هى أول حرب تضطر فيها إسرائيل إلى الاحتفاظ بنسبة عالية من القوات الاحتياطية بالتعبئة لمدة طويلة، مما كان له أثر سلبى على معنويات الإسرائيليين والحياة الاقتصادية فى إسرائيل، حيث تعتبر القوات الاحتياطية هى عماد الجيش الإسرائيلى، وهذه القوات فى الحقيقة تكون فى السلم عماد القوة العاملة فى إسرائيل.
يؤكد واصل، أن إسرائيل اضطرت خلال تلك الفترة إلى الاحتفاظ بحوالى 20 لواء فى ذروة حرب الاستنزاف، وهو ما يعادل نصف وعاء التعبئة للقوات البرية وكل السلاح الجوى، واضطرت إسرائيل إلى الدفع بقواتها الجوية إلى المعركة فى محاولة للتأثير على إصرار القيادة المصرية على الاستمرار فى هذه الحرب من خلال الغارات الجوية فى العمق، ثم على أهداف مدنية، يضيف واصل، بدأت حرب الاستنزاف بصدور الأوامر بتدمير دفاعات وأسلحة العدو على الضفة الشرقية للقناة على طول المواجهة مع العدو، وخلال ذلك وبالتحديد فى 9 مارس 1969 استشهد الفريق عبدالمنعم رياض، رئيس أركان حرب القوات المسلحة، الذى كان يراقب القصف من أحد المواقع على الضفة الغربية للقناة نتيجة للقصف المضاد من مدفعية العدو.
يشير واصل باختصار بطولات الأسلحة المصرية المختلفة فى هذه الحرب مؤكدا، أن القوات البرية قامت بالكثير من العمليات على الجبهة، كما قامت الضفادع البشرية من القوات البحرية بالإغارة على ميناء إيلات، وقامت قوات المدفعية بأعمال مجيدة فى تدمير تحصينات خط بارليف وإحباط جهود إنشائه، كما تم تنفيذ هجوم ليلى صامت على لسان بورتوفيق، وقام الدفاع الجوى على الجبهة بالعديد من الكمائن أسقط منها العديد من طائرات العدو، وفى يوم 30 يونيو 1970 أسقط أحد كمائن الدفاع الجوى طائرة هليكوبتر تحمل 13 خبيرا إسرائيليا كانوا فى زيارة للجبهة، وأطلقت إسرائيل على هذا اليوم «السبت الحزين» كما أسقطت كمائن الدفاع الجوى 12 طائرة فانتوم فى أسبوع واحد، وأطلق على ذلك الأسبوع اسم «أسبوع تساقط الفانتوم»، هذا بخلاف الإغارات والكمائن بواسطة القوات الخاصة فى سيناء، التى تصاعدت إلى الإغارة بحوالى كتيبة صاعقة فى منطقة البلاح، تم خلالها قتل العشرات من جنود وضباط العدو، وتدمير العشرات من دباباته ومركباته وعرباته، علاوة على أسر العديد من أفراده والحصول على وثائق وخرائط تحوى معلومات مهمة عن أوضاعه وخططه الدفاعية.
ويشير واصل إلى بطولات سلاح البحرية المصرية أثناء هذه الحرب، مؤكدا أنه كان لها نشاط كبير، حيث قامت الضفادع البشرية بالإغارة على ميناء إيلات الإسرائيلى، كما قامت بتدمير السفينة الإسرائيلية بيت شفيع، وفى عمل انتحارى تم تدمير سفينة أبحاث إسرائيلية فى بحيرة البردويل فى شمال سيناء، وتنفيذ عدة إغارات على خزانات الوقود فى ميناء إيلات، وقامت قوات الخاصة البحرية بتدمير الحفار الإسرائيلى «كينج»، الذى كانت إسرائيل تخطط لاستخدامه فى استخراج البترول من تحت مياه خليج السويس بالحفر المائل، وتم تدمير الحفار أثناء رسوه فى ميناء أبيدجان بساحل العاج فى أفريقيا.