-
المجلس الأعلى للإعلام يقرر عقوبة الغرامة على الموظف الممتنع عن إتاحة المعلومة والسجن حال إتلاف السجلات
بعد سنوات طويلة من المطالبة بضرورة وجود قانون منظم لتداول البيانات والمعلومات فى مصر التى تحتل مرتبة متأخرة بين دول العالم فى حرية الحصول على المعلومة، يبدو أن تقدما سيحدث فى هذا الملف، بعد أن أعلنت اللجنة المعنية بوضع مشروع قانون حرية تداول المعلومات بالمجلس الأعلى لتنظيم الإعلام عن انتهائها من المسودة النهائية لمشروع القانون، والإعلان عن تفاصيله في مؤتمر صحفي للمجلس، الأربعاء المقبل.
مشروعان لحرية تداول البيانات والمعلومات
على جانب آخر هناك مشروع ثانٍ لدى اللجنة العليا للإصلاح التشريعى، والتى كانت تعمل عليه منذ فترة فى عهد تولى المستشار إبراهيم الهنيدى لوزارة العدالة الانتقالية وشئون مجلس النواب، والذى كان وقتها مقرر اللجنة العليا للإصلاح التشريعى، حيث عملت لجنة تشريعات الأمن القومى المنبثقة عن لجنة الإصلاح التشريعى على إعداد مشروع قانون حول حرية تداول المعلومات، وتم رفع المشروع للجنة العليا للإصلاح التشريعى والتى مازالت تعمل على مراجعته بالتنسيق مع الأجهزة المختلفة بالدولة ، وفق ما يقول مصدر باللجنة.
بالتالى لدينا مشروعا قانونين لحرية تداول المعلومات، الأول مصدره المجلس الأعلى للإعلام، والثانى اللجنة العليا للإصلاح التشريعى، وهى كما يلقب بـ "الذراع التشريعى للحكومة"، لكن دون تنسيق بين الجهتين وصولا إلى مشروع واحد متكامل يجمع كل الآراء.
القوانين المصرية تمنع تداول المعلومات.. ودستور 2014 ألزم بإتاحتها
المطالبات بإصدار قانون حرية تداول المعلومات فى مصر لم تظهر فقط بعد ثورة 25 يناير، بل ترجع لسنوات طويلة ، حيث كانت هناك مطالبات حقوقية بضرورة صدور القانون منذ عام 2005 ، لكن دستور 1971 بتعديلاته المختلفة لم يكن يتضمن أى نص على حرية تداول المعلومات فى كافة مواده باستثناء مادة ( 210 ) الخاصة بحرية الصحفيين فى الحصول على الأنباء والمعلومات طبقا للأوضاع التى يحددها القانون.
كما أن معظم القوانين المصرية جاءت بنصوص مانعة لتداول المعلومات، بغض النظر عن الجهة أو الهيئة العامة التى تصدرها، فلم يكن هناك أى إلزام يضغط فى اتجاه صدور هذا القانون الهام، لكن مع دستور 2014 تغير الوضع تماما ، حيث ألزم فى أحد مواده بصدور القانون.
وتنص المادة ( 68 ) على : "المعلومات والبيانات والإحصاءات والوثائق الرسمية ملك للشعب، والإفصاح عنها من مصادرها المختلفة، حق تكفله الدولة لكل مواطن، وتلتزم الدولة بتوفيرها وإتاحتها للمواطنين بشفافية، وينظم القانون ضوابط الحصول عليها وإتاحتها وسريتها، وقواعد إيداعها وحفظها، والتظلم من رفض إعطائها، كما يحدد عقوبة حجب المعلومات أو إعطاء معلومات مغلوطة عمدًا".
و"تلتزم مؤسسات الدولة بإيداع الوثائق الرسمية بعد الانتهاء من فترة العمل بها، بدار الوثائق القومية، وحمايتها وتأمينها من الضياع أو التلف، وترميمها ورقمنتها، بجميع الوسائل والأدوات الحديثة، وفقًا للقانون".
إذاً أصبح هناك إلزام بوجود قانون لتداول البيانات والمعلومات نفاذاً للدستور، وهو ما تؤكد عليه الدكتورة هدى زكريا رئيس لجنة مشروع قانون حرية تداول المعلومات بالمجلس الأعلى لتنظيم الإعلام، حيث أشارت إلى أن حرية تداول المعلومات أصبحت أمرا حتميا تطبيقا للدستور، مضيفة أن مشروع القانون الذى انتهت منه اللجنة يضع مصر فى مسار الدول التى تتيح البيانات والمعلومات بتنظيم تشريعى، بل ما جاء فى المشروع يجعل مصر من أيسر الدول التى تتيح المعلومات.
د.هدى زكريا: المشروع الذى أعددناه ييسر حصول المعلومة عن القوانين الموجودة فى أوروبا وأمريكا
وأوضحت أن اللجنة وهى تضع المشروع اطلعت على تجارب 80 دولة فى إتاحة المعلومات، والتى تطبق بالفعل القانون، وتم تلافى العيوب الموجودة فى هذه القوانين، فعلى سبيل المثال قانون تداول المعلومات فى كثير من الدول يتضمن محظورات كثيرة، ويتم التوسع فى مفهوم الأمن القومى، بعكس ما جاء فى المشروع الذى أعدته اللجنة فالأصل فيه إتاحة المعلومة وعدم التوسع فى التضييق عليها، والأخذ بالمفهوم الضيق للأمن القومى وقصره على الأمور العسكرية والأمنية فقط، كما استبعد المشروع قوائم المحظورات الموجودة فى العالم، وفى مقدمتها أمريكا ودول أوروبا الغربية والشرقية.
ويتضمن المشروع الذى وضعته اللجنة عددا من المميزات، حيث ينظم آلية الحصول على المعلومة، وتشرف على تنفيذ القانون مفوضية أو لجنة يشكلها مجلس النواب، ويتم الحصول على المعلومة من خلال إلزام كل جهة بتصميم "فورمة" لطلب الحصول على المعلومة على الموقع الإلكترونى لها ، ليدخل راغب الحصول على المعلومة ويملأها، ويلزم القانون هذه الجهة فى الرد خلال أسبوع، ويتم المد لأسبوعين فى بعض الحالات، وفى حال عدم الرد يوجد درجتان لتقديم الشكوى، الأولى هى تقديمها للمفوضية أو اللجنة التى سيتم تشكيلها، والثانية تكون أمام القضاء الإدارى.
عقوبات بالغرامة على الموظف الممتنع عن إتاحة المعلومة تصل إلى 20 ألف جنيه
أما عن العقوبات فنص القانون على عقوبة لمن يمتنع عن إتاحة المعلومة بتوقيع عقوبة على الموظف الذى يمتنع عن الإدلاء بمعلومات تتراوح ما بين الغرامة من 5 إلى 20 ألف جنيه، فى حين تصل العقوبة إلى السجن فى حال إتلاف البيانات أو السجلات، أو إعطائه معلومات خاطئة.
وقال مصدر باللجنة التى أعدت مشروع القانون بالمجلس الأعلى للإعلام لـ "اليوم السابع"، إن اللجنة ليس لديها أدنى فكرة عن المشروع الذى تعده اللجنة العليا للإصلاح التشريعى ولا يوجد أى تنسيق معها فى هذا الأمر.
ويقول مصدر باللجنة العليا للإصلاح التشريعى لـ "اليوم السابع "، إن لجنة الأمن القومى التابعة للجنة كانت أعدت بالفعل مشروع قانون لحرية تداول المعلومات ، وأرسلته إلى اللجنة العليا للإصلاح التشريعى لمناقشته ، وقد بدأت بالفعل مناقشات حوله، وتم استطلاع آراء كافة الوزارات والجهات السيادية بشأنه، لكن لم يتم الانتهاء منه.
وقال المصدر إن القاعدة العامة للمشروع هى إتاحة المعلومات ، والاستثناء فقط للمعلومات الخاصة بالأمن القومى ، والمعلومات الشخصية، وحماية الخصوصية، والعلاقات التعاقدية، أو العلاقات المهنية بمعنى الحفاظ على أسرار المهنة مثل علاقة الطبيب بالمريض والمحامى بموكله، إلى جانب التحقيقات القضائية، والتجارب والاكتشافات العلمية.
وأضاف المصدر أيضا أن مشروع اللجنة العليا للإصلاح التشريعى ينص على تشكيل لجنة مختصة بتحديد نوعية وطبيعة المعلومات التى يمكن استثناؤها من الشرط المتعلق بالمدة الزمنية للكشف عنها، مشيرا إلى أن المخاطب من مشروع القانون بالطبع هو أجهزة الدولة.
وتابع أن المشروع أيضا يتضمن عقوبات يحددها القانون على المخالفين، حيث تتراوح العقوبة ما بين الغرامات شديدة الوطأة والعقوبات التأديبية التى تصل إلى الحبس.
80 دولة فى العالم لديها قانون لحرية تداول المعلومات.. والأردن الدولة العربية الوحيدة التى لديها تشريع
وأكد المصدر أن من أهم أهداف القانون ضمان حق الأفراد فى الحصول على المعلومات والمشاركة فى شئون الدولة والالتزام بالكشف عن المعلومات التى تملكها هيئات الدولة وإدارتها، وتنظيم عملية الحصول على المعلومات وتعزيز الشفافية ومحاربة الفساد.
جدير بالذكر أن عدد الدول حول العالم التى لديها قانون لحرية تداول المعلومات بلغ 80 دولة ، والأردن هى الدولة العربية الوحيدة التى أقرت 2007 قانونا يضمن حق المواطنين فى الحصول على المعلومة، فى حين كانت السويد هى أول دولة فى العالم أصدرت قانونا يضمن حق الوصول إلى المعلومات عام 1766 باسم قانون حرية الصحافة.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة