"خلوا بالكم من كل شابة وسيدة وامرأة وانحنوا أمامها، والكلام اللى بقوله مش كلام معسول علشان أرضى بيه الناس، انتبهوا يا مصريين، انتوا اللى علّمتوا الإنسانية وأساس الحضارة ".
لقد لفت نظرى مثل كثيرين من متابعى كلمة الرئيس عبد الفتاح السيسى فى معرض حديثه لمنتدى الشباب العالمى بجلسة تحت عنوان " دور المرأة فى دوائر صناعة القرار "، تثمينه لدور المرأة المصرية على كل المستويات فهكذا قالها صريحة واضحة: "إن المرأة المصرية كانت الأكثر مشاركة ووعيا ودعما لثورة 30 يونيو، وهى من قدمت أبناءها طواعية من أجل مصر والإنسانية، فى الحرب التى نخوضها ضد الإرهاب، مؤكدا أن المرأة المصرية كانت دائما أكثر إدراكا وتحركا فى مجابهة الفكر المتطرف، وخافت على بلدها وأولادها ومستقبلهم فكان تحركها واضحا، وكان يقصد بالطبع بأنهن قدمن أبنائهن وأزواجهن كشهداء تحت الطلب من أجل أن تبقى مصر حية بين الأمم، ومن ثم علينا جميعا أن ننحنى للأم التى ضحت بأبنائها والزوجة التى ضحت بزوجها، والإبنة التى تتحمل تبعات كل ذلك وتحمل على عاتقها مسئولية تربية أجيال قادمة يسيرون على ذات الدرب من التحدى والإرادة .
ولأن للمرأة المصرية دور عظيم، إذ تقوم بدورها فى بيتها وعملها، فقد أضاف السيسى بنبرة تتسم بالحنو البالغ قائلا : "بتشيل الهم وخايفة على بيتها وأولادها .. والرجل يظن إنه عمل كل حاجة عشان بيجيب قرشين وييجى، وأرجو ما يزعلوش منى"، وجاء ذلك فى إطار حديثه عن مسألة تمكين المرأة وتعميق مشاركتها الاجتماعية والسياسية حيث قال : " أن المشكلة التى تواجهها بلادنا أن الرجل قد يكون غير منصف للمرأة، مع إغفال دورها وتقديره المناسب له، متابعا : "الأم هى من صاغت شخصية الرجل، ربنا أراد لهن هذا الدور العظيم" .
الإرادة السياسية ليست كافية لتمكين المرأة، هكذا أشار الرئيس السيسى فى كلمته، لافتا إلى أن فى ظل ثقافة مجتمعية قد تكون حاجبة ورافضة لدور المرأة، مضيفا: "ستكون الإرادة السياسية غير كافية فى ظل هذه الثقافة، لأنه من المستحيل التدخل فى كل منطقة ووزارة وجهة حكومية وفى القطاع الخاص لإنصافها"، مشددا على أن من التحضر إعطاء المرأة دورا، وليس الأمر تفضلا أو مجاملة لها.
وانطلاقا من إنصاف المرأة فى مجتمعنا المصرى والعالم العربى والعالم من حولنا لفت الانتباه إلى ضرورة توفر العدالة الكاملة للمرأة قائلا : أن المرأة موجودة فى كل مكان، وأنها فى كل أنشطتها تقوم بدور أكثر من رائع، سواء فى البيت أو العمل، مستطردا : "المرأة المصرية لها تقدير كبير جدا فى نفسى، واللى يتصور أن اللى بنعطيه للمرأة تفضّل أو كرم من الرجل، فده كلام لا يليق"، وأضاف: "عايزين نكون مجتمع منصف وعادل وأمين، ولازم نكون صادقين مع نفسنا، الرجالة بيتجوزوا ويسيبوا زوجاتهم هما اللى يشيلوا الأولاد، وحتى مش بيبقوا عايزين يساعدوهم، هما اللى بيربّوا، وأنا بتكلّم على بعض النقاط السلبية فى مجتمعنا، مفيش إنصاف، ولو الرجل منصف مش هيعمل كده، فى مصر والدول العربية ثقافتنا حاجبة لدور المرأة، ولازم نغير ثقافتنا تجاه المرأة، ولازم يكون فى جهد من خلال الإعلام والمسجد والكنيسة والتعليم"، مؤكدا أن المرأة لها دور شئنا أم أبينا، وهو دور عظيم فى حياة الأمم، فهى التى تأخذ الأمة إلى الأمام، و"لو تغافلنا الأمة هتضيع".
وقد أضفى الرئيس جانبا من المصداقية على حديثه من خلال تجربته الشخصية فبحنو الأب الذى يدرك المسئولية أكد على أنه مع كل إجراء يدفع بمكانة المرأة وتقديم دورها باحترام وتهذيب، عندما قال متابعا : "كنت عايش مع أسرتى فى منزل، وكل بنت فى البيت كانوا بيقولوا يا ريت يكون بابانا عمو عبد الفتاح، كنت بعمل ده ليس تفضلا واسألوا عن ده، ومعاملة بمنتهى اللطف، لأن ده شكل من أشكال المعالجة الدينية التى أمرنا بها النبى صلى الله عليه وسلم للبنت والمرأة، ولكن ده ما بنعملوش، وده الحد الأدنى اللى حاولت بفهمى لدينى أن أعامل به المرأة حتى أولادى وهما صغيرين، الأولاد كنت قاسى معاهم لكن البنات لأ"، وأشار إلى فعل النبى صلى الله عليه وسلم مع بناته وزوجاته: "النبى بيقول ترفقوا، ودى استراتيجية وتطلع منها عادات وتقاليد تتنفذ، لكن إحنا مش بننفذ، وفيه بعض القرى لا تورث المرأة، إيه الكلام ده؟ ده لازم يتغير إذا كنا بنعرف ربنا".
وفى ذات الاتجاه فقد ذهب السيسى إلى التأكيد مرة أخرى على أن المرأة تعتبر العمود الفقرى فى المجتمع المصرى، بل هى مشارك أساسى فى صنع الحضارة عبر التاريخ، فقد لاحظت خلال كلمته بالجلسة، أن الرئيس عبد الفتاح السيسى ركز على الحديث عن دور المرأة، وامتدح طاقاتها وما قدمته وتقدمه لمصر، مواصلا : "معظم المشاركين معى فى ماراثون الصباح كانوا من السيدات والنساء المتواجدات فى الحكومة، تمكين المرأة ليس فى إعطاء وظائف أو مناصب مهمة، ولكن التمكين هو الاحترام بين أى إنسان أو أى سيدة تسير فى الشارع وليس بتولى المناصب"، وختم حديثه قائلا : أن التمكين الحقيقى للمرأة هو الاحترام الحقيقى والتقدير من جانب الرجل والشاب والفتاة، ثم داعب الحضور قائلا: "المفروض الراجل يحط إيده ورا ظهره وهو بيكلم الست عشان ما تخافش، مش يزعّق ويشتم، وكده الرجالة هيزعلوا منى وإحنا داخلين على انتخابات"، ثم أشار فى النهاية إلى أن لدينا برنامجا متكاملا لإعادة رسم الصورة الحقيقة للمرأة فى مجتمعاتنا، موضحا أن التمكين الحقيقى للمرأة هو الاحترام فى الشارع والعمل والبيت وكل مكان.
إن الرسالة الواضحة والصريحة التى أراد السيسى توصيلها للعالم وللأمم المتحدة على وجه الخصوص، من خلال تركيزه على دور المرأة فى المجتمع تشى باحترامه الكامل لها حين عمد إلى ذكر: "إذا كانت ثقافة المجتمع حاجبة أو رافضة لدور المرأة، فإن الإرادة السياسية وحدها لا تستطيع تغيير ذلك"، وقد بنى تصوراته فى ذلك على أن المرأة هى عماد الأسرة التى صاغت شخصيات أبنائها، لافتا إلى أن إغفال دور المرأة فى الأسرة وعدم تقديره بشكل مناسب، مشكلة تواجه بلادنا، ولعله كان من الشجاعة بمكان عندما اعترف بأننا قد لا نكون منصفين فى تعاملنا مع المرأة فى منطقتنا العربية والإسلامية ومصر، إذا كنا منصفين فإننا لن نتغافل أو نطمس دور المرأة العظيم الذى أراده الله لها"، مضيفا أن ثقافتنا حاجبة لدور المرأة ويجب علينا تغييرها بجهد من خلال الإعلام والمدراس والتعليم والمسجد والكنيسة، لافتا إلى " أننا شئنا أم أبينا فالمرأة لها دور عظيم وضعه الله سبحانه وتعالى لها فى حياة الأمم والمجتمعات، حيث تنهض المرأة بالأمم نحو الأمام، وإذا تغافلنا عن دورها ستضيع الأمة لا محالة" .
وتبدو لى مسألة تركيزه على دور المرأة المصرية فى مكافحة الإرهاب هى الرسالة الأبرز فى حديثه على الإطلاق حين قال أن الدور الذى تقدمه الأمهات المصريات بشرف فى مكافحة الإرهاب كبير، غير أن البعض يحاول الضغط عليها، وتساءل الرئيس " لماذا تتغافل الأمم المتحدة عن دورها فى تقدير ومساعدة المرأة المصرية للتغلب على خسارة زوجها أو أبنها أو أخيها فى الحرب ضد الإرهاب ؟ "، وأشار إلى أن مصر التى ليس لديها ذنبا تكافح الإرهاب الذى استخدم كوسيلة لتدمير الأمم بشرف، وتحدث الرئيس عن الدول التى تتحدث فى العلن بطريقة مغايرة عما تقوم به فى الخفاء، حيث إنها تساعد الإرهابيين وتقدمهم كأدوات بشكل آخر.
وقد دلل السيسى فى رسالته المهمة أمام شباب العالم فى شرم الشيخ ظهر الأربعاء الماضى على أهمية دور المرأة المصرية بذكره مناقبها قائلا : أن نزول المرأة المصرية لتفويضى لمحاربة الإرهاب جاء من أجل بلدها والإنسانية، معبرا فى هذا السياق عن كل الاحترام والتقدير للمرأة المصرية، قائلًا "أتواضع أمامها"، ومن هنا فقد حث الرئيس، الرجال والشباب على الحفاظ على المرأة ورعايتها والانحناء أمامها تقديرا لمجهوداتها، وقال : "انتبهوا يا مصريين لحضارتكم فأنتم من صنعتم الإنسانية وشكلتم أساس الحضارة" .
وتابع الرئيس قائلا : "أذكركم بأننا ناشدنا الشعب خلال يومين فى 24 يوليو، وتحديدا فى شهر رمضان، أن ينزل ليؤكد تفويضه لمحاربة الإرهاب الذى نراه بصورة واضحة الآن فى مصر، وقامت المرأة المصرية آنذاك بالنزول مع أولادها وزوجها وجيرانها وتناولوا الإفطار فى الشارع، فكان لها الفضل فى نزول أكثر من 33 مليون مصرى ومصرية لتقول نحن معك وسنتحمل تكلفة مجابهة الإرهاب التى ندفع ثمنها منذ 3 سنوات".
ومضى الرئيس السيسى مستكملا رسالته الإنسانية قائلا: "إن التمكين هو الاحترام والتقدير الحقيقى للفتاة وللمرأة"، وساق مثالا بالقول: "حين يتحدث الرجل للمرأة عليه وضع يده وراء ظهره، "وأعلم أن هذا الكلام سيغضب بعض الراجل، خصوصا إننا مقبلين على الانتخابات"، مؤكدا إننا لدينا برنامج متكامل لإعادة رسم الصورة الحقيقة للمرأة فى مجتمعاتنا، ومستنكرا فى الوقت ذاته الممارسات الخاطئة ضد المرأة، حيث أعترض على عدم حصولها على ميراثها الشرعى فى بعض محافظات الصعيد، قائلا : " أدعم أى قرار يدفع بمكانة المرأة...هناك قرى كاملة فى الصعيد لا تورث فيها المرأة، وإذا كنا بنعرف ربنا، محتاجيين فى مجتمعاتنا لبرنامج يعيد رسم الصورة الحقيقية للمرأة المصرية لتأخذ مكانها الذى تستحقه".