خالد عزب يكتب: المجلة العلمية.. نشرها وتحريرها

الإثنين، 13 نوفمبر 2017 12:00 ص
 خالد عزب يكتب: المجلة العلمية.. نشرها وتحريرها المجلة العلمية

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
صدر عن دار الفيصل الثقافية فى الرياض كتاب صغير فى حجمه عظيم فى فائدته، وهو تحت عنوان "المجلة العلمية..نشرها وتحريرها" تأليف فؤاد عبد العال،  والكتاب يتناول آليات إدارة مجلة علمية وآليات النشر العلمى المحكم، ابتداءً من عام 1700م تقريباً، بدأ التطور العلمى يتضاعف كل عشر سنوات، وبدأت المجلات تواجه ضغط اللحاق بهذا المعدل السريع لنمو الإنتاج الفكرى الإنسانى، فنتج من ذلك، انقسام بعض المجلات القائمة إلى عناوين أكثر تخصصاً بل وظهور مجلات جديدة لتغطى فروعاً جديدة، كل منها يتناول تقسيمات أدق، بل وتفريعات لهذه التقسيمات أدق تخصصاً وظل الاتجاه إلى المجلات المتخصصة والأكثر تخصصاً ينطلق قدماً باندفاع كامل، حتى إننا لا نستغرب، بل نتوقع صدور مجلات تحمل عناوين مثل "مجلة أوراق الأشجار الصنوبرية" The Journal of Pine Tree Needles.
وفى مقابل هذا النمو السريع فى الإنتاج العلمى، أثبتت الدراسات أن عدد المجلات يتضاعف كل 15 عاماً بدءاً من عام 1665م، وقد قدرها بعضهم بـ 50.000 مجلة عام 1977م، بينما يرى بعضهم الآخر أن عدد المجلات العلمية يراوح بين 90.000 و 130.000 مجلة، وهو فارق كبير، لكنهم أخذوا فى الحسبان مدى استخدام المجلة ومدى أهميتها للمجتمع العلمى، فالعبرة ليست بالكم، إنما العبرة بالنوع، إذ قدر المجتمع العلمى أن المجلات العلمية المهمة تقل بكثير عن 30.000 مجلة.
 
وفى تطور آخر صاحب هذا التفجر العلمى، ومن ثم هذه الزيادة المطردة فى المجلات العلمية، بدأ التفكير فى كيفية استرجاع المعلومات من هذا الكم الهائل من المجلات، فبدأت المجلات تنشر الكشافات، كمرحلة أولى، ثم جاءت بعدها مجلات المستخلصات التى كانت مستخلصات قصيرة لجميع الأوراق المنشورة فى مجال معين مُكشفة بالموضوع، والاسم، والعنوان، وحديثاً، بالكلمات المفتاحية. ولعل أهم تطور فى هذا المجال هو تزايد أعداد مجلات المراجعة (Review Journal) التى تحمل عناوين مثل: “Current Topics in……..”، “Advances in …………..”، ”Annual Report of……”، “Annual Review of…………..”  إلخ. وتنشر هذه المجلات تقارير حالة لمجالات دقيقة من البحوث، مدعمة بالمراجع، ومن ثم كانت العامل الرئيس فى تحديث معلومات العلماء، أو تعريفهم بمجالات جديدة. وأخيراً، استخدمت الحاسبات فى خزن المعلومات واسترجاعها باسم المؤلف، أو العنوان، أو الكلمات المفتاحية.
 
تعريف المجلة العلمية:
 
إن أدبيات العلم Literature of Science تتكون من المجلات، والمراجعات، والمستخلصات، والكشافات، ونظم استرجاع المعلومات. ولا شك أن قلب هذه الأدبيات هو مجلات البحوث الأولية (الأساسية)  Primary Research Journalsوهى التى تعتمد عليها باقى مكونات الأدبيات، بل ومنها تُشتق و تُعد.
 
ومجلة البحوث الأولية (الأساسية) هى تلك المجلة التى تنشر أول تقرير لأى بحث مبتكر. ولعل الكلمات المفتاحية فى هذا التعريف " أول" وتعنى أن هذا العمل لم ينشر قبلاً، و "مبتكر" وتعنى أن البحث يضيف جديداً إلى المعرفة.
 
منهج العمل فى المجلات العلمية:
 
المجلة العلمية هى ذلك المصدر الذى يختص بنشر التقرير الأول لأى بحث مبتكر، والذى يطلق عليه الورقة العلمية Scientific Paper؛ وتسمى مجلة البحوث الأولية ( الأساسية). وقد تنشر المجلة العلمية أنواعاً أخرى من المقالات، مثل: مقال المراجعة Review Article، والعُجالة Note، والرسائل Letters، والافتتاحيات Editorials، وعرض الكتب Book Review.
 
ولأى مجلة علمية جهاز يدير شؤونها، من الناحيتين العلمية والإدارية، على رأس هذا الجهاز المحرر العلمي، ويعاونه من الناحية العملية هيئة التحرير، والمحررون المشاركون، ومن الناحية التنفيذية المحررون المساعدون، ومحرر الأصول، والسكرتارية. ومثل هذا العمل يحتاج إلى سجلات. فالباحث يبذل فائق جهده فى أثناء عملية البحث العلمي، ويعد البحث عصارة فكره ودمه، بل إنه يعده ابناً من أبنائه. وحينما يتقدم به للنشر، فكأنما أرسل طفله إلى معسكر كشفى أول مرة، فيعتريه القلق، ويريد أن يعرف أن هناك من يُعنى بطفله، وأن طفله لن يُفقد، و أنهم سيتصلون به فى الحالات الطارئة، بل يريد أن يطمئن إلى أن هذا المكان يُدار بعناية و أمان. ولأن المحرر العلمى فى الأصل باحث، وقد مر بهذه المشاعر، فإنه يعلم مدى اهتمام الباحثين بأعمالهم، وأنهم ينظرون إلى هذا الأمر وكأنه لا توجد أعمال أخرى لغيرهم مقدمة للنشر لذا، فعلى المحرر العلمى أن يُطمئن الباحثين بأن أعمالهم فى أيد أمينة، وأنها لن تُفقد، وأن العاملين فى التحرير على درجة كبيرة من الكفاية، ولا يتأتى ذلك إلا بأمرين: التسجيل و الأشعار، أى إن جميع الخطوات التى يمر بها أى عمل مقدم للنشر تكون مسجلة بحيث يُعرف موقفها فى حينه، و إن إشعاراً قد وُجه إلى كل من يعنيه الأمر فى حينه، وفى كل خطوة.
 
ولا شك أن نوعيه أى مجلة وثقة المؤلفين بها تعتمد اعتماداً كبيراً على المحرر العلمى و اسمه وسمعته العلمية وعوامل أخرى كثيرة بينما تعتمد كفاءة إدارة دفة العمل بالمجلة كلية على المحرر المساعد الذى يجب أن يتحلى بالصفات الشخصية الآتية:
 
1- قدرة تنظيمية عالية.
2- مهارات اتصال جيدة.
3- مهارات استخدام الآلات الكاتبة، والحاسبات.
4- الأمانة، وعدم إفضاء الأسرار.
5- أن يكون ذا شخصية محببة.
 
عملية النشر العلمى
 
عملية النشر العلمى هى العملية التى يتم فيها تحويل الفكر الإنسانى و إبداعاته إلى مصدر معلومات متداول، ورقى أو إلكتروني، يمكن من خلاله استرجاع هذا الإبداع (أى المعلومة)، والتعامل معه؛ بمعنى آخر، فإن عملية النشر العلمى هى عملية إنتاج المعلومات.
 
ولدراسة أى عملية، فلابد من تجميد عناصرها، وتمحيص كل عنصر على حدة، وبدراسة عملية النشر العلمى للمجلات العلمية بخاصة، من خلال دورة المعلومات نجدها تمر بسبع مراحل هى على الترتيب:
 
المرحلة الأولى: الإبداع
المرحلة الثانية: الكتابة
المرحلة الثالثة: التقديم للنشر
المرحلة الرابعة: التحكيم
المرحلة الخامسة: تحرير الأصول
المرحلة السادسة: الطباعة
المرحلة السابعة: التوزيع
وسنتناول كلاً من هذه المراحل بشىء من التفصيل على النحو الآتي:

المرحلة الأولى - مرحلة الإبداع:

وتبدأ هذه حينما تطرأ فى ذهن الباحث فكرة، أو تُصادفه مشكلة فيُعمل فيها فكره، فيذهب إلى المكتبة أو إلى قواعد المعلومات ليطلع على ما نشر فى هذا الموضوع، ثم يضع خطة البحث حسب المنهج البحثى الذى يناسب الموضوع، ثم يجرى تجاربه، ويُدون نتائجه، ويناقش نتائجه فى ضوء فروضه، ومن ثم يصل إلى استنتاج، هنا يكون قد أبدع و أتى بجديد؛ ولكنه لم ينشر بعد. 

المرحلة الثانية - مرحلة الكتابة:

وفى هذه المرحلة، يُدون الباحث ما قام به فى المرحلة الأولى على هيئة مقال علمي، وفق منهج الكتابة فى فرع التخصص، من حيث تبويب المقال، والمصطلحات، والمسميات العلمية، والاختصارات، والرموز، والاستشهاد، والمراجع، وأسلوب الكتابة، وإعداد الجداول والأشكال، وكل مقومات المقال العلمى التى نوجزها فيما يأتى بالنسبة إلى البحوث التجريبيبة:

1- عنوان المقال: وشرطة أن يكون موجزاً ومعبراً.
2- المؤلف: اسم المؤلف ( أو أسماء المؤلفين).
3- عنوان المؤلف: العنوان الذى أُجرى فيه العمل.
4- المستخلص: وله مواصفاته، ولا يزيد عن 200 كلمة.
5- المقدمة وفيها يُعرف الباحث بالمشكلة ويستعرض ما نشر عنها، ثم الهدف من إجراء البحث.
6- التجريب: ويصف المواد والتجارب التى أجراها.
7- النتائج: أى ما توصل إليه من نتائج، وقد تكون مدعمة بالجداول و/أو الأشكال.
8 – المناقشة: مناقشة النتائج فى ضوء ما سبق نشره، وما سبق أن وضعه من فروض.
9- الاستنتاج: وهو يمثل ما خلص إليه الباحث.
10- المراجع: قائمة بالمراجع التى استشهد بها فى عمله.
المرحلة الثالثة_التقديم للنشر:
وتتم هذه المرحلة فى ثلاث خطوات
الأولى: اختيار المجلة التى سينشر فيها.
الثانية: قراءة التعليمات الخاصة بالمؤلفين فى هذه المجلة قراءة متأنية للتقيد بكل ما جاء بها.
الثالثة: إرسال النسخ إلى المحرر.

وشروط التقديم للنشر نوجزها فيما يأتي:

1- أن تكون الأصول مطبوعة على الآلة الطابعة على مسافتين، على وجه واحد، على ورق أبيض مقاس A4.

2- الصفحة الأولى تحمل عنوان المقال، واسم المؤلف، وعنوانه.
3- المستخلص، المراجع، الجداول، التعليق على الأشكال، يقدم كل منها فى صفحة منفصلة.
4- ترقيم الأصول ترقيماً مسلسلاً.
5- الأشكال الخطية تقدم مرسومة بالحبر الشينى على ورق كلك، والصور الظلية تكون واضحة التباين وعلى ورق مصقول، والصور المللونة تكون واضحة الألوان لا زيغ فيها.
6- تقدم الأشكال بالمقاسات حسب التعليمات، وفى حافظة منفصلة، مع وضع صورة منها فى مكانها من المتن فى الأصول.
7- ترسل الأصول من عدد من النسخ حسب تعليمات المجلة إلى المحرر.
المرحلة الرابعة_ مرحلة التحكيم:
وهى مرحلة التأكد من سلامة المادة العلمية ومدى صلاحيتها للنشر، ويختص بها المحرر الذى يقرأ الأصول، فإذا رأى أنها ترقى إلى مستوى مجلته أحالها إلى مُحكمين أو أكثر لتقويمها، وهذه المرحلة تتم فى عدد من الخطوات أجملها المؤلف فيما يأتي:

أولاً: اختيار المحكم:

1- المحرر العلمى النشيط فى مجاله لابد أن يعرف الكثيرين من المميزين فى مجال التخصص، إما معرفة شخصية أو بالقراءة. ومن التعامل فى التحكيم، يمكنه أن يُميز بين الذين يجيدون التحكيم والذين لا يجيدونه.

2- هيئة التحرير بما تضمه من خبراء فى التخصص الدقيق هم أقدر على اختيار المحكم المناسب.
3- ملف المحكمين الذى يُعده جهاز التحرير من التعامل مع المحكمين، وقد يستخدم الحاسب الآلى والكلمات المفتاحية فى إعداد قوائم المحكمين المتخصصين.
4- استعراض قائمة مراجع المقال، وتعرف المرجع المفتاح Key Reference شريطة أن يكون هذا المرجع حديثاً، حتى لا يكون مؤلفة قد غير مجال التخصص.
5- فى بعض الحالات، يُطلب إلى المؤلفين قائمة بأسماء المحكمين المتخصصين وعناوينهم فى موضوع المقال.
6- تُستخدم الأدلة التى يُذكر فيها العلماء و تخصصاتهم، والتى تصدر عن الجمعيات العلمية، وغيرها.
7- وأخيراً_ وهذا نادر _ اللجوء إلى المكتبة حيث الكشافات والمستخلصات المصنفة تعد مصدراً طيباً لاختيار المحكمين المتخصصين فى موضوع المقال.
 
ثانياً: الإحالة إلى التحكيم:

بعد اختيار المحكم يمرر المحرر العلمى المقال مع أسماء المحكمين إلى المحرر المساعد لإرساله إليهم. وهنا تجدر الإشارة إلى أن كتب التحكيم تراوح بين كتاب عادى يُطلب فيه تقويم المقال، وكتاب مرفق به الآتي:

1- دليل المحكمين.
2- قائمة فحص للمحكمين.
3- استمارة التقرير الموجه إلى المحرر.
4- استمارة التقرير الموجه إلى المؤلف.
وعلى المحكم فى تقريره أن يتناول أموراً ثلاثة، ويُبدى مرئياته حولها سلباً أو إيجاباً:
1- معايير الورقة العلمية.
2- عرض المادة العلمية.
3- أخلاقيات العلم والنشر العلمى.
 









مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة