عبد الفتاح عبد المنعم

هل نجح النفط العراقى فى إنقاذ أمريكا من الانهيار الاقتصادى؟

الإثنين، 13 نوفمبر 2017 12:00 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
أواصل قراءاتى للدور الأمريكى فى العالم العربى والإسلامى، وذلك استنادًا إلى الدراسة الخطيرة التى أعدها المراسل الدبلوماسى نيل لويس عن أمريكا والشرق الأوسط والديمقراطية فيقول لويس، لعل أول هذه المصالح القديمة الجديدة تلك المتعلقة بتعزيز المصلحة الاقتصادية الأمريكية التى تهدف فى سياستها الخارجية إلى تحقيق مصالح أمريكا الاقتصادية، فإذا علمنا أن أمريكا فى الوقت الراهن تعانى من أزمة اقتصادية خانقة كما عبر عنها «باتريك سيل» فى مقالة فى مجلة «العالِم» بقوله: «تواجه أمريكا أزمة مالية خانقة تأخذ أبعاداً كارثية وقد تكون مقبلة على انهيار اقتصادى كبير مشابه للذى حدث عام 1929»، يمكن أن نتخيل مدى الانفراج الاقتصادى الذى تناله أمريكا بعد استيلائها على النفط العراقى الذى يشكل ربع مجمل الاحتياط العالمى أو ما يعادل 112 مليار برميل من النفط هذا ماسجله.
 
فإذا كان هذا هو مفهوم الديمقراطية المطبقة فى أمريكا كما يقول المراسل الدبلوماسى نيل لويس يمكن لنا فى هذه الحالة أن نتصور أسباب إصرار هذه الدولة على تعميم هذا النموذج على العالم بأسره، خاصة على الدول النامية والمتخلفة التى يدخل من بينها عدد كبير من دول العالم الإسلامى والعربى، ويمكن لنا أيضاً أن نتساءل عن هذه الديمقراطية المطاطة التى تختلف من زمن إلى آخر، حتى أن هذا الاختلاف قد يقع فى الدولة نفسها، فتارة يكون حاكم هذه الدول نموذجاً مثالياً للديمقراطية، ويصبح تارة أخرى من ألد أعداء هذه الديمقراطية.
 
من النماذج المعروفة عن موقف أمريكا الديمقراطى هذا موقفها مع «ماركوس» رئيس الفيلبين السابق الذى كان منذ أمد غير طويل ديمقراطياً نموذجياً، «رجل نذر نفسه للديمقراطية»، كما يقول رونالد ريغان، أما نائبه جورج بوش فقد أعلن فى مانيلا قائلاً: «إننا نحب تمسكك بالديمقراطية وبالعملية الديمقراطية وخدمتك للحرية. بيد أن هذا كان قبل أن يفقد ماركوس السيطرة، ففقد بذلك مؤهلاته كديمقراطى محب للحرية».
 
إن التأرجح فى فهم أمريكا لمصطلح الديمقراطية رافقه تأرجح فى فهم مصطلحات أخرى مرتبطة بالديمقراطية روجت لها أمريكا وعملت على تعميمها على العالم، مثل مصطلح العنف والارهاب، فالملاحظ فى الديمقراطية الأمريكية وجود نوعين من العنف فى قاموسها، نوع يعد إرهاباً، ونوع آخر يعد «فناً من فنون الحكم»، أو «خطأ من الأخطاء القابلة للفهم»، ففى دراسة قام بها كل من «نعوم شومسكى» و«إدوارد هرمان» حول موضوع «القوة والعقيدة فى الولايات المتحدة» استعرضا نوعين من الفظائع «حمّامات دم حميدة وبنّاءة»، و«حمّامات دم شائنة» يرتكبها الأعداء الرسميون، ورد الفعل هنا يسير على منوال التعاون مع الإرهاب.
 
ويثير النوع الثانى من حمّامات الدم غضبا عظيما كما يستدعى فى غالب الأحيان خداعا وتلفيقاً على نطاق واسع، بحيث يصبح كل من يدافع عن وطنه إرهابياً، فالفلسطينى إرهابى، والأفغانى إرهابى، والعراقى إرهابى، كل هؤلاء إرهابيون، لأنهم يدافعون عن كيانهم ووجودهم.
 
بينما يجرى تجاهل وإنكار النوع الأول من حمّامات الدم أو حتى يجرى الترحيب به أحياناً، ومن نماذج هذا النوع المبارك على الصعيد الداخلى، أى عنف يمكن أن يخدم مصلحة أمريكا التوسعية، مثل العنف الممارس ضد «الزنوج الذين شيّد الرأسماليون الأمريكيون ثرواتهم الأولى على آلام الملايين منهم، والذين اختطفوا من أرجاء أفريقية، وكذلك الأمر بالنسبة للملايين من الأوروبيين الذين استغلوا بتجارة الرقيق الأبيض، إضافة إلى مئات الألوف من المكسيكيين والصينيين والفيليبينيين الذين استغلوا فى إنشاء السكك الحديدية والمزارع الرأسمالية فى البقاع الجنوبية الغربية بأجور بخسة وأجواء من العمل غير ملائمة».
أما الهنود الحمر سكان بلاد الولايات المتحدة الأصليون الذين انتزعت منهم أراضيهم، فقد قامت الديمقراطية الأمريكية بإسباغ لقب مواطن أمريكى على كل غازى أبيض يقتل هنديا ويسلب أمواله، وذلك تحت مبدأ «حرية الدفاع عن النفس» وضد من، ضد السكان الأصليين المالكين للأراضى والذين كل ذنبهم أنهم يدافعون عن حقوقهم.
 
من هنا لا نستغرب اليوم تلك الحملات الإعلامية الشرسة التى شنتها أمريكا على العراق، وإلقائها القبض على أبنائه وإذلالها لشعبه الذى كان ذنبه أنه يقاوم العدوان الغاشم على أراضيه، فلقد اتبعت أمريكا هذه السياسة من قبل فى نيكاراغوا، «حيث كان البيت الأبيض والكونغرس ووسائل الإعلام ينظمون بين حين وحين حملات لفضح شيمة الغدر فى نفس الضحية: أسلحة لعصابات من السلفادور.. طائرات ميغ لتهديد نصف الكرة الأرضية الغربى، ولم يعد هدف أمريكا تحرير الشعوب، بل استخدام طاقته خاصة النفطية، وهو ما حدث عقب الاحتلال الأمريكى للعراق، وكان هدفها هو النفط وليس أى شىء آخر.. يتبع.






مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة