أمور عديدة أضاءها حوار عماد الدين أديب مع الإرهابى الليبى عبدالرحمن المسمارى المشارك فى جريمة الاعتداء على قوات الشرطة بالواحات، لكن أكثر ما لفت نظرى فيها، أن «الاستعداد للإرهاب» مرض مزمن ملازم لثقافتنا العربية الإسلامية، يظهر فى لحظات الضعف والانحطاط، تماما مثلما تظهر أعراض الأنفلونزا وغيرها من الأمراض على الإنسان عندما تتراجع مناعته الطبيعية، وأن علينا نحن الدول الموبوءة بالإرهاب فى صلب ثقافتها العامة أن نبحث فى سبل مواجهة المرض فورا جنبا إلى جنب، مع وضع آليات حمائية للمجتمعات العربية الإسلامية على المدى الطويل، تحول دون إصابتها بالمرض.
ما يزيد من التزام الدول العربية الإسلامية بمواجهة خطر الإرهاب الكامن فى مجتمعاتها، التفات دول الاستعمار القديم إلى إمكانية استخدامه سلاحا للسيطرة والتدمير لدولنا العربية الإسلامية من الداخل، كما رأينا بوضوح خلال السنوات الست الماضية، وأن هناك مراكز للأبحاث وأساتذة متخصصين ومئات الأطروحات العلمية الموجهة إلى إعادة إحياء الشاذ والمتطرف والعنيف والعنصرى فى التراث الإسلامى واعتباره المعبر عن صحيح الإسلام، وترويجه بين أوساط الشباب المسلم على شبكات الإنترنت وتشكيل الميليشيات والجماعات التكفيرية وإطلاقها مثل النار فى المجتمعات العربية.
ما يسهل مهمة الاستعمار القديم لنشر وتوظيف الإرهاب فى مجتمعاتنا، التبعية الكاملة من بعض الأنظمة فى المنطقة، مثل قطر وتركيا، اللتين تقومان بدور المنتج المنفذ لأبشع المخططات التدميرية فى المنطقة عبر نشر الإرهاب ودعم الجماعات المتطرفة ومنحها التمويل والدعم والملاذ الآمن وفرص العلاج والتعافى والحماية من الملاحقة، حتى يتسنى لها القيام بدورها البشع فى تقويض المنطقة العربية جنوب وشرق المتوسط وفق المخطط المعلن والشهير بمشروع الفوضى الخلاقة أو سايكس بيكو2.
والحال على هذا النحو، على الدول العربية الكبرى السير فى مسارات متوازية لمواجهة خطر الإرهاب، أولا بفضح الدول الكبرى والصغرى التى ترعاه وتوظفه لأغراض سياسية واستعمارية، والضرب بسرعة على أيدى المتورطين فى هذه التنظيمات الإرهابية بالعدالة السريعة الناجزة والتطبيق الحرفى للقانون، ومنع المتلاعبين من الخلايا النائمة ومتطرفى الجماعات الذين يحترفون المحاماة من التلاعب بالقانون لإطالة أمد التقاضى، وتمييع القضايا واستخدام فزاعات حقوق الإنسان لتزييف الحقائق وتصوير الإرهابيين ضحايا، جنبا إلى جنب مع اعتبار التنمية الشاملة فى مقدمة قضايا الأمن القومى، ونسف الثقافة القديمة الشائخة التى تنتج الاستبداد السياسى والدينى للتحول إلى نموذج الدولة مدنية العصرية التى تتطلع إلى المستقبل، من خلال العلم والمعرفة بدلا من الهروب للماضى عبر الأفكار البائدة والشاذة والمتطرفة.. وللحديث بقية.