آثار المقال الذى كتبته ونشر فى هذه المساحة، يوم الأربعاء الماضى، بعنوان «حمدين صباحى قاد 48 ثوريا وذهبوا لإثيوبيا.. وأعطوا الضوء الأخضر لبناء سد النهضة!!» ردود أفعال واسعة، وخرج معظم الخونة من التنظيمات والجماعات الإرهابية والحركات الفوضوية، من المصابين بمرض رفض الواقع، فى حالة سعار وجنون من المقال، عندما أكدنا أن سد النهضة بدأ البناء فيه مع اندلاع سرطان 25 يناير، وحصل على الضوء الأخضر عند زيارة حمدين صباحى على رأس وفد ضم 48 ناشطا ثوريا، ثم شرعنتها زيارة عصام شرف، رئيس حكومة الثورة الينايرية، وترسخت أساسات السد عقب زيارة المعزول محمد مرسى، وأصبح أمرا واقعا عقب مؤتمر الفضيحة والعار لمناقشة التآمر على إثيوبيا، وأذيع على الهواء مباشرة، وشارك فيه الجهابذة أيمن نور وعمرو حمزاوى ومحمد أنور السادات، وعمرو خالد وأعضاء الجماعات المتطرفة!!
ونسأل، لماذا يطالبنا هؤلاء، وتحت تهديد الشتائم، أن نغرس رؤوسنا فى الرمال ولا ننطق الحقيقة؟ وهل خصومة هؤلاء مع النظام الحالى تدفعهم إلى تشويه الحقائق، ورفض الإنصات لصوت العقل؟! هؤلاء لا يدركون أننا لا نخشى فى الحق لومة لائم، ونعلم أن الحقائق مؤلمة، خاصة لو تصادمت بقوة مع مصالحهم السياسية، ومن قبلها الخاصة!!
ونرصد الوقائع منذ بدء بناء سد النهضة فى 4 مشاهد رئيسية، مدعمة بالأدلة والتواريخ، ومن يشكك فى مشهد واحد ما عليه إلا أن يدخل على جوجل ويبحث عن كل واقعة، وتاريخها، وأن طرح هذه المشاهد ليس بهدف إدانة أو تبرئة أحد، ولكن من باب إعلاء شأن الحقيقة المجردة!!
المشهد الأول: اندلعت ثورة 25 يناير 2011، وقررت إثيوبيا استغلال الحراك الثورى وما استتبعه من انشغال مؤسسات الدولة الحاكمة فى الحفاظ على كيان الدولة وعدم سقوطها فى وحل الفوضى، فقررت الإسراع فى بناء سد النهضة، وفى إبريل 2011 أى بعد الثورة بما يقرب من ثلاثة أشهر، قرر حمدين صباحى، المتدثر حينها بعباءة رئيس مصر المنتظر، تشكيل وفد ثورى ضم 48 ناشطا، وزاروا إثيوبيا، وفوجئنا بالوفد يقدم اعتذارا مذلا لإثيوبيا عن أفعال مبارك، وعجرفته فى التعامل الدول الأفريقية، وعقب الزيارة وقف الوفد لالتقاط الصور وسط تشابك الأيدى مع الرئيس الإثيوبى، وكأن صباحى ورفاقه قد حققوا نصرا عظيما، أو فتحوا «أديس أبابا»!!
وبعد الزيارة الشعبية، تأكد للإدارة الإثيوبية أن المؤسسات فى مصر غابت عن المشهد، وأن الشارع يحكم، والدليل أن أول من زار إثيوبيا احتجاجا على بناء سد النهضة كان وفدا شعبيا، ومادام الشارع يحكم، إذن الدولة بثقلها السياسى والعسكرى والإدارى قد غاب عن المشهد الخارجى، وانغمس بقوة فى الشأن الداخلى، لذلك أطمأنت الإدارة الإثيوبية بأن الاستمرار فى بناء السد، دون أية عقبات، أمر واقعى!
المشهد الثانى: بعد زيارة الوفد الشعبى بإحدى عشر يوما وتحديدا يوم 11 مايو 2011 زار عصام شرف رئيس الحكومة حينذاك، إثيوبيا على رأس وفد ضم وزراء الكهرباء والتخطيط والتعاون الدولى والخارجية والرى والموارد المائية ورئيس الهيئة العامة للاستثمار، وتعرض الرجل بمجرد أن وطأت أقدامه الأراضى الإثيوبية، لإهانات بالغة، بداية من التصريحات الاستفزازية لوزير الدولة للاتصالات الحكومية الإثيوبية، شيميلز كمال، ومفادها أن إثيوبيا ماضية فى تنفيذ سد النهضة، الذى كان اسمه فى البداية سد الألفية، سواء رحب به المصريون أم لا، كما قال وزير الدولة للشؤون الخارجية: إن إثيوبيا قررت فقط تأجيل التصديق على الاتفاقية الإطارية للنيل، وأنه إذا ما وافقت الحكومة المصرية المقبلة على هذا المشروع فسيتم تنفيذه، وفى حالة رفضها ستمضى إثيوبيا قدما فى تنفيذ المشروع حتى النهاية، واكتملت إهانة إثيوبيا لعصام شرف والوفد المرافق له، عندما منعوا التليفزيون المصرى والوفد الإعلامى من القيام بمهام عملهم لتسجيل وصول عصام شرف بالمطار الإثيوبى الدولى على الرغم من وجود الوفد الإعلامى داخل قاعة كبار الزوار، بناء على تصريح مسبق، وكانت معهم كل معداتهم التقنية خاصة الفنيين بالتليفزيون المصرى، وعاد عصام شرف للقاهرة يجر ذيول الخيبة والفشل والإهانة!!
المشهد الثالث: فى 25 مايو 2013، قرر المعزول محمد مرسى زيارة إثيوبيا للمشاركة فى القمة الأفريقية بمناسبة اليوبيل الذهبى لتأسيس الاتحاد الأفريقى، وبمجرد وصوله مطار إثيوبيا الدولى، حتى فوجئ باستقبال مهين، فلم يذهب لا الرئيس الإثيوبى ولا رئيس الوزراء، ولا حتى وزير الخارجية، وإنما بعثوا بوزيرة التعدين «سينكنيش إيجو» لاستقباله، بجانب تعمد «هيلى مريام ديسالين» رئيس وزراء إثيوبيا، ورئيس القمة الأفريقية، إهانة المعزول أثناء إلقاء كلمته التى لم تستغرق سوى 3 دقائق، حيث قاطعه لإفساح المجال لرئيس بوركينا فاسو، للحديث، فما كان من «مرسى» إلا أن نظر إلى رئيس القمة مستنكراً، ثم ابتسم ولملم أوراق خطابه، وعقب اللقاء، صرح الدكتور محمد بهاء الدين، وزير الرى والموارد المائية لإذاعة «مونت كارلو» بأن مصر لم تعارض مطلقاً مشروع سد النهضة الإثيوبى، باعتباره مشروعاً تنموياً، وهو التصريح الطامة الكبرى!!
المشهد الرابع: فى 3 يونيو 2013، كانت الفضيحة الكبرى، التى أثرت على وجه مصر الحضارى، ونال من ثقلها السياسى والدبلوماسى، عندما قاد المعزول محمد مرسى اجتماع «التآمر» على إثيوبيا، وكانت إذاعته على الهواء مباشرة، وشارك فيه الجهابذة، عمرو حمزاوى وأيمن نور ومحمد أنور السادات وعمرو خالد، ولا نعرف بأى صفة شارك عمرو خالد فى الاجتماع غير كونه منتميا لجماعة الإخوان!!
الاجتماع كان فضيحة دولية بمعنى الكلمة، وتستوجب محاكمة كل من شارك فيه بتهمة الغباء السياسى والنيل من قيمة وقامة مصر إقليميا ودوليا، ولكن وبغلظ عين يخرج هؤلاء علينا الآن ليتهموا النظام الحالى بأنه وراء أزمة سد النهضة، وهو فٌجر سياسى لا مثيل له!!
بعد المشاهد الأربعة، هل أدركنا أن كارثة سد النهضة بدأت على يد الثوار وحمدين صباحى؟!
أترك الإجابة للشرفاء، وللتاريخ!!