كريم عبد السلام

السيدة موجابى

الثلاثاء، 21 نوفمبر 2017 03:00 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
وراء كل ديكتاتور امرأة تقول: «أنا السبب فى استمرار حكمه الطويل، لولاى ما استطاع القبض على السلطة بهذه القبضة الحديدية، انظروا إلى يديه ترتعشان، انظروا إلى لسانه يتلعثم، انظروا إلى عينيه الزائغتين، لولا نباهتى وحكمتى ويقظتى لكان المعارضون انقضوا عليه والتهموه التهاما».
 
وراء السيد روبرت موجابى السيدة جريس ماروفو، المرأة القوية، التى تصغره بأكثر من أربعين عامًا، زوجته الثانية المحببة إلى قلبه، والوحيدة التى يحق لها أن تناديه «يا صغيرى الجميل»، فالرئيس التاريخى لزيمبابوى فى الثالثة والتسعين، بينما جريس فى الثانية والخمسين ولديها رغبة محمومة فى التطلع لأعلى، أن تكون وريثة عرش زيمبابوى المحررة من الاستعمار البريطانى، أن تكون الملكة الجديدة للأغلبية السوداء ولتذهب الأقلية البيضاء للجحيم فهم أصحاب مزارع واسعة وأغنياء، لكنهم لا يستطيعون وضع الأحجار الكبيرة أمام طموح السيدة جريس.
 
جريس تقول للسيد الرئيس، أنت حاربت طويلا وآن الأوان لتستريح، حاربت المستعمرين البريطانيين، الذين احتلوا بلدنا روديسيا عشرات السنين وحولوها لمستعمرة ضمن مستعمرات التاج البريطانى، وحاربت ذيول الاستعمار البريطانى عشر سنوات هل تذكر كيف هزمت إيان سميث المدافع عن مزارع الأقلية البيضاء بعد حرب السبعينيات؟ هل تذكر كيف أجبرت البريطانيين على الاعتراف بحكم الأغلبية السوداء؟ هل تذكر كيف حاربت لتغيير اسم بلادنا من المستعمرة روديسيا إلى جمهورية زيمبابوى المستقلة؟ هل تذكر كيف حاربت نكومو العنيد من أجل إعلان وحدة البلاد؟ 
 
وتواصل جريس القوية: يا صغيرى الجميل آن الأوان لتستريح، ولكن بعد أن تخوض معركة أخيرة صغيرة، فقط أزح نائبك المزعج إيمرسون منانجاجوا من طريقى، إنه يتطلع إلى كرسى الرئاسة بعينين وقحتين، وعندما آمره بأى أمر، يهز كتفيه باستخفاف ويدير ظهره لأوامرى، إنه يشعرنى بالضآلة ، فهل يرضيك يا صغيرى موجابى أن يشعرنى نائبك المزعج إيمرسون بضآلتى؟ خض هذه المعركة الأخيرة من أجلى يا صغيرى، من أجل الخمسة والعشرين عامًا التى قضيناها معا ومن أجل عشرات السنين المقبلة معا.
 
الرفيق موجابى يتذكر كيف كان يغضب فى سنوات الثورة والنضال، كيف كان يسحق خصومه دون هوادة، ويستدعى نائبه إيمرسون إلى مكتبه الرئاسى ويحرص على ارتداء بذلة الاحتفالات المزينة بالأوسمة ويرتدى قلنسوة الدكتوراه الفخرية، التى حصل عليها، وعندما يصل إيمرسون، يضرب موجابى المكتب بقبضته، التى كانت قوية فى الماضى ويتكلم ببطء وبحسم: أنت مطرود يا سيد إيمرسون منانجاجوا من منصب نائب الرئيس، تستطيع لملمة أوراقك والمكوث فى بيتك، بأى تهمة يا سيدى الرئيس، يرد إيمرسون، ويتلعثم موجابى، وتهتز قلنسوة الدكتوراه الفخرية فوق رأسه المصبوغ، بتهمة عدم الولاء يا إيمرسون، نعم بتهمة عدم الولاء
 
وينصرف إيمرسون غاضبًا، بينما تخرج السيدة جريس من وراء الستار لتصفق: برافو يا صغيرى الجميل برافو يا موجابى، بينما الجيش فى الخارج يستولى على السلطة، ويعلن الطوارئ والحزب الحاكم يقرر فصل الرئيس التاريخى والمظاهرات الشعبية تطالب بتنحيه عن السلطة.






مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة