أكرم القصاص

عودة ميكافيلى فى حروب الأشباح بين لندن وموسكو

الثلاثاء، 21 نوفمبر 2017 07:00 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
الحروب الدعائية الباردة والساخنة التى تتصاعد بين دول أوروبا وروسيا، تشير إلى تحولات فى أدوات الدعاية السياسية التى أصبحت جزءا من الصراع الدولى، وأدوات المنافسة الاقتصادية والسياسية، بريطانيا تشكو من محاولات روسية للتلاعب، وروسيا ترد ساخرة، وتتهم بريطانيا بالخيالية.
 
الصدام الإعلامى، يعكس حجم الدور الذى أصبحت تلعبه أدوات الاتصال والثورة التقنية التى حولت روسيا من الشكوى إلى الهجوم، فيما بدا تحقيقا لنبوءات علماء المستقبليات، ووضع أدوات الإعلام والاتصال فى مقدمة أدوات الحرب الجديدة.
 
هذه المساجلات تكشف عن أهمية أن تمتلك الدول قدرات إعلامية وإلكترونية تمكنها من العيش فى مجتمع دولى أصبح يقوم على توظيف التكنولوجيا الحديثة، ولم يعد من قبيل الشائعات أو المبالغة القول إن أدوات التواصل والإعلام أصبحت تزدحم بالكثير من الجنود المجهولين كل منهم يمثل مصالح سياسية لدولة أو نظام، وهو ما حاولت منظمات أمريكية رصده، خاصة تقرير منظمة فريدوم هاوس التى شنت هجوما على الصين وروسيا باعتبارهما أكثر دولتين تمارسان التلاعب الإلكترونى، لكن فى نفس السياق فإن الدول الكبرى التى تشكو من روسيا، هى نفسها تستخدم المواجهة الإلكترونية، ويظهر ذلك من دعوات رئيسة وزراء بريطانيا لتطوير أدوات المواجهة مع روسيا، على جبهة الشبكات الإلكترونية.
 
وهو ما يتماشى مع ما طرحه جوزيف ناى أهم منظرى الولايات المتحدة فيما يتعلق بالقوة الناعمة الذى يستدعى نظرية ميكيافيلى، الأب الروحى للواقعية السياسية، فى سياق جديد، حيث يرى أنه فى سياق العلاقات الدولية الراهنة يكاد يتحقق الإجماع على ضرورة الحرص على الجمع بين القدرة على الترويع والقدرة على الإبهار.
 
جوزيف نادى يتحدث عن فقدان أمريكا، وبالتالى المعسكر الغربى لجزء من شعبيتها، بالرغم من امتلاك كل القدرات الناعمة، ويقول جوزيف ناى إن: «حرب الأسابيع الأربعة فى العراق عام 2003 كانت عرضا باهرا للقوة الصلبة التى أسقطت طاغية، ولكنها كانت باهظة التكاليف لقوتنا الناعمة».
 
ويبدو أن روسيا وهى تسعى لامتلاك القوة الناعمة والتأثير فى الفضاء الإلكترونى كانت تنتبه إلى الهبوط الحاد فى شعبية أمريكا ومعها المعسكر الغربى الأوروبى، وفى نفس الوقت استوعبت الدرس الذى أدى لانتصار أمريكا فى الحرب الباردة، وتصفية المعسكر السوفيتى، وسعى فلاديمير بوتين إلى امتلاك القوة الناعمة، ووجد فى عصر الاتصالات ما يمكنه من المشاركة فى هذه الحرب.
 
وهو ما جعل رئيسة وزراء بريطانيا تيريزا ماى توجه اتهامات لموسكو بالقيام بـ«أعمال عدائية»، وقالت ماى إن: «روسيا تسعى إلى جعل الإعلام سلاحا بإيعازها إلى وسائل الإعلام التى تديرها الدولة، لنشر معلومات كاذبة وصورا مفبركة، بهدف زرع الشقاق فى الغرب وتقويض مؤسساتنا، ودعت ماى إلى إصلاح حلف شمال الأطلسى للتصدى بشكل أفضل لأنشطة روسيا العدائية وتعزيز سياسة المملكة المتحدة فى مجال الأمن السيبرانى، وجاء هذا وسط اتهامات متصاعدة لروسيا بالتدخل الدعائى والإلكترونى، فى انتخابات أوروبا».
 
وردت المتحدثة باسم الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا على اتهامات رئيسة الوزراء البريطانية بسخرية فى بيان لها أن «المجتمع البريطانى يمر بفترة حرجة بسبب خروج البلاد من الاتحاد الأوروبى والانشقاق الداخلى، واتهمت زخاروفا بريطانيا بمحاولة خلق عدو خارجى لتحويل انتباه المجتمع عن الفشل الداخلى، ووقع الاختيار على روسيا، واعتبرت زخاروفا تبنى رئيسة وزراء بريطانيا للدفاع عن النظام العالمى يتسم بسخرية، وذكرتها بخطوات بريطانيا العدوانية فى العراق وليبيا التى أدت إلى سقوط ضحايا وزعزعة الاستقرار فى مناطق بأكملها».
 
هذه السجالات السياسية والإعلامية، تعكس ميلاد مرحلة جديدة تتخذ فيها الحرب أشكالا جديدة ويتم استدعاء ميكافيلى إلى عصر الاتصالات لإعادة توظيفه فى معارك الدعاية الجديدة، يمكن تسميتها «حرب الأشباح».






مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة