أواصل قراءاتى للدور الأمريكى فى العالم العربى والإسلامى، ومحاولتها الهيمنة والسيطرة على العالم كله وليس العربى والإسلامى ، وذلك استنادًا للدراسة الخطيرة للباحثة الفلسطينية صفاء عبد الوهاب على وحملت عنوان ««أوباما والشرق الأوسط.. نهاية العصر الأمريكى»،»، تقول الباحثه " أما بالنسبة للدراسة فيمكن تحليلها في أربع نقاط هامة : النقطة الأولى: أن سياسة أوباما في الشرق الأوسط قد أظهرت من الاستمرارية أكثر مما أظهرت من التغيير الحقيقي، فبينما كان يحاول جاهدًا القطيعة بصورة جذرية مع إرث سلفه جورج بوش الابن، وهي سياسة متسقه مع التوجه السائد في السياسة الخارجية الأمريكية، لكن أوباما ترك خلفه أيديولوجية بوش في التبشير بالديمقراطية، واستعماله السهل للقوة في السياسات العالمية، لم يتخذ في المقابل سياسة خارجية مختلفة تجاه إسرائيل .
كان هدف أوباما في أثناء فترة الرئاسة الحفاظ على الأمر الواقع مع بعض التعديلات الطفيفة ، وفى الحقيقة ، فقد بدا أن واشنطن هي التي غيرت أوباما أكثر مما غير هو منها، فأوباما تشابهت سياسته الخارجية بسياسة جورج بوش الأب، بتجنب الإقدام على مغامرات غير ضرورية في النظام العالمي، وتعد طريقة مقاربته للنزاع في سورية أفضل مثال بهذا الخصوص، فبالرغم من النقد القوي الذي جاءه من اليمين واليسار لتردده في التدخل مباشرة في البلد الذي مزقته الحرب ووقف حمام الدم الجاري، كرر أوباما مرارًا التشديد على حدود القوة الأمريكية والمخاطر التي ينطوي عليها كل تدخل مباشر هناك، حتى حين تجاوزت سورية ما سمي "الخط الأحمر" باستخدامها الأسلحة الكيميائية، لم يكن ذلك دافعًا لأوباما إلى الإقدام على أي عمل عسكري.
إن تعريف أوباما للسياسة الواقعية هي حذرة، وتتجنب المغامرة، ومتحفظة، بل ربما ذهب البعض أبعد بالقول إنها من دون بُعد أخلاقي.
النقطة الثانية: أن سلوك أوباما من مسألة عملية السلام الفلسطينية – الإسرائيلية إلى أفغانستان، ينتسب إلى الاستمرارية البنيوية – المؤسسية في السياسة الخارجية الأمريكية، وعليه فقد خضعت سياسة الشرق الأوسط، وأكثر من أي مكان آخر في العالم، لمؤثرات السياسات المؤسسية والبيروقراطية والمحلية، فالثقافة السياسية الأمريكية المعطلة، وصف يغطي دور المصالح الخاصة، وبخاصة مدرسة "إسرائيل أولاً" ومؤيديها، كما أن الكونجرس، فرض قيودًا قاسية شلت قدرته على اتخاذ مقاربة متوازية حيال الصراع الفلسطيني – الإسرائيلي، الذي يبقى مسألة نافرة ومستمرة، ويظهر أن السياسيين الأمريكيين، ومنهم أوباما، عالقون في ثقافة سياسية تحرص في موضوع إسرائيل على الإيحاء بالإجماع والتفكير الجمعي وتعاقب بشدة الأصوات المعارضة، وهكذا سمح للسياسي أن يتغلب على رجل الدولة فيه، مفضلاً السير على خطى سابقيه من الرؤساء الأمريكيين، الأمر الذي يوضح لماذا تعني سياسة أمريكا الشرق الأوسط الفشل المستمر.
إن شخصية أوباما المترددة لم تؤدِ دورًا فاعلاً في موضوع عملية السلام الفلسطينية – الإسرائيلية، والنقطة هنا التي يحاول الكاتب أن يثبتها هي أن النظام السياسي الأمريكي بما في ذلك إسرائيل وأصدقاؤها، كان متغيرًا مستقلاً، والدافع خلف تراجع أوباما.
وبالنسبة لإيران وإسرائيل فيرى أوباما أن التكاليف التي يتوجب دفعها ثمنًا لأجندته الطموحة – ممارسة ضغط حقيقي على رئيس الوزراء الإسرائيلي نتانياهو، وتثقيف الشعب الأمريكي بالحاجة إلى تغيير نوع المقاربة مع إيران – تفوق المكاسب السياسية، من هنا يسهل فهم خيارات أوباما الحاسمة وتعييناته الرئيسية في ما خص الشرق الأوسط وقبل تسلمه لمنصبه، فأوباما ومساعدوه يعرفون أن اختيار دنيس روس، المدير الرفيع المستوى لمجلس الأمن القومي، مفاوضًا لأمريكا مع إسرائيل، سوف يلقى رضا إسرائيل وأنصارها في الداخل.
النقطة الثالثة: هو أنه رغم خطاب أوباما القوي من أجل انطلاقة جديدة في العلاقات بين الولايات المتحدة والبلدان الإسلامية، فلم يحتل الشرق الأوسط مركزًا متقدمًا في أجندته، بل كانت أولوية أوباما الحقيقية هي تصحيح الوضع الضريبي، وإعادة الحيوية والقوة إلى الاقتصاد الأمريكي المتباطئ، ويعني ذلك تلقائيًا تقليص التزامات البلاد حول العالم، وخصوصًا في الشرق الأوسط،، حيث توسعت الالتزامات الأمريكية، بحسب مساعدي أوباما، إلى ما يزيد على ما هو ضروري للمصالح الأمريكية الحيوية.
لقد عمل أوباما منذ بداية ولايته الرئاسية على نقل أولويات السياسة الخارجية الأمريكية من الشرق الأوسط إلى الباسيفيكي وآسيا حيث يتحدد، كما يعتقد هو ومساعدوه، مستقبل أمريكا. وقد أشارت هيلاري كلينتون وزيرة الخارجية في ولاية أوباما الأولى إلى أن أولويات أوباما، منذ بداية ولايته الرئاسية، كانت محلية، واقتصادية من الدرجة الأولى، أما الشؤون الخارجية، وخصوصًا الشرق الأوسط، فلم تحتل أولوية على أجندته السياسية، وعليه، فلا غرابة أنه حين يواجه بتحديات في الشرق الأوسط، مثل سورية ومصر وإيران، كان أوباما يعمل على حصر الأضرار، ويتجنب تعميق التورط الأمريكي هناك. لقد أظهر أوباما، حالة بعد حالة، رغبة قوية في الابتعاد عن اضطرابات المنطقة الاجتماعية والسياسية وصراعاتها المتفجرة، ويتسق هذا الخيار مع أجندته على مستوى العالم، ومرة ثانية يبدو أن تردد إدارة أوباما في التدخل العسكري في سورية حالة تستحق البحث، وهي من جديد إشارة إلى أن الواقعية، والأجندة المتواضعة تجاه المنطقة، هما ما يرشد أوباما في سياسته الشرق أوسطية، لا فكرة التدخل السهل، أو نشر الديمقراطية." يتبع "