تراجع سعد الحريري عن استقالته من رئاسة الحكومة اللبنانية بعد لقاء الرئيس عبد الفتاح السيسي بالقاهرة ، والمتابع لتداعيات استقالة رئيس الوزارء اللبنانى سعد الحريرى وتراجعه فى القرار، يدرك جيدا أن مصر دولة تحكم وفق معايير محددة، دائما ثابتة على موقفها نحو دعم الجيوش الوطنية، والحوار الوطنى والحفاظ على وحدة الأوطان، هذا رغم التكلفة العالية لذلك فى بعض الأحيان .
تدرك الدولة المصرية أن مخطط التشظى والتشرذم الذى يسعى له المغرضون، واتضحت معالمه وخطواته وآثاره كاملة فى سوريا والعراق وليبيا واليمن، وتكبدت المنطقة بأكلمها أثمان فادحة خلال سبع سنوات، فالحرب أكثر كلفة وتدميرا مما يتخيل البعض من فاقدى الرؤية.
ولعل الأهم أن مصر تربطها بالدول العربية كافة علاقات قائمة على الاحترام المتبادل دون التبعية لأحد، ولا تدخل فى شئون آخرين، تكتفى دائما الدولة المصرية بتقديم النصح والإرشاد، وتعمل لرأب الصدع، وتقوية أواصر العلاقات العربية /العربية، تدعم الدول والجيوش الوطنية، على اختلاف مواقفها، وتترفع عن التدخل الذى يضر أى حوار وطنى متوقع، وذلك بسبب إيمان عميق لدى الدولة المصرية، أنه لا يجوز دعم ميليشيا مسلحة أيا كان موقعها أو انتماءها الطائفى ضد الدول بمفهومه الواضح.
لم تنحاز مصر انحيازا كاملا لمواقف البعض، بالضغط على رئيس الوزراء اللبنانى سعد الحريرى للاستقالة، والدفع فى اتجاه موقف حاسم من سلاح حزب الله، وفى ذات الوقت مازالت الدولة المصرية تعارض أى تدخل إيرانى فى لبنان، أو تلاعب بأمن الخليج العربى .
قالها الرئيس السيسى فور اندلاع الأزمة، أنه يجب التعامل مع القضية اللبنانية بحذر، " لا نريد إشكاليات أخرى، ولا زيادة التحديات والاضطرابات الموجودة فى المنطقة "، ولعل تصريحات السيد الرئيس الحاسمة جاءت لتؤكد أن وساطة مصرية أوروبية جرت وعدلت مسار الأزمة، بحيث لا تتحول إلى كارثة جديدة ، فالدولة المصرية رغم حرصها الدائم على أمن الخليج واعتباره جزءا من أمن الدولة المصرية ذاته، لكنها فى الوقت ذاته ترى أن على الجميع التهدئة والتريث والابتعاد عن سيناريو الحرب الذى يستتبعه اندلاع حربا أهلية مرعبة النتائج، والذى لا قدر الله إن كانت وقعت ستكون أكثر فداحة مما مرت به لبنان منذ منتصف السبيعنيات من القرن الماضى.
لقد تغيرت الأساليب والظروف الدولية، وزرع فى وادينا قوى شر تدعم وتمد المتطرفين بالسلاح والمعلومات، ورغم أن هذه القوى اندحرت وهزمت فى سوريا والعراق، إلا أنها لا زالت تبحث عن مأوى جديد تتجمع فيه كصديد فى الجسد يستعد للهجوم من جديد .
إنها دعوة لكل الأشقاء فى لبنان، إلى التريث والأخذ فى الاعتبار أن أى خلخلة فى النظام اللبنانى، ربما ستفتح بؤرا جديدة للإرهاب، نقاط جديدة يستطيع من خلالها المهزومون فى سوريا والعراق لم أشلاء التنظيم والتمركز من جديد فى قلب الوطن العربى لبنان، فكما تحرص مصر على وحدة أراضيها والحفاظ على أمنها القومى بمحاربة مخططات التفتيت، فإنها فى ذات الوقت تعمل على أن تكون تلك الرؤية لجميع دول المنطقة فالدولة المصرية، وبشكل واضح ضد تفتيت الوطن السورى أو اليمنى أو الليبى، وكذلك الحال فى لبنان والعراق.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة