لم يعد من اللائق أن نسمع أحدهم الآن يسير فى شوارعنا أو يظهر فى إعلامنا، أو يقف فوق منابرنا ليحدثنا عن نصرة الإسلام بالخلافة الرشيدة، أو بالجهاد الذى يقوده مرتزقة داعش أو الإخوان، لم يعد مقبولا أن يتحدث أحدهم عن الإخوان بصفتهم جماعة دعوية هدفها الحفاظ على الدين، فما حسن البنا وتلاميذه إلى حاضنة إرهابية كبيرة منها انطلقت أفكار العنف، ومنها خرج الدواعش والمتطرفون، وفيما بينهم الآن خطوط مشتركة، يحصلون على المال من نفس الجيب القطرى، ويحصلون على الدعم والمساندة من نفس الصندوق التركى، وتضم قاداتهم ومنظريهم أرضا واحدة هى العاصمة لندن، ويتعاطف معهم باقة من الضائعين على السوشيال ميديا، تارة بتعاطف واضح، وتارة أخرى بتبريرات لجرائمهم ومرة ثالثة بشماتة فى الدولة التى يضربها الإرهاب برصاصه.
هل تكفى تمايل «لا إله إلا الله محمد رسول الله» فوق قطعة من القماش الأسود لإثارة تعاطفك؟ وهل تكفى كلمات الإخوان الخادعات عن الدين ونبذ العنف لتجعل كلماتهم محل ثقة بالنسبة لك بينما كلمات ما عداهم محل تشكيك وانتقاد دائم؟
وهل يكفى أن يسير أسفل تلك الراية رجال بلحى كثيفة يتمتمون بآيات من القرآن وتعاليم من الحديث لإيهامك بأنها راية الإسلام؟
لا هذا هو الإسلام، ولا تلك رايته، ولا هؤلاء رجاله، تلك راية لا تستحق تعاطفك.. صدقنى!
راية الإخوان وخلاياهم النوعية المسلحة أو الجماعات الداعشية التى تقتل جنودنا فى سيناء تحت مظلة من الدعم والتشجيع القادم من فضائيات الإخوان التى تبث من قطر وتركيا ومن فتاوى التكفير والتأويل المزيف للآيات القرآنية والأحاديث النبوية، لا يمكن أن تكون أبدا راية إسلام الرحمة والسماحة الذى بشر به النبى محمد، عليه الصلاة والسلام.
تلك رايتهم، سوادها من قلوبهم وعقولهم التى لا تخجل من تزييف الفتاوى واقتطاع الآيات من سياقها من أجل تمهيد الطريق لمصالحهم القائمة على القتل والتخريب وقطع الرؤوس.
راية الإسلام تقول: «إن حرمة دم المسلم أشد عند الله من حرمة الكعبة، وراية الإخوان وأنصار بيت المقدس وباقى شلة الإرهاب تقول: إن الشرعية والاستيلاء على السلطة أهم من دماء آلاف المسلمين، سمعناها من قيادات الإخوان فوق منصة رابعة، وشاهدنا تطبيقها العملى على يد المتطرفين فى سيناء ومجانين داعش فى سوريا والعراق.
هذه الفتاوى الجرائمية التى يحلل بها الإخوان والإرهابيون قتل الجنود والمدنيين فى سيناء، تبدو منهجا تتبعه جماعات الإسلام السياسى لحماية مكاسبهم.
اقرأ لكى تفهم أن كل شىء عند هؤلاء قابل للبيع والتشويه من أجل الحفاظ على مكاسبهم وحشد أتباعهم وأنصارهم حتى ولو كان ذلك بالقول الحرام.. وقولهم فى هذه المرة أصاب أول ما أصاب رسول الله الكريم، وشوه كل المواقف التى كنا نستخدمها فى الماضى للتدليل على رحمته وعظمته وسماحته، اقرأ يا سيدى وبتركيز ما نشره الشباب السلفى والإخوانى لتشجيع الجماعات الإرهابية فى سيناء وتبييض وجه جرائمهم الدموية ضد الجنود والمدنيين:
- إن النبى، صلى الله عليه وسلم، الذى عفا عن أهل مكة فقال: اذهبوا فأنتم الطلقاء، هو الذى حدد أناساً بعينهم فقال: اقتلوهم ولو تعلقوا بأستار الكعبة - وإن النبى الذى احتمل إيذاء أهل الطائف لما ذهب لدعوتهم وقال: لعل الله أن يخرج من أصلابهم من لا يشرك به شيئاً، هو الذى قال لمشركى قريش لما غمزوه واستهزأوا به وهو يطوف بالبيت: لقد جئتكم بالذبح.
- وإن النبى الذى احتمل جهل الأعرابى وأعطاه وزاده لما جذبه بردائه وقال: أعطنى فإنه ليس مالك ولا مال أبيك، هو النبى الذى نصح رجلاً يجالسه فقال: كل بيمينك فرد الرجل: لا أستطيع، ما منعه الكبر، فدعا عليه: لا استطعت.. فما رفعها إلى فيه.
- وإن النبى الذى عفا عن رجل استل سيفه وجاء ليقتله وهو نائم، هو نفسه النبى الذى أمر علياً أن يضرب عنق أبوعزة الجحمى الشاعر بعد أن انطلق يؤلب القبائل عليه،–وإن النبى الذى أعطى الأمان لأهل الذمة وأسقط عمن لا يستطيع منهم الجزية، هو الذى أقر الأعمى لما قتل اليهودية التى خاضت فى النبى مرات وكان ينهاها فما انتهت».
انتهى ما يسرده إرهابيو الإخوان من وقائع أرادوا من خلفها أن يحشدوا أنصارهم تحت شعار «الرسول كان يقتل ويعذب معارضيه والمخالفين معه»، الكارثة الكبرى تكمن فى عقول أصحاب اللحى الذين اجتزأوا هذه الوقائع من سياقها التاريخى والسياسى والدينى، وقاموا بلى عنق الأحداث والأحكام ليصنعوا مقارنة غير طبيعية تخدم مصالحهم حتى ولو كان فى هذه المقارنة ظلم لأشرف الخلق أجمعين.
وحاول أصحاب هذه المقارنة الخبيثة، الذين استحلوا الطعن فى سمعة النبى محمد، صلى الله عليه وسلم، أن يبرروا فعلتهم فقالوا فى نهاية رسالتهم: «الرحمة فى غير موضعها ضعف ومضرة»، فهل تنتظر يا عزيزى من أناس ارتضوا بيع وتشويه سماحة محمد، صلى الله عليه والسلام، مقابل شراء تأسيس إمارة إسلامية فى سيناء أو مقابل بقاء محمد مرسى فى السلطة حفاظا على دين أو إعلاء لكلمته.. والله ما يريد أمثالهم سوى سلطة تمنحهم قدرة على تمرير طغيانهم من خلال عباءة الدين.