كيف رأى الباحثون اليهود الذين يعيشون على أرض فلسطين المحتلة العلاقات بين الولايات المتحدة الأمريكية والدول العربية بصفة خاصة ومنطقه الشرق الأوسط بصفه عامة؟ وهل نجحت بعض الأبحاث الصهيونية فى إشعال نار الفتن بين واشنطن والعواصم العربية خاصة بعد أن تولى الرئيس الأمريكى السابق رئاسة أمريكا أكبر حليف لدولة الاحتلال الصهيونى لفلسطين؟ وكيف سخرت دولة الاحتلال الإسرائيلى كتابها وأبحاثها لتدمير ورصد علاقات أمريكا بالعرب والمسلمين، وفى هذا المقال نعرض لما ورد فى دراسة صهيونية وضعها باحث الإسرائيلى يدعى يوئيل جوجنسكى ونشرها فى إحدى الدوريات التابعة لإحدى المراكز التى على صله بجهاز الموساد الإسرائيلى، وهو ما يجعلنا على يقين أن هذه الدراسة احتوى بعضها على معلومات هدفها الرئيسى تدمير العلاقات الأمريكية العربية وضرب المصالح العربية وزعزعة الدول العربية من الداخل، حيث كشفت الدراسة الصهيونية عن أسرار العلاقات بين إدارة بارك أوباما الرئيس الأمريكى السابق والدول العربية بصفة خاصة ومنطقة الشرق الأوسط كله بصفة عامة، حيث يقول يوئيل جوجنسكى إن الولايات المتحدة بدأت فى السنوات الأولى من ولاية أوباما فى البيت الأبيض تحويل قوات وبناء قدرات وتنمية شركات قديمة وبناء شركات جديدة بهدف تهدئة حليفاتها وصديقاتها بأنها لن تتخلى عنها فى مواجهة قوة الصين الصاعدة، وكل ذلك مع عملها على منع إنجرارهن إلى مواجهة عسكرية غير مطلوبة من جهتها مع بكين، وهى شريكتها الاقتصادية المركزية، ويكمن التقدير أن هناك عدداً من الظروف التى قد تزيد التوتر فى العلاقات بين الولايات المتحدة والصين وفى مقدمتها سياسة هذه الأخيرة فى محيطها القريب «كما ظهر مثلاً فى الصراعات على المناطق فى بحر الصين الجنوبى»، ووراءه أيضاً.
إن الخشية من تحول الشرق الأوسط إلى أقل أهمية للأمن القومى الأمريكى مصدرها زيادة إنتاج الطاقة المحلية فى الولايات المتحدة وكندا والاحتمال الكبير لأن تستطيع واشنطن أن «تنفطم» عن تعلقها بنفط الشرق الأوسط، ومع انخفاض تهديد القاعدة فى ظاهر الأمر، ادُّعى أنه من الأفضل توجيه الانتباه والموارد الأمريكية إلى مواجهة تحدٍ أكبر فى آسيا.
الشرق الأقصى وحوض المحيط الهادئ كان للولايات المتحدة مصالح خاصة فيها منذ أمد بعيد، والخطوات الأمريكية الحالية، التصريحية والعملية التى تشمل «التحول شرقاً»، هى رد على زيادة قوة الصين وتهديد جاراتها الناتج من تنامى هذه القوة ومن السياسة المشددة، ولن نقول العنيفة، التى أظهرتها فى السنوات الأخيرة. وتريد الولايات المتحدة من جهتها أن تُثبت أنها لن تتخلى عن مكانتها كقوة عظمى وعن المصالح الاقتصادية فى المنطقة التى تتعاطى معها بشكل تقليدى على أنها «الساحة الأمامية»، وأنها لن تسمح للصين من تحويلها إلى منطقة تأثير لها وحدها، ويمكن أن نزعم أن الصعاب التى تصطدم بها الولايات المتحدة فى تحقيق سياستها فى الشرق الأوسط أيضاً تساهم فى رغبتها ببذل موارد فى ساحات أخرى.
أوراق أوباما الخاصة كشفت العديد من النقاط التى أمدت تحول السياسية الأمريكية عن الشرق الأوسط، حيث يرى جوجنسكى ى دراسته أن الزيارة الأولى للرئيس الأمريكى السابق أوباما «ومعه كل القيادة العليا من الإدارة الأمريكية» بعد انتخابه لولاية ثانية كانت لجنوب شرق آسيا. وذلك لتجسيد مضمون «التحول شرقاً» الذى أعلنه وللإشارة إلى أن العلاقات الاقتصادية والأمنية بهذه المنطقة مصيرية لمستقبل الولايات المتحدة، وقد تكون هذه الزيارة هدفت أيضاً إلى الإشارة بأن اهتمام الإدارة وأغلب انشغالها سيخصصان فى السنوات الأربع القريبة لهذه المنطقة. وقد يكون الرئيس يرى فرصة لترك توقيع فى منطقة آسيا، والمحيط الهادئ خاصة أن يُثبت بذلك إرثه خصوصاً على ضوء صعوبة القيام بذلك فى ساحات أخرى، لكن كما شهدت هذه الزيارة أيضاً، تؤجل الاعتبارات إلى وقت بعيد أحياناً بسبب نشوب أزمات قصيرة الأمد فى مناطق أخرى مثل الشرق الأوسط، وهو ما يعزز الادعاء أن التدخل الأمريكى فى الشرق الأوسط لن يقل، فى الأمد القصير لن يقل.
بين إيران و«الربيع العربى»: سيكون صرف الأنظار بعيداً عن الشرق الأوسط انحرافاً ذا شأن كبير فى السياسة الأمريكية القائمة طوال سنين. يمكن الادعاء أن هذا التغيير قد بدأ فى واقع الأمر فى الولاية الأولى لإدارة أوباما وظهرت بالتخفيف من جهود دفع عملية السلام الإسرائيلية الفلسطينية قدما، وصعوبة إيقاف إيران فى طريقها نحو القدرة النووية العسكرية، وفى العراق الذى يُثبت نفسه خارج مجال التأثير الأمريكى، وأيضاً فى البحث عن طريقة خروج سريع من أفغانستان، على الرغم من أن قوات الأمن المحلية لم تقف بعد على أقدامها، واكتفت إدارة أوباما أيضاً بـ«القيادة من الخلف» فى ليبيا، وتتردد حتى الآن عن الدفع بشكل فاعل إلى تنحية بشار الأسد فى سوريا، وقد يكون هذا هو الذى أفضى إلى إطالة الحرب الأهلية هناك، ونتيجة هذه الإجراءات والتطورات هى أن حلفاء الولايات المتحدة وأعداءها يخططون، بل بعضهم يتصرف، وكأن الحديث عن الشرق الأوسط وراء أمريكا.
وضع الرئيس أوباما لنفسه هدفين أساسيين مع توليه منصبه، وهما جعل الولايات المتحدة ذات شعبية أكبر فى الشرق الأوسط، وسحب قوات جيشها من هذه المنطقة، من العراق أولاً ومن أفغانستان بعد ذلك. ووعد أوباما العالم الإسلامى فى بداية ولايته الأولى بـ«بداية جديدة»، لكن المنطقة العربية فى بداية ولايته الثانية «والعالم الاسلامى عامة أيضا» بقيت مشحونة بمشاعر معادية لأمريكا، مع بداية سياسة «البداية» لإدارة أوباما نحو العالم الإسلامى قوبِلت بالشكوك، لأنها لم تتضمن أهدافاً سياسة محددة واضحة، وبسبب التوقعات العالية التى نشأت وصعوبة الاستجابة لها كاملة.. «يتبع»..
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة