أدرك أنه من المبكر جدًّا الحديث عن مدى نجاح منتدى شباب العالم، لأن فعالياته لا تزال مستمرة فى شرم الشيخ، لكن المؤشرات الأولية تؤكد أنه حقق جزءًا كبيرًا من أهدافه، تحديدًا المتعلقة بإيجاد منصة حوارية بين الشباب من مختلف الجنسيات، وفى حضور عدد من القادة والزعماء وأصحاب الفكر والتجارب الناجحة.
المنتدى فى مجمله فكرة طيبة تركت مردودًا جيدًا ليس فقط فى نفوس المشاركين، وإنما أيضا المتابعين لأعماله وحواراته، سواء عبر وسائل الإعلام أو التواصل الاجتماعى، وهو ما يظهر من التفاعل الكبير على صفحة المنتدى على موقع «فيس بوك»، وأيضًا فى الحوارات الجانبية بين الشباب الذين شاركوا أو من لم يشاركوا، والتى دارت حول أهمية المنتدى باعتباره أرضية مهمة للحوار بين الشباب، وأيضًا لأنه منح الشباب المصرى الفرصة لكى يستفيد ويتعلم من تجارب أقرانه من مختلف دول العالم، وكذلك لكى يطلع الآخرين على التجربة المصرية، سواء فى التحول الديمقراطى أو إشراك الشباب فى الحوارات السياسية المفتوحة، أو فى اتخاذ القرار، خاصة أن مصر تمتلك تجربة تستحق أن يطلع عليها شباب العالم، نعم هى تجربة عمرها أقل من عامين، لكنها بدأت تطرح ثمارا مفيدة للجميع، وأذكر منها على سبيل المثال «البرنامج الرئاسى لتأهيل الشباب للقيادة»، الذى يمكن اعتباره انطلاقة مهمة وضرورية فى سياسة الدولة الجديدة وإستراتيجيتها نحو تمكين الشباب، فعلاً وليس قولاً.
أعتقد أيضًا أن المنتدى نجح على الأقل فى أنه لم يغلق أبوابه أمام أحد، حتى المختلفين سياسيًا مع الدولة المصرية، فالمنتدى كان مفتوحا أمام من يريد المشاركة ويتحدث بحرية تامة دون أى إملاء أو فرض لرأى، وهو ما يعد امتدادًا للسياسة التى بنى عليها مؤتمرات الشباب التى انطلقت فى أكتوبر 2016، وشهدت حضور عدد من الشباب المختلفين سياسيا مع الدولة، وتحدث بعضهم فى جلسات علنية، وبحضور الرئيس عبدالفتاح السيسى، وقالوا ما أرادوا قوله دون تدخل من أحد، بل إن أفكار بعضهم أخذت طريقها إلى التنفيذ، ومنها على سبيل المثال، تشكيل لجنة العفو الرئاسى المختصة بدراسة حالات الشباب المحبوسين على ذمة قضايا، والتى أصدرت حتى الآن ثلاث قوائم تم الإفراج عنهم، وتعكف حاليًا على دراسة القائمة الرابعة، فضلاً عن مقترحات أخرى كثيرة تم الأخذ بها والعمل على تنفيذها، وهو ما أكد للجميع أن الرئيس والدولة لديهما الرغبة الحقيقية فى الإصلاح، وأنهما منفتحين على كل صاحب رأى أو مقترح، أياً كان موقفه السياسى، لأن الهدف هو البناء والتغيير.
هذا الانفتاح على الجميع كان موجودا وبقوة فى منتدى شباب العالم بشرم الشيخ، فلم يرفض المنظمون حضور أى شخص سجل بياناته على الموقع الخاص بالمنتدى، بل إن هناك شبابا معارضين سياسيا للدولة ومقيمين خارج مصر طلبوا الحضور، فكان الرد عليهم أن مصر ترحب بهم فى أى وقت، وبالفعل جاءوا إلى شرم الشيخ، وتفاعلوا مع المنتدى والمشاركين فيه، ولم يفرض عليهم أحد أى قيد سواء فى الحركة أو الحديث، وهى رسالة قوية للداخل والخارج، أن الدولة المصرية لا تعادى أحدًا، طالما أنه لم يحمل السلاح فى وجه المصريين، ولم يتورط فى قتل الأبرياء.
أمر آخر نجح فيه المنتدى حتى الآن، وهو لا يتعلق بالموضوعات المطروحة للنقاش، لكنه مرتبط برؤية الشباب للأوضاع فى مصر على أرض الواقع، فمن خلال المتابعة اليومية لتحركات المشاركين فى المنتدى خاصة من الدول الأوربية والأفريقية داخل شرم الشيخ، لاحظت استمتاعهم بالأجواء، بل إن بعضهم تحدث عن أن المدينة الساحلية ستكون وجهته لقضاء عطلاتهم السنوية المرات القادمة، وهو ما يمثل أقوى وأكبر رد على الدول التى تحارب السياحة المصرية، وتحاول بشتى الطرق الادعاء أن مصر دولة غير آمنة، واستخدم العمليات الإرهابية التى تحدث على فترات لترهيب الأجانب من قضاء عطلاتهم فى مصر، فهؤلاء الشباب ردوا على الأرض ووجهوا لطمة قوية لحملة الأكاذيب التى تتعرض لها مصر خاصة فى الإعلام الغربى.
فى المجمل أرى أن منتدى شباب العالم حقق الكثير من الأهداف التى سعى لها منذ التفكير فى إطلاقه، سواء فى القضايا التى اختيرت بعناية شديدة لتكون محور النقاش داخل جلسات العمل، أو فى الحوارات الجانبية والتعارف بين الشباب الذين يمثلون قادة المستقبل فى بلدانهم، وهنا أجدنى مهتمًا بما شهده المنتدى من حوارات ثرية وقوية فى الكثير من الموضوعات، خاصة التى تهم عموم شباب العالم، وتحديدًا قضية الإرهاب، والحفاظ على هوية الشباب، والحفاظ على أرواح الشباب فى مواجهة النزاعات المسلحة داخل العديد من الدول، والتى أجبرت آلاف الشباب والأسر على ترك بلدانهم، فخلال النقاش ظهر جليًا مدى وعى شبابنا بالمخاطر التى تواجه بلداننا، وفى نفس الوقت قدرة هؤلاء الشباب على طرح الحلول، وهو ما جعل المنتدى فرصة مناسبة لإظهار العديد من المواهب الكامنة لدى الشباب.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة