مأساة العرب هى الحنجوريون العرب.. والحنجورى هو الشخص الذى يتحدث من حنجورته، فيخرج صوته زاعقاً ناعقاً، صخب وضجيج، يطرش الآذان ويكبل العقول.. فلسطين ضاعت بسببهم، وذنب الأقصى فى رقبتهم، ولو استمروا فى صراخهم، فقل على العروبة السلام.
سمعت أحدهم فى بغداد الصامدة، خلال مؤتمر اتحاد الصحفيين العرب، يستنسخ نفس رفاقه الذين زايدوا فى سرادقات دمشق وصنعاء وطرابلس وغيرها من عواصم العرب التى كانت عامرة بالهدوء والخير، فأضاعوها، واليوم عادوا ينعقون على أطلال القدس، واهمين أنهم يمتلكون مخزوناً نضالياً يسمح لهم بالتنابز على غيرهم، ويا ويل أمة تحوى فى صفوفها مثل هذا الصنف من الظواهر الكلامية الوهمية.
تحدث المناضل السابق عن ديكتاتورية الحكومات العربية، التى تستخدم شماعة الإرهاب، لتكبل شعوبها وتغلق أفواههم، زاعماً أنه تم اختطاف متظاهرين مصريين كانوا يتظاهرون من أجل القدس، ولم يضع فى عينيه فص ملح، ويقدم التعازى لشهداء مسجد الرحمة، الذين لم تجف دماؤهم الطاهرة حتى الآن، وبئس هذا الصنف من المناضلين الأشرار.
كان ضرورياً أن أرد وأن أوضح للحضور أن الذى يحتل القدس هو إسرائيل، والذى نقل السفارة هو ترامب، وأننا جئنا نناصر القدس، لا أن نتناحر ونتنابز ، مثلما يفعل "هذا" الذى استنكرت كلامه عن مصر جملة وتفصيلاً، ولا أريد أن أرد عليه لأنه لم يستحق الرد، ولكنه جاء مزايداً بمعاركه الكلامية الفارغة، مثل الأسلحة الفاسدة التى ترتد إلى صدور العرب وتستنزف قواهم.
ماذا يمكن أن نفعل كصحفيين عرب؟ تلك هى القضية، وتقدمت بمقترح بتكوين مرصد إعلامى يتبع اتحاد الصحفيين العرب، يقوم برصد المخالفات الإسرائيلية بشأن القدس يوماً بعد يوم، ويزود وسائل الإعلام العربية والعالمية بتلك الخروقات، لتظل قضية القدس ملفاً ساخناً ومفتوحاً طوال الوقت، وليست بشكل طارئ كلما حدث اعتداء إسرائيلى عليها.
اتحاد الصحفيين العرب ليس دوره أن يوزِّع التهانى أو الإدانة على الدول التى تؤيد أو تعارض نقل السفارة، ولكن عليه بالدرجة الأولى أن يُفعِّل قوته الضاربة، لإيقاظ الوعى العربى والاتجاه بالغضب إلى الوجهة الصحيحة، الغضب الساطع الذى ينير العقول، ويفتح الطريق أمام رأى عام عربى يملأ الدنيا احتجاجاً وتحدياً للمعتدى الحقيقى الذى يحتل القدس وينقل إليها سفارته، أما حُرَّاس الشعارات الزائفة، فلا يريدوها إلا ناراً تحرق بقايا القضية.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة