- «الجزار» حصل على الكرة الذهبية كأفضل لاعب فى العالم ويلعب بالدرجة الثالثة بعد رفضه بالممتاز.. والتوأم «عماد» يلعبان فى الدرجة الرابعة رغم التفوق
- بدل اللاعب فى المنتخب الوطنى للصم 40 جنيهاً.. ووزارة الرياضة تدعم كل نادٍ بـ 25 ألف جنيه فقط فى السنة
تكمن عظمة كرة القدم فى أنها لا تحتاج لغة، فيمكنها أن تكون وسيلة للتواصل والمنافسة بين المختلفين، لذا أصبحت اللعبة الشعبية الأولى فى العالم دون منازع، واستحقت لقب الساحرة المستديرة عن جدارة.
ورغم هذا توجد فئات تحلم بالاستمتاع بممارسة هذه الرياضة، ولديها القدرة على المنافسة والتفوق فيها، حتى وإن كانوا من ذوى الاحتياجات الخاصة، ومن هذه الفئات «الصم والبكم»، الذين كونوا فرقًا، وأكدوا استعدادهم وقدرتهم على منافسة الأسوياء، وأن لديهم الموهبة والإمكانيات التى تؤهلهم لذلك، لكن البعض يرى أنهم غير مؤهلين للوجود على المستطيل الأخضر، بزعم أنهم قد لا يسمعون صافرات الحكم، أو تعليمات المدربين، ولن يتمكنوا من التواصل مع زملائهم فى الملعب.
وفى الملف التالى نكشف معاناة لاعبى الصم والبكم فى مصر، للعب فى أندية الأسوياء، خاصة فى الدورى الممتاز، ونظرة البعض لهم على أنهم فئة لا تستطيع المنافسة، رغم امتلاك بعضهم الموهبة التى تؤهلهم للعب فى مستويات أفضل، والإنجازات التى حققها هؤلاء اللاعبون فى المنتخب الوطنى للصم، وإحرازهم بطولات على الصعيد الدولى.
حقق منتخب الصم فى السنوات الأخيرة العديد من الإنجازات، منها ما حققه فى يوليو الماضى، حيث حصل على أول ميدالية برونزية فى تاريخه فى أولمبياد الصم والبكم، التى أقيمت فى تركيا، وفى يونيو 2016 أحرز المركز الخامس بكأس العالم بإيطاليا، وفى يوليو 2012 حقق المركز الثانى فى كأس العالم للصم والبكم التى أقيمت بتركيا.
النتائج السابقة تعكس قوة هؤلاء اللاعبين، وقدرتهم على منافسة منتخبات عالمية، وهنا يأتى تساؤل: لماذا لا يشاركون مع فرق الأسوياء فى المسابقات المختلفة؟ ولمَ لا نرى عناصر منهم فى المنتخبات الوطنية؟
تواصلنا مع عدد من لاعبى المنتخب الذين يلعبون فى أندية الصم والأسوياء فى الوقت نفسه، عبر خاصية «الشات»، منهم التوأم محمد وأحمد عماد، 24 عامًا، اللذان يلعبان فى الفريق الأول بمركز شباب زينهم، فى دورى الدرجة الرابعة، وفى نفس الوقت يشاركان فى مسابقات الصم التى تتبع اللجنة البارالمبية، بينما مسابقات الأسوياء تتبع اللجنة الأولمبية.
ويؤمن أحمد عماد، خريج كلية الهندسة، بأن اللاعبين الصم يمكنهم منافسة الأسوياء بشكل طبيعى، وأن الموهبة هى التى تحسم اختيار الأفضل من الناحية الفنية، قائلًا: كنت أمارس لعب الكرة بشكل طبيعى حتى الصف الثالث الإعدادى، لكننى توقفت فى الثانوية العامة حتى التحقت بكلية الهندسة، ثم عدت لممارسة كرة القدم مجددًا، وعلى مدى السنوات الست الماضية ألعب بانتظام.
ويُضيف لاعب مركز شباب زينهم: أتمنى تغيير الثقافة تجاه التعامل مع اللاعبين الصم، وأن يلقوا الاهتمام، بدءًا من مرحلة الناشئين، خصوصًا أن هناك مواهب تستحق اللعب فى الدورى الممتاز.
وأضاف أحمد عماد: أرتدى السماعة حتى أتمكن من السمع، وأتعامل مع زملائى بالإشارات، ورغم صعوبة الأمر فى البداية، فقد تمكنت من التأقلم.
وعن التعامل مع صافرات الحكام، قال اللاعب الشاب إن كرة القدم لعبة جماعية، وعندما يقوم الحكم بإطلاق صافرة لاحتساب مخالفة أو غير ذلك، يتوقف اللعب، فيدرك من لا يسمع أن هناك شيئًا لابد من الانتباه له، وعمومًا كرة القدم فى الغالب تتم بالإشارات.
وعن الإمكانيات التى توفرها الأندية للاعبين الصم، قال عماد: «إحنا بنصرف على اللعبة، ومفيش أى دعم أو اهتمام، وعلشان كده بيكون الاحتراف أمر صعب إلى حد كبير».
وعلى نفس المنوال، سار شقيقه محمد الذى يلعب معه فى نفس فرق الأسوياء والصم، قائلًا: المدربون فى الدورى الممتاز يريدون اللاعب الجاهز، فما بالك لو كان أصم، مما يعنى أنه سيحتاج إلى جهد إضافى من أجل تطوير مستواه، ودمجه فى الفريق على الصعيد الفنى.
وسرد محمد قصة قديمة حول لاعب رفض اتحاد الكرة قيده قبل 12 عامًا لأنه أصم، قائلًا: كان هناك لاعب يدعى حاتم عبدالودود، وعلى أعلى مستوى، وبالفعل اقتنع كابتن طه بصرى، رحمه الله، بموهبته، وأراد ضمه لفريق المقاولون العرب الذى كان تحت قيادته، لكن عندما ذهب إلى اتحاد الكرة رفضوا قيده لأنه أصم.
ويضيف اللاعب الشاب: حاليًا يمكن قيد لاعبى الصم والبكم باتحاد الكرة، لكن لا يوجد من يتحمس لضم هؤلاء اللاعبين، وبالفعل خضع عدد منهم لاختبارات الفرق بالممتاز، مثل الرجاء والمقاولون العرب، ولم يتم ضم أى منهم، لذا نجد أن اللاعبين الصم يظهرون فى دورى الدرجتين الثانية والثالثة عندما يكبرون وليس فى السن الصغيرة، وهو ما يجب أن يكون، لكن يعوقه إهمال لتلك الفئة.
وحول قدرته على التعامل مع صافرات الحكام فى الملعب، علق لاعب منتخب الصم، قائلًا: الأمر يعتمد على الحدس والتعود، وأنا على سبيل المثال لا أسمع نهائيًا، لكننى أفهم الإشارات، فعندما يقوم الحكم بإطلاق صافرة يقف كل من فى الملعب، وبالتالى أقف معهم، وأترجم حديث الشفاه، وأعرف ما يدور حولى فى الملعب أو خارجه لتلقى التعليمات.
طارق أحمد على، الشهير بـ«طارق الجزار».. نموذج آخر للاعبين الذين يمتلكون موهبة كبيرة، لكن لم يسعفه الحظ للدخول إلى عالم الأضواء، ولم يلعب فى أندية الدورى الممتاز.
ويلعب طارق فى فريق الوليدية للصم والبكم بمحافظة أسيوط، وحصل على جائزة الكرة الذهبية كأفضل لاعب على مستوى العالم بعد المشاركة فى كأس العالم بإيطاليا فى عام 2016.
ولعب «الجزار» البالغ من العمر 32 عامًا مع ناديى أبنوب ومنفلوط بدورى الدرجة الثالثة، ويشعر بالغضب بسبب الطريقة التى يتم بها التعامل مع اللاعبين الصم، وعدم المساواة بينهم وبين الأسوياء.
وقال «الجزار» الحائز على الكرة الذهبية: حاولت الانضمام لفريقى المقاولون العرب والرجاء، وبالفعل أجريت اختبارات هناك، حتى أن الكابتن محمد عودة، مدرب المقاولون، أشاد بى، وقال لى إنك لاعب على مستوى جيد للغاية، مثل اللاعبين الموجودين لدىّ بالفريق، لكنك تلعب فى مركز لست فى حاجة إليه فى الفترة الحالية.
وعن عدم انضمامه لأندية الدورى الممتاز أو المنتخبات الوطنية المختلفة، قال: باختصار لأننى لم أحضر إليهم راكبًا سيارة فارهة، ولست معروفًا ولا تتحدث عنى وسائل الإعلام، مضيفًا: بعض المدربين حتى الآن لا يمكنهم استيعاب فكرة ضم لاعب أصم إلى صفوفهم، ولابد أن نعترف أن هناك حالات قليلة مثل كابتن توفيق صقر، المدرب السابق بجهاز نادى الرجاء، قال لى إنه لا يوجد فرق فى الكرة بين الصم والأسوياء.
ويستكمل «الجزار» حديثه قائلًا: «بالنسبة للتحكيم، لا توجد أى مشكلة فى التعامل مع اللاعبين الصم فى الملعب، لأن الله أخذ حاسة السمع لكنه أعطانا قوة البصر والنظر للحكم، وكل من حولنا على أرض الملعب».
- بالتجربة.. «كوكا» ينجح مع فريق بالمظاليم.. ومدربه يكشف سر النجاح.. المدير الفنى لمنتخب الصم والبكم: تدريب المدربين أول خطوة.. وأعطوهم الفرصة وسترون النتائج
بكل تأكيد يحتاج اللاعبون الصم إلى رعاية خاصة من المدربين، لتنمية موهبتهم وسط الأسوياء، لكن هل يقبل المديرون الفنيون للفرق الكبرى القيام بتلك المهمة، وهل لديهم الاستعداد للقيام بها؟
وللإجابة عن هذا السؤال قال فؤاد عبدالحميد، المدير الفنى السابق لمنتخب الصم والبكم: «بالفعل توجد عناصر من الصم تشارك مع أندية الأسوياء بالدورى، لكن فى الدرجات الثانية والثالثة والرابعة».
وأضاف: «من وجهة نظرى يمكن ضم عناصر الصم ممن لديهم القدرة والكفاءة للمشاركة فى مسابقات الأسوياء، بشرط أن يجدوا من يؤمن بقدراتهم ويعاملهم على هذا الأساس».
وتابع المدير الفنى السابق للمنتخب: للأسف يوجد بعض المدربين يسخرون من ضم عناصر من الصم لفرقهم، بقول «هو إحنا ناقصين مش بيتكلموا أو بيسمعوا»، لذا تجد القليل منهم ينضم لقطاعات الناشئين فى الأندية الشهيرة، ولذلك يتأخر ظهور مواهبهم حتى يكبر بهم العمر.
وأكد عبدالحميد أنه إذا وجد اللاعب الأصم نفس الرعاية التى يتلقاها الناشئ فى فرق الأسوياء، يمكنه الوصول إلى أفضل المستويات، خاصة أن قدرتهم على الرؤية والتركيز قوية، ويمكن استغلالها بصورة كبيرة.
ودلل عبدالحميد على صحة رأيه، قائلًا: «كنت ألعب أغلب مباريات المنتخب الوطنى للصم والبكم الودية أمام فرق أسوياء، لكنها مراكز شباب أو فرق من دورى درجات ثالثة ورابعة»، لافتًا إلى أنه فى إحدى المرات أراد خوض مباراة ودية أمام أحد أندية الدورى الممتاز الشهيرة، لكنه فوجئ بتعجب مسؤولين النادى من طلبه، واعتذروا، ظنًا بأن هؤلاء اللاعبين أقل من أقرانهم، رغم أن بعضهم يمتلك مهارات كبيرة.
وحول القدرة على التواصل مع هؤلاء اللاعبين، قال مدرب منتخب الصم السابق إنه لديه شقيقًا أصم، ولذلك أجاد لغة الإشارة، مؤكدًا أن اللاعبين الصم لديهم حدس عال، مما يسهل معه فهم تعليمات المدرب أو حتى التعامل مع صافرات الحكم، موضحًا أن هناك فئات مختلفة من اللاعبين، فمنهم من يسمع بنسبة محددة ومن يتكلم إلى حد ما، وهناك من لا يستطيع السمع أو الحديث نهائيًا.
وعن أوضاع لاعبى الصم والبكم فى مصر، قال عبدالحميد: «هناك دورى منتظم لهم، مكون من 12 فريقًا، كما توجد 8 مجموعات دورى درجة أولى للصعود للممتاز».
وأضاف: «بعض اللاعبين يصرف على اللعبة، فهى لا تدر عليهم شيئًا، وعلى سبيل المثال قيمة بدل اللاعب اليومى مع المنتخب تتراوح بين 30 أو 40 جنيهًا، وهو ما يعنى أن اللاعب القادم من المحافظات يحصل على مكافأة شهرية 600 جنيه والقاهرى 500 فقط».
ولفت عبدالحميد إلى أن أندية الصم والبكم تحصل على دعم سنوى من وزارة الرياضة بقيمة 25 ألف جنيه، ومركز الشباب على 10 آلاف جنيه، مؤكدًا أن هذه المبالغ لا يمكن أن تفعل شيئًا لأى فريق.
وأوضح أنه سافر إلى كأس العالم الأخيرة وليس معه سوى إدارى وأخصائى علاج طبيعى فقط، وليس طاقمًا متكاملًا مثلما يفترض أن يحدث، مؤكدًا أنه كان يصمم على إقامة معسكرات طويلة قدر المستطاع للاعبين الصم، وكان يتعامل مع بعضهم كالناشئين حتى يعوض ما فاتهم من مهارات أساسية.
ويؤكد المدير الفنى للصم والبكم أنه توجد مجموعة قوية من اللاعبين الصم، بعضهم يلعب فى أندية الأسوياء، وآخرون يكتفون بالمشاركة فى دورى الصم، ضاربًا المثل بكل من حماد فاروق كوكا، ومحمد عبدالحميد، وحسام ماهر، والتوأم محمد وأحمد عماد، الأصغر سنًا فى المجموعة، وخالد عبدالوهاب، وشريف البلتاجى، وطارق أحمد على، ومحمد محمود عبدالرحيم ومحمد أحمد عبده، مشيرًا إلى أن اللاعب عمرو وجدى محترف باليونان، ويلعب فى أندية الصم، وكذلك الأسوياء فى نفس الوقت، ويمتلك مهارات عالية.
حديث المدير الفنى لمنتخب الصم يكشف عن عدة نقاط مهمة، أبرزها نظرة بعض المدربين لهم، مما يحول دون مشاركتهم فى الدورى الممتاز، وعدم رعايتهم فى مرحلة النشء، مما يؤخر ظهورهم على النحو الأمثل فى الملاعب، وكذلك قلة المقابل المادى الذى يتقاضونه.
ولكن كيف يروى اللاعبون أنفسهم وضعهم الحالى، وفرصهم فى منافسات الأسوياء.
كيف يتعامل المدربون مع اللاعبين الصم فى فرقهم؟
من أبرز أسماء اللاعبين الصم الذين تردد اسمهم فى وسائل الإعلام مؤخرًا، اللاعب حمادة فاروق الشهير بـ«كوكا»، لاعب كهرباء طلخا، وذلك بعد واقعة بلع لسانه فى مواجهة فريق نبروه بالدور التمهيدى الرابع لكأس مصر، والتى أقيمت يوم 24 أكتوبر الماضى على استاد نبروه.
وأثارت الواقعة جدلًا بعدما تمكن طبيب نبروه، كريم ممدوح، من فتح فم اللاعب وسحب لسانه قبل أن يوقف إبراهيم محجوب، حكم المباراة، اللقاء للاطمئنان على صحة اللاعب، الذى دخل فى نوبة بكاء شديدة عقب المباراة.
اللافت فى واقعة «كوكا» أن الكثيرين تعجبوا من وجود لاعب أساسى مع فريق فى دورى الدرجة الثانية، وأحد هدافى الفريق ينتمى إلى فئة اللاعبين الصم.
وقال الدكتور ماهر عبدالحليم، المدير الفنى لفريق كهرباء طلخا: «عندما توليت المسؤولية كان اللاعب كوكا موجودًا مع الفريق، ولم أكن أعرفه، وعندما سألت عنه قالوا إنه حصل على جائزة أفضل لاعب وسط خلال مشاركته مع منتخب الصم والبكم، ولما رأيت أداءه فى الملعب تأكدت من موهبته، وصار أحد الأعمدة الرئيسية للفريق وأحد الهدافين».
وعن طريقة تعامله مع لاعب فى حالة «كوكا»، خاصة مع امتلاكه موهبة كبيرة، أوضح المدير الفنى لكهرباء طلخا أنه أستاذ جامعى فى تدريب كرة القدم بكلية التربية الرياضية بجامعة المنصورة، وأن التعامل مع الجانب النفسى جزء مما درسه، مضيفًا أن حالة «كوكا» ليست الأولى للتعامل مع لاعب أصم بالنسبة له، مؤكدًا أن هناك واقعة أخرى تعود إلى عام 2007 أثناء توليه مهمة تدريب فريق بيلا، حيث كان هناك لاعب يدعى عمر لا يسمع نهائيًا، لكنه كان موهوبًا للغاية، ويحتاج لرعاية كبيرة.
وأضاف الأستاذ الجامعى: «تلك النوعية من اللاعبين يجب التقرب منهم، والتعرف على طريقة تفكيرهم، خاصة أن اللاعب يكون مختلفًا عن باقى اللاعبين الآخرين، ويجب أن يشعر بالأمان».
وقال عبدالحليم: «رغم أننى لا أجيد لغة الاشارات، لكن مع قربى من هؤلاء اللاعبين وآخرهم كوكا، الذى يمكنه التحدث لكنه لا يسمع، أصبح لدى خبرة فى التعامل معهم بالإشارة، لاسيما أن إمكانياتهم الفنية تكون على مستوى عال، ويمكن أن تظهر فى الملعب».
وحول رفض بعض المدربين ضم هذه الفئة من اللاعبين، قال مدرب طلخا إن بعض المدربين لا يرفضون الفكرة، بل إنهم لا يعرفون الطريقة الصحيحة للتعامل معهم، مما يشكل عبئًا على الفريق، لذا يفضلون الاعتماد على العناصر الجاهزة، حتى لو كانت أقل فى الموهبة.
وعن طريقة إعطائه التعليمات الفنية أثناء المباراة، أوضح الأستاذ الجامعى أنه يعطى تنبيهات لأقرب لاعب له فى الملعب بوضع يده على كتفه حتى ينظر له، ثم يشير إليه بالتعليمات المطلوبة، مضيفًا: «تعلمت شيئِا مؤخرًا بعدما أشهر الحكم إنذارًا فى وجه كوكا، بسبب عدم الالتزام بندائه، وهنا أدركت أنه كان ينبغى على الإدارى وأنا أيضًا، ولا أعفى نفسى من الخطأ، التنبيه على الحكم وإبلاغه بوضعية اللاعب وطريقة التعامل معه».
وأضاف عبدالحليم: «فى المباراة التالية تحدثت مع الحكم قبل المباراة، وأبلغته أن اللاعب رقم 8 لا يسمع، وطالبنى بالاستئذان من مراقب المباراة، حتى يكون على دراية بما يفعله فى الملعب، وهو الأمر الذى رحب به المراقب، وقال لى أشكرك على هذا التنبيه، وهو موضع اعتبار بكل تأكيد».
- القانون يسمح بمشاركة اللاعبين الصم مع الأصحاء.. والبشر يمنعون .. «الكاف»: لوائح «الفيفا» لا تمنع مشاركتهم.. و«الغندور»: يحق للحكم التعامل مع اللاعبين الصم بالإشارة.. وتعاملت مع أحدهم فى بطولة أفريقيا بهذه الطريقة
قد يتخيل البعض أن منع اللاعبين الصم من الانضمام إلى أندية الأسوياء يأتى بسبب اللوائح والقوانين، خاصة لوائح الاتحاد الدولى «فيفا»، ولكن ما يوضحه عبدالمنعم حسين شطة، مدير اللجنة الفنية بالاتحاد الأفريقى لكرة القدم «كاف»، يؤكد أن منع هؤلاء اللاعبين ما هو إلا تعسف بشرى، وأن القوانين لا تحول دون انضمامهم لفرق الأسوياء.
وقال مدير اللجنة الفنية بالاتحاد الأفريقى لكرة القدم «كاف»: «لا يوجد فى الفيفا ما يمنع مشاركة أى لاعب أصم فى مباريات وأندية الأسوياء».
وأضاف: «بالنسبة للتعامل مع الحكام فإنه إذا لم يستجب اللاعب للحكم، سيقوم بإنذاره، وهذا ما قد يخشاه بعض المدربين، فيكونون متحفظين وخائفين من اشتراك الصم فى الفرق».
وتابع: «أثناء لعبى فى السودان كان معنا لاعب فى الفريق لا يتكلم، لكنه كان يسمع ويشارك بصورة طبيعية، وكذلك يوجد العديد من النماذج التى شاركت وتشارك على المستوى العالمى، وأعتقد أن هؤلاء اللاعبين فى مصر يحتاجون إلى تسليط الضوء عليهم، والاهتمام بهم أكثر».
وعن طريقة التعامل التى يمكن أن يتبعها الحكم مع اللاعب الأصم، قال الكابتن جمال الغندور، الحكم الدولى، رئيس لجنة الحكام الأسبق: «الحكم فور علمه بحالة اللاعب يمكنه التعامل معه بالإشارات».
وأضاف الحكم الدولى: «صادفت حالة أثناء تحكيم لقاء لفريق الرجاء المغربى فى إحدى البطولات الأفريقية، وكان معهم لاعب لا يسمع وتم إبلاغى قبل المباراة. وبالفعل تعاملت معه بالإشارة»، موضحًا: «الحكم يحق له اتخاذ القرار منفردًا فى تلك الحالات بدون الرجوع إلى مراقب المباراة، لأنه من الناحية الإنسانية يجب تقديم كل الدعم لهؤلاء الذين يتحدون الصعاب، وهذا حقهم علينا». وتابع الغندور حديثه، قائلاً: «قمت بالتحكيم لأحد نهائيات بطولات الصم والبكم، ووقتها تعاملت بالصافرة والإشارات فى نفس الوقت، وكانت هناك استجابة من كل الموجودين بالملعب»، مضيفًا: «الثقافة المصرية تجاه هذه الفئة لابد أن تتغير، لأن بينهم العديد من المواهب تحتاج من يكتشفها».
وحول إمكانية تثقيف الحكام عن الطريقة الأفضل للتعامل مع هؤلاء اللاعبين، قال الحكم الدولى: «إذا كان هناك لاعبون صم بالفريق يمكن للأندية إخطار لجان المسابقات، بحيث يتم إعداد برامج للحكام وتثقيفهم بشأن الطريقة الأمثل للتعامل معهم على أرض الملعب».
وعن تخوفات بعض المدربين من التعامل مع اللاعبين الصم والبكم قال عبدالظاهر السقا، مدير القطاع الرياضى السابق بطنطا، نجم المنتخب الوطنى الأسبق: «لم أصادف خلال مسيرتى الاحترافية أيًا من اللاعبين الصم فى الملاعب»، مضيفًا: «إذا وجدنا المدرب الذى يستطيع التعامل مع هذا اللاعب، فمن أين سنأتى باللاعبين زملائه، وفى رأيى لكسر الحاجز النفسى لابد أن يكون هذا اللاعب فذًا». وعن رأيه فى ضم لاعب أصم على مستوى عال لأى نادى يشرف على تدريبه، أكد السقا أنه إذا كان مستواه جيدًا، وسيفيد الفريق من الناحية الفنية، سيتم ضمه، لأن هذا حقه، موضحًا: «الأمر الرائع فى كرة القدم أن لغتها واحدة».
وأضاف: «عندما احترفت فى تركيا لم أكن أجيد اللغة التركية، حتى تعلمتها بعد عامين من الإقامة، وخلال تلك الفترة لم أكن أتواصل مع زملائى بشكل كبير، وحالتى كانت تشبه إلى حد بعيد من لا يسمع ولا يتكلم، لكن شخصيتى فرضت نفسها، وتمكنت من التأقلم، ونفس الحال بالنسبة اللاعب الأصم والأبكم يمكنه التأقلم مع زملائه».
واتفق معه فى الرأى طارق مصطفى، نجم الزمالك الأسبق، المدير الفنى السابق للعروبة الإماراتى والدفاع الجديدى المغربى، مؤكدًا أنه كمدرب يقبل ضم أى لاعب أصم لفريقه بشرط امتلاكه الموهبة، مضيفًا: «ميزة هؤلاء اللاعبين أنهم يكونون أذكى من الأسوياء، ولديهم قدرة على الاستيعاب بشكل أسرع». وعن رأيه فى إقامة محاضرات للمدربين بشأن التعامل مع تلك الفئات من اللاعبين، قال طارق مصطفى إن تخصيص محاضرات للتعامل مع الجانب النفسى، خاصة مع تلك الفئة ممن يحتاجون الدعم لإظهار مواهبهم، أمر إيجابى يجب البدء فيه.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة