أكرم القصاص

أزمة «البنسلين» وألغاز صناعة ونقص الدواء

الأربعاء، 13 ديسمبر 2017 07:00 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
خلال أقل من شهر تصاعدت أزمة حقن البنسلين طويل المدى فى السوق، وهو من الأدوية الضرورية للوقاية من الحمى الروماتيزمية  للأطفال المصابين بالتهاب اللوزتين المزمن، ويستخدم البنسلين طويل المدى، استنادا لبطء امتصاص العقار عند الحقن فى العضل يستمر لمدة 3 أسابيع. 
 
خلال أسابيع تضاعفت أزمة نقص البنسلين، من السوق واختفى من الصيدليات، ونشأت سوق سوداء وصل فيها سعر أمبول البنسلين 180 جنيه ، هى مسعرة جبريا بـ9 جنيهات، وداخل الأزمة نشطت مافيا السوق السوداء، من المهربين ومن خزنوا كميات من البنسلين، ليطرحوه فى السوق السوداء، وهى جريمة متكررة، من مافيا يشارك فيها للأسف أطراف من المهن الطبية يتحولون إلى مافيا، فى ظل غياب الرقابة والمواجهة الحاسمة.
 
وبالرغم من إعلان وزارة الصحة عن ضخ  2.4 مليون أمبول من البنسلين طويل المفعول خلال 20 يوما بمعدل 200 ألف حقنة كل أربعة أيام، إلا أن الأزمة تكشف فى جزء منها غياب التوقع والرقابة، ليس فقط فيما يتعلق بالبنسلين، لكن بأزمات جزئية لأصناف مهمة من الأدوية، وإذا كان البنسلين من الأصناف التى بلا ملكية فكرية، فإن الأزمة تكون أكبر فى الأدوية الجديدة التى تحصل الشركات على مقابل للملكية عشرين عاما.
 
من استطلاع آراء الأطباء والمتخصصين والجهات المعنية تكتشف أن هناك أسبابا مختلفة لأزمة البنسلين، أهمها أن المادة الخام يتم استيرادها من الخارج، وهو أمر لافت للنظر يستدعى الانتباه، لأن البنسلين أقدم المضادات الحيوية، وهو من الأدوية التى ليس لها ملكية فكرية، وكان يتم إنتاجه محليا ضمن عدد كبير من المضادات الحيوية، لكن خلال العقود الأخيرة تراجعت صناعة الدواء. 
 
أزمة اختفاء حقن البنسلين طويل المفعول تجدد الجدل حول المطلوب من صناعة الدواء، وكيف يمكن وجود غرف توقع للأزمات والنقص ومواجهته، وهى أمور تكررت مع أزمة ألبان الأطفال قبل عامين، وتحدث مع أصناف أدوية الأمراض المزمنة بالرغم من ارتفاع سعرها وتضاعف بعض الأسعار. 
 
فيما يتعلق بالبنسلين يرجع بعض الأطباء والمختصين الأزمة إلى الاعتماد كليا على الاستيراد، وترك الأمر لتحكم مستوردين، بعضهم يحتكر ويخفى العقار، ليطرحه فى السوق السوداء، لكن السؤال: كيف يمكن الاعتماد على استيراد البنسلين، وهو من الأدوية التى تصنع محليا بكفاءة، طوال عقود، ويقول الدكتور أحمد كيلانى رئيس شركة المهن الطبية إحدى شركات أكديما التابعة لوزارة الصحة، أن البنسلين المحلى بنفس جودة المستورد ومصنع وفق معايير وجودة عالية وبمواد خام حاصلة على شهادات الجودة الأوروبية.  
 
إذا كان هناك إنتاج محلى من البنسلين، كيف يمكن ترك الأمر حتى ظهور الأزمة، خاصة أن شركة المهن الطبية التابعة لوزارة الصحة تنتج العقار، هنا يبدو اللغز بحاجة إلى حل، خاصة مع إشارة  الدكتور محيى عبيد نقيب الصيادلة إلى أن منظومة سد نواقص وعجز الأدوية تحتاج إلى مراجعة وآليات منضبطة واستراتيجية لسد عجز الأدوية الحيوية.
 
فى كل أزمة للدواء هناك آراء متناقضة، وكل طرف يعلق الأزمة على طرف آخر، هناك حاجة لأن تتواصل وزارة الصحة مع الأطراف المعنية بالدواء، خاصة الشركات المحلية العامة والخاصة، ومع الصيادلة والأطباء، لدراسة وضع السوق والحاجات المختلفة، وكيفية توفير ما يمكن منها محليا، فضلا عن ضبط عمليات الاستيراد والتسعير، حتى يمكن التوصل لحلول نهائية، تقوم أولا على تشجيع التصنيع المحلى للأصناف التى ليس لها ملكيات فكرية، وإعادة الروح لصناعة الدواء التى كانت حتى منتصف التسعينيات من القرن العشرين توفر 70٪ من احتياجات السوق المحلى وتصدر لأفريقيا ودول عربية.






مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة