تعالوا نسمى الأشياء بمسمياتها الحقيقية، وننحى العاطفة جانبا، ونعلى من شأن العقل، وقدرة الإدراك على الاستيعاب، دون أن نغرس رؤوسنا فى الرمال مثل النعام، فلا نرى ولا نسمع شيئا!!
لنتفق أن محمد أبوتريكة، لاعب النادى الأهلى ومنتخب مصر لكرة القدم، كان لاعبا موهوبا، والجماهير الإهلاوية، وبعض الأندية الأخرى، كانوا يَرَوْن فيه النجم المثالى، موهبة كروية كبيرة وأخلاق رائعة والتزام دينى ممتاز!!
وبعد انتكاسة 25 يناير 2011، فوجئنا بتغييرات جذرية فى شخصية أبوتريكة، بدءا من نزوله ميدان التحرير للمشاركة فى الثورة غير الميمونة، وارتفاع صوته محتجا على إدارة ناديه، أو اندساسه بين صفوف روابط الألتراس وتجنيدهم لصالح كتائب خيرت الشاطر.
وهنا لا اعتراض على مشاركة أبوتريكة فى ثورة 25 يناير 2011، ورفضه المشاركة أو الاعتراف بثورة 30 يونيو 2013 ولكن فى اكتشاف وجهه الإخوانى الحقيقى، وتزعمه خلية إخوانية كبيرة فى النادى الأهلى ضمت الدكتور إيهاب على، طبيب النادى الأهلى السابق، وشقيق أيمن على مستشار الرئيس المعزول محمد مرسى، وهادى خشبة، وسيد عبدالحفيظ، وشريف عبدالفضيل، وأحمد عبدالظاهر الذى رفع إشارة رابعة فى المباراة النهائية لبطولة رابطة الأبطال الأفريقية عام 2013، عند إحرازه هدفا، بجانب تجنيد الألتراس لخدمة الجماعة.
الصدمة هنا كانت موجعة لمعظم جمهور أبوتريكة نفسه، عندما قرر وبكامل إرادته أن يتحزب، ويفضل مشروع جماعة إرهابية، على المشروع الوطنى للدولة المصرية، وفارق شاسع بين أن تكون عضوا فى جماعة لا تعترف ولا تقر بفكرة الوطن، وحدوده ومقدراته، وبين أن تكون مواطنا فى دولة معلومة الحدود ولها راية واحدة يلتف حولها كل المواطنين بمختلف أفكارهم وتوجهاتهم وديانتهم.
نعم، الجميع يعلم أن محمد أبوتريكة إخوانى الهوى والتنظيم، وأعلنها بنفسه فى عشرات المناسبات، أبرزها عندما اعترف أنه يؤمن بمشروع الجماعة، والأستاذية لحكم العالم، وأنه داعم للمعزول محمد مرسى، ومشروعه «النهضة»، واعتراف قيادات الإخوان بأن مختار مختار وهادى خشبة ومحمد أبوتريكة أعضاء تنظيميين فى جماعة الإخوان، وهو اعتراف مسجل صوتا وصورة.
كما لعب دورا عبثيا فى التأثير على روابط الألتراس للخروج فى مظاهرات فوضوية وتخريبية تصب فى مصلحة الإخوان والدفع ببعضهم إلى اعتصام رابعة العدوية، وشن هجوما ضاريا ضد المشير طنطاوى ومجلسه العسكرى ورفض مصافحة العسكريين، وافتعل أزمة مع أحد ضباط الجيش، وكأنه اكتشف فجأة أن العسكريين مرض معدٍ لابد من التحذير من المعاملة معهم.
هذا النهج المفاجئ لأبوتريكة بعد ثورة 25 يناير يؤكد بما لا يدع مجالا لشك أنه كان «ممثلا» بارعا، تفوق موهبته التمثيلية نظريتها الكروية، وتجاوزت موهبة الفنانين العظماء من قيمة وقامة محمود المليجى وعادل أدهم وفريد شوقى، فى خداع المصريين، وما كان يفعله قانعا وبإرادته الحرة عندما كان يصافح بحرارة علاء وجمال مبارك، رفضه بعد ثورة يناير، وأعلن عداءه الشديد لأبناء الجيش المصرى، مع أن الفارق شاسع بين علاء وجمال، وأبناء المؤسسة العسكرية الوطنية.
وفى عقيدة الإخوان ودستور عملهم أن لكل فرد دورا محددا ومعلوما، فليس كل الجماعة تُمارس إرهابا على الأرض، ولكن هناك لجانا وإدارات داخل الجماعة مسؤولة عن الجانب المسلح، مثل التنظيم الخاص وما انبثق منها من جماعات إرهابية مثل حسم ولواء الثورة، وغيرها من الأسماء، كما يوجد لجان تعمل على اختراق صفوف النجوم للترويج لفكر الجماعة، ويكون واجهة لتحسين صورتها فى أذهان المشاهير، ليصبحوا بوقا جوهريا للدفاع عن مصالحها.
أبوتريكة وهادى خشبة وسيد عبدالحفيظ، وغيرهم كثر، من أعضاء الجماعة الإرهابية، يلعبون هذا الدور الجوهرى فى تحسين صورة الإخوان فى أذهان الناس، وتوظيف نجوميتهم وتعاطف الناس معهم فى الترويج لفكر الجماعة، واستثمار كل حدث مهم وكبير لصالحها، لذلك لم أتعجب كثيرا عندما سافر أبوتريكة خصيصا إلى لندن لسرقة الصورة من محمد صلاح، تحت زعم تهنئته ومساندته فى الحصول على جائزة الـ«بى بى سى» كأحسن لاعب فى أفريقيا، وبدلا من أن يستأثر محمد صلاح بالمشهد بمفرده، سارع أبوتريكة وحصل على «اللقطة» وبادر بتشييرها على مواقع التواصل الاجتماعى، فانحرف الحديث والاهتمام بمحمد صلاح بمفرده، إلى طرح السؤال، ما سر وجود أبوتريكة «الإخوانى» فى الصورة؟!
نفس الأمر فعله أبوتريكة مع نجمة الإسكواش نور الشربينى الذى أصر أيضا على سرقة الصورة بعد فوزها بعدد من البطولات الدولية فى الإسكواش، ليظهر بجوارها فى الصور، ويدفع ملايين المصريين الغاضبين من انتماء أبوتريكة لجماعة إرهابية، إلى إعلان سخطهم وغضبهم، من سرقة الفرحة والاستئثار بالصورة، من أصحابها الحقيقيين.
ما يفعله أبوتريكة جريمة حقيقية، كونه سارق الفرحة وخاطف الصورة من صاحبها الحقيقى، وهناك نهج عبقرى لمجلس إدارة النادى الأهلى، على سبيل المثال، عندما كان يرفض رئيس وأعضاء مجلس الإدارة، الظهور مع اللاعبين عند استلامهم ميداليات وكؤوس البطولات، تاركين للاعبين والأجهزة الفنية أصحاب الفرح الحقيقيين، الاستئثار بالصورة، وتأسيسا على ذلك يبرز السؤال، إذا كان أبوتريكة داعما لمحمد صلاح ونور الشربينى، فعليا، فإن الدعم فى الخفاء، وليس فى سرقة الصورة والاستئثار بالأضواء، من صانعها؟!
أن تكون جزءا من الصورة، مهارة لا يجيد فنونها إلا جماعة الإخوان الإرهابية، وهو ماحدث فعليا، فبمجرد أن «شير» أبوتريكة الصورة التى تجمعه بمحمد صلاح، حتى أصيب الغالبية العظمى من المصريين بالحزن والغضب من ظهور أبوتريكة فى الصورة بجوار محمد صلاح، واتهموه صراحة بمحاولة سرقة الفرحة والاستحواذ على جزء كبير من الاهتمام على أحاديث الناس!!