بعد ثورة 2011 وبدء الحديث عن تعديل الدستور القديم، ومطالبة البعض بوضع دستور جديد، كان معظمنا يقرأ هذا الدستور للمرة الأولى، وقبلها لم نكن نعرف سوى المادة الثانية لأن الجميع كان يتحدث عنها، البعض يطالب بتغييرها، بينما آخرون يطالبون ببقائها، وحتى أغلبية المختلفين لم يروا هذا الدستور ولا يعرفون كيفية تدرج مواده وفصوله، ولا الغرض منه ولا دوره وبكل سهولة يخلطون بينه وبين المواد القانونية.
لذلك عندما بدأ جدل المواد الدستورية، وذهبنا لقراءة الدستور شعرنا بصعوبة الصياغة والكلمات والتراكيب والفهم، فاجأتنا اللغة المستخدمة فهى جديدة علينا، بينما ظهرت المصطلحات بالنسبة إليه غريبة وجافة، أما تركيب الجملة فمنطقه غير واضح، والمغزى العام من كل ذلك كان غامضا فلجأنا مرة أخرى لتفسيرات الآخرين فى القنوات الفضائة وتبنينا وجهات نظر لا تخصنا تماما، فقلنا «لا» وقلنا «نعم» بدون قراءة شخصية منا بل اقتداء بآراء البعض، حدث ذلك لأنه ليس لدينا ثقافة دستورية فى حياتنا فلم نتعلمها فى المدارس ولم نتربى عليها، فالمناهج التعليمية فى مصر ينقصها الكثير، ومن ذلك معرفة المواد الدستورية التى تحكم حياتنا.
وانطلاقا من ذلك نؤيد دعوة المستشار عبد الوهاب عبد الرازق، رئيس المحكمة الدستورية، والتى طالب فيها بتدريس أهم 10 مواد فى دستور 2014 بالمدارس، لتعميم فكرة الثقافة الدستورية لدى المواطن المصرى، وتربية النشء على ذلك.
وهذه الدعوة نقلها عن المستشار الزميل عامر مصطفى فى «اليوم السابع»، وفيها أن نصوص الدستور تسمح بحق المساواة، والثقافة الدستورية تحتاج منا إلى اهتمام كبير، لأنه عندما تكون لدينا ثقافة دستورية أقوى فمن الطبيعى أن نشعر بقوة لمعرفة حقوقنا ليست القانونية فقط، ولكن الدستورية أيضا، ومن الممكن أن نأخذ من مواد الدستورة 10 أو 12 مادة يتم تدريسهم فى السنوات الأساسية للتعليم فى مصر، على أن يتم شرحها وتبسيطها وتقديمها فى مرحلة التعليم الإعدادى والثانوى.
ونقول هذه الدعوة مهمة وليس الغرض منها إحداث نوع من المعرفة المجانية للمعلومات الدستورية بما يحقق للطالب الرفاهية المعلوماتية كى يستخدمها فى الحديث العام، أو يتشدق بها الضيوف فى البرامج التليفزيوينة، بل أهميتها تتجاوز كل ذلك فهى تنبع من أهمية مواد الدستور التى تنظم العلاقة بين المواطن والدولة، لأنه لو قمنا باستفتاء عن مواد الدستور وما فعلته لجنة الخمسين فى عام 2014 التى لم يمر عليها أكثر من 3 سنوات، سوف نجد الوعى المعرفى بالمواد الثابتة والمتغيرة فى الدستور قد تراجع تماما، وأنه بعد سنوات أخرى مقبلة، سوف نجد جيلا لا يعرف مواد دستوره وبالتالى لا يعرف شيئا عن أصل حقوقه.
لذا فإن ما يدعو إليه المستشار رئيس المحكمة الدستورية ليست مجرد أفكار لا أقول جيدة فقط، لكن أقول إنها ضرورية تماما، وأساسيات لم ينتبه إليها واضعو المناهج من قبل، ونرجو من الدكتور وزير التربية والتعليم، أن يأخذ الأمر مأخذ الجد ويفعل ذلك حقا.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة