الأساطير، أساطين لا تندثر، ولا تؤثر فيها كل العوامل الطبيعية من زلازل وبراكين وأعاصير، وتظل راسخة رسوخ الرواسى، يتناقل سيرتها جيلا بعد جيل إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها.
والأساطير التى نعنيها ليست من صنع الخيال، ولكن من صنع الواقع، وتأتى بأعمال خارقة للعادة، وفى عقائد الفراعنة والإغريق القدماء، تحكى معظم الأساطير عن أُناس وأماكن وأحداث يمكن إدراكها، وفى عهود أقرب، تقوم بعض الأساطير على أشخاص وأحداث حقيقية مثل أبوزيد الهلالى وعنترة بن شداد ويحملون صفات مثيرة للإعجاب.
ومعظم المجتمعات لها أساطير قومية، فالأساطير تحكى عن أبطال أبدعوا مهنيا، وتمتعوا بروح الفروسية والإقدام، فعلى سبيل المثال معظم البريطانيين من الرجال والنساء والأطفال يفخرون بالإنجازات التى تصفها حكايات الملك آرثر وفرسان المائدة المستديرة.
وفى مصر أسطورة من كوكب تانى، مهمته إسعاد الملايين وإدخال البهجة والسرور والتفاؤل فى نفوسهم، بما يقدمه من عزف سيمفونى راق بأقدامه فى ملاعب كرة القدم، وإرساء قيم ومبادئ وأخلاق الفرسان، بعيدا عن الملاعب، إنه الأسطورة محمود الخطيب، أشهر عازف بالأقدام لإسعاد الملايين بلا منازع.
«بيبو»، وهذه الكلمة اختصار لكلمة «حبيبو» التى يطلقها الملايين على الكابتن محمود الخطيب، وكشفتها «فرانس فوتبول» أشهر مجلة فرنسية مهتمة بكرة القدم التى منحته الكرة الذهبية كأحسن لاعب فى القارة السمراء عام 1983، وأفردت ملفا ضخما عن حياة ومسيرة الخطيب، وحصوله على العديد من الألقاب وهى لقب أحسن لاعب، ولقب أحسن هداف، ولقب أحسن أخلاق كونه لم يحصل طوال حياته الكروية الطويلة سوى على إنذار واحد فقط.
ونقف كثيرا أمام جائزة أحسن أخلاق، لنؤكد للجميع أن بيبو أو «حبيبو» لم يكن مدعيا، أو تاجر شعارات، ولكن رجل أفعال يتمتع بكل القيم الوطنية والأخلاقية، ما مكنته من استمرار شهرته الطاغية حتى الآن ليس فى مصر فقط ولكن عربيا وقاريا، رغم اعتزاله لعبة كرة القدم منذ ما يقرب من 30 عاما.
وبعد هذه السنوات، قررت الجمعية العمومية لأكبر حزب كروى فى الوطن العربى وقارات الدنيا، أن تضع ثقتها المطلقة فى شخص محمود الخطيب ليقود القلعة الحمراء، ويعيد لها الانتصارات المدوية، ويحدث الطفرة الإنشائية وفى مقدمتها الاستاد، ومن غير الخطيب تبصره العيون وهو جالس على مقعد رئاسة نادى القرن؟! وكيف يقبل العقل فشل الخطيب فى أى انتخابات يخوضها؟ وكيف تستسلم أدوات المنطق لفكرة أن الأسطورة الكروية لا تستطيع إدارة نادى فى حجم الأهلى؟
ورغم كل ما تعرض له الأسطورة من تجريح وشتائم، وتشكيك فى قدراته الإدارية وهو الذى تدرج فى المناصب الإدارية بداية من عضوية مجلس الإدارة ثم أمينا للصندوق ثم نائبا للرئيس ورئيس المكتب التنفيذى مطبخ صنع القرار فى القلعة الحمراء، وعضوية لجنة الكرة طوال 14 عاما، حقق فيها الأهلى انتصارات فاقت الاعجاز الكروى، إلا أن الجمعية العمومية كان ردها قوى، وأن قدرة السماء فوق كل القدرات ويقول الله سبحانه وتعالى مخاطبا نبيه يوم بدر: «وما رميت إذ رميت ولكن اللّه رمى»، فسخرت السماء جنودا جاءوا من كل حدب وصوب، رافعين شعار، ومن غيرك يا بيبو يقود الأهلى فى هذه المرحلة، ويطهرها من الشوائب والبقع السوداء التى لطخت ثوبها الأبيض ناصع البياض، وتضع حدا للذين خططوا لتدمير النادى لصالح منافسيه، من مستشارى الهم والغم!!
حسام غالى الذى انتقدت أداءه الكروى بعنف فى السنوات الأخيرة، ضرب مثالا يحتذى به فى كيفية أن يتمتع كابتن النادى الأهلى بالقيم والمبادئ، فيأتى من المملكة العربية السعودية فى إجازة 24 ساعة فقط، ليدعم الأسطورة، ويسانده بقوة، وفوجئنا بالكابتن أيمن شوقى يأتى من الولايات المتحدة الأمريكية رغم معاناته الصحية وعناء طول الرحلة، ليقف مع الأسطورة كتفا بكتف، ناهيك عن عشرات المصريين من أعضاء الجمعية العمومية الذين جاءوا من الإمارات والسعودية وكندا وغيرها من دول العالم، لدعم محمود الخطيب.
يوم 30 نوفمبر 2017 ثورة بمفهومها الشامل، ثورة حب وكبرياء وفخر واعتزاز وثقة كبيرة، وخوف على القلعة الحمراء من اختطافها على أيدى أتباع النادى المنافس بقوة، ومحاولة تجريفه والتسفيه والتسخيف من قيمه ومبادئه، وتشويه مقوماته الحقيقية المتفردة بين المؤسسات الرياضية والإدارية أيضا، وجعلت منه نادى القرن، ومن المعلوم بالضرورة أنه إذا أردت أن تقضى على كيان ابدأ بتدمير هويته حتى يتحول إلى مسخ.
لم يشهد نادى فى الكون أن يسيطر على مطبخ صناعة قراره مستشارين ينتمون لأبرز خصم ومنافس له، ثم تطلب منهم تطويرا وإسداء نصائح تدفع بالكيان نحو الصدارة، وإنما ستخرج من المطبخ، مآكولات محشوة بالسم الهارى.
لم يكن أسامة خليل ورفاقه، من مؤيدى البرادعى وحمدين صباحى، الذين يعشقون نادى الزمالك يمكن أن تشغل بالهم انتصار وازدهار القلعة الحمراء، فبدأوا فى الترويج للنادى اجتماعيا رغم أن الأهلى نادى رياضى يحصد البطولات، وترتفع أسهم انتصاراته فى بورصة الأندية الأشهر عربيا وقاريا وعالميا، وأن التطوير والنماء لا يمكن أن يأتوا على حساب حصد البطولات وتسجيل انتصارات مدوية تضعه فى قوائم الأندية الأكبر عالميا.
تأسيسا على ما سبق فإن الجمعية العمومية ووراءهم ملايين المصريين وغير المصريين العاشقين للقلعة الحمراء، قد وضعوا ثقتهم الكاملة فى شخص الأسطورة محمود الخطيب وقائمته، لترتيب دولاب العمل داخل النادى، وطرد «جواسيس» الأندية المنافسة وكتائب الهدم وميلشيات الإخوان، وإعادة هيكلة القناة، واستبعاد شادى محمد ليعود لناديه القديم «الكروم» بالإسكندرية، وإذا تقاعس الخطيب ورجاله عن تنفيذ برنامجهم وتطهير النادى، سننتقده بعنف، ونحاسبه بقوة!!