يشكل "كلاسيكو" كرة القدم الإسبانية بين ريال مدريد وبرشلونة، مثالا حيا على الانقسام السياسى الحاد بين مدريد وإقليم كاتالونيا، إلا أن المنافسة فى الموعد الكروى المرتقب، غالبا ما توحد إسبانيا.
سيكون العالم وإسبانيا ظهر السبت المقبل، على موعد مع "كلاسيكو" يأتى فى ظل انقسام سياسى أكثر حدة من ذى قبل، لاسيما أن اللقاء سيقام بعد 36 ساعة من انتهاء الانتخابات المحلية فى إقليم كاتالونيا التى تمت الدعوة إليها إثر الأزمة السياسية التى تلت استفتاء استقلال الإقليم، الذى لقى معارضة شديدة من الحكومة المركزية.
ويقول الباحث فى العلوم السياسية بابلو سيمون لوكالة فرانس برس إن علاقة الفريقين ذات بعد أيديولجى قوى.
يضيف "من جهة هناك ريال مدريد الذى يمكن اعتباره يملك قاعدة جماهيرية محافظة وقومية"، فى مقابل برشلونة الذى يرفع شعار "أكثر من ناد" ويجسد بشكل كبير الهوية الكاتالونية.
ويرى سيمون أن ملعبى الفريقين كامب نو (برشلونة) وسانتياجو برنابيو (مدريد) والشعارات التى ترفع فيهما، إشارات قوية على ذلك.
جماهير برشلونة
ففى برشلونة، عادة ما ترفع الأعلام الكاتالونية ومنها الداعمة للاستقلال (استيلادا)، كما ترتفع صيحات مشجعي أكبر ملعب في أوروبا، في الدقيقة 17 من كل مباراة، إحياء لذكرى ذكرى سقوط كاتالونيا في عام 1714.
أما في برنابيو، فالأعلام الإسبانية موزعة في مختلف أرجاء الملعب، ومشجعوه أطلقوا صحيات "فيفا (عاشت) إسبانيا" فى الأول من أكتوبر، فى الساعات التى تلت حملة القمع العنيفة التى شنتها الشرطة الإسبانية على المشاركين فى استفتاء استقلال كاتالونيا.
جماهير ريال مدريد
"شلل" أثناء المباراة
وعلى رغم الاختلافات فى المعسكرين، يساهم الـ "كلاسيكو" فى توحيد مشجعى كرة القدم، لاسيما فى ظل المخاوف من غياب برشلونة عن "الليجا" فى حال نال إقليم كاتالونيا استقلاله عن إسبانيا.
ويقول الصحفى المتخصص فى كرة القدم "سيد لو" مؤلف كتاب "الخوف والبغض فى لا ليجا" المتمحور حول الخصومة بين الطرفين "هذا دربى إسبانيا ويشعر المرء أنه من المستحيل أن يكون حياديا".
يضيف "هو حادث جامع، لا أحد يريد فقدان هذه المباراة حتى فى حال نيل كاتالونيا استقلاله".
وسبق لرئيس الرابطة الاسبانية لكرة القدم خافيير تيباس التحذير مرارا من أنه لن يسمح لبرشلونة خوض منافسات الدوري الإسباني في حال مضى الإقليم في نزعته الاستقلالية حتى النهاية، إلا أن الناديين يرفضان حتى التفكير في هذا السيناريو، ويعتقد كثيرون بأن تهديدات تيباس الذي شارك في مسيرة قومية في وقت سابق من العام الحالي، هي مواقف سياسية شخصية.
كان رئيس برشلونة جوسيب ماريا بارتوميو أكد لمجلس إدارة النادي الكاتالوني في اجتماعها في أكتوبر نية النادي الاستمرار في خوض غمار الليجا، مؤكدا أن "نية النادي هي الاستمرار في خوض الدوري الإسباني. في الوقت الحالي مشاركتنا مضمونة".
وكان لسان حال نظيره رئيس ريال مدريد فلورنتينو بيريز مماثلا بقوله لصحيفة "ال اسبانيول"، "لا أستطيع التفكير بإسبانيا من دون كاتالونيا ولا الدوري الإسباني من دون برشلونة".
كان برشلونة خاض مباراته ضد لاس بالماس من دون جمهور في الأول من أكتوبر احتجاجا على أعمال العنف خلال عملية التصويت على الاستقلال، ورفض الاتحاد تأجيل موعدها.
برشلونة يواجه لاس بالماس بدون جماهير
وتبدو الرغبة في مواصلة برشلونة مسيرته في الدوري قائمة حتى لدى أشد مؤيدي الاستقلال، ومنهم رئيسه السابق خوان لابورتا الذي دعا إلى بقاء الفريق في الدوري بغض النظر عن التطورات السياسية.
وستستقطب المواجهة الأكثر متابعة على الشاشة الصغيرة جمهورا يقدر بـ 650 مليون شخص في مختلف أنحاء العالم سيتابعون المواجهة أيضا بين النجمين البرتغالي كريستيانو رونالدو والأرجنتيني ليونيل ميسي.
رونالدو وميسي
ويقول سيمون إن المباراة "تشل الحياة الطبيعية في إسبانيا لهذا ينصح بالذهاب إلى المسرح أو السينما خلال وقت المباراة، لأن كل الأماكن ستكون شاغرة".
وتبدو المساحة التي شغلها مصير برشلونة في الدوري الإسباني، ضمن كامل النقاش المحيط باستقلال الإقليم، دليلا إضافيا على الأبعاد المتعددة لهذه المنافسة، والتي لا تقتصر على الرياضة.
ويقول لو "إذا ما نظرنا إلى واجهة الأمر، فالقلق الذي يعترينا لجهة تأثير استقلال كاتالونيا على كرة القدم هو عبثي، لأن ثمة الكثير من الأمور الأخرى التي يجب الاكتراث لها لكن هذا الجانب هو الذي يشغل بال الناس. هل سيبقى برشلونة في الدوري؟ هل سيبقى الكلاسيكو؟ ولا أحد يريد أن يخسر هذه الفرصة".
