مجموعة تحقيقات متتابعة تحمل عنوان " داخل أوكار المتطرفين فى ليبيا " نشرتها صحيفة الشرق الأوسط اللندنية على مدى عدة أسابيع متتالية، أفردت فيها المساحة لتقصى رسائل نسبها الخبراء إلى أبو بكر البغدادى كان يتبادلها مع أتباعه من قادة داعش فى ليبيا أواخر العام الماضى، أى قبل الإعلان عن مقتله ببضع أشهر، وقد يكون العنوان ملفت نظرا لسيطرة تنظيم داعش على مساحات واسعة من عدة دول عربية فى فترة زمنية قصيرة وأسفرت عن سقوط الملايين ما بين شهداء مصابين، لاجئين ومشردين، إلا أن أهم ما جاء فى تلك الرسائل اعترافه بهزيمة تنظيم أنصار بيت المقدس التابع لداعش أمام القوات المسلحة المصرية فى سيناء.
أبو بكر البغدادى قرر فى إحدى رسائله " لقد بلغنى أن سلوكاً غير سوى انتشر بينكم. نشره فيكم القادمون من سرايا بيت المقدس، وهو سلوك أربك صورة الجهاد لديكم. هذا الخلل أصابكم فى مقتل، وعليكم تداركه "، وأضاف لأتباعه من قادة "داعش" فى ليبيا " معركة بيت المقدس فى مصر ليست فى معزل منا، ولكن عليكم الانتباه إلى أن أفكار إخوتنا فى بيت المقدس تتناقض فى بعض منها مع أفكارنا، وهى قد لا تكون صالحة فى ليبيا. فهم لم يتموا معركتهم فى مصر، وقدومهم إلينا ليس بروح جهاد كاملة، ولكن هروباً من حرب أشعلوها، وفشلوا فى كسبها. إذن هم عُصبة تحمل بداخلها بوادر هزيمة وَرِدَّة. نساعدهم فى العودة إلى ساحتهم. لهم ذلك، لكن أن يزرعوا بينكم روح الهزيمة، فيجب أن يُعاملوا كالعدو الواجب قتاله ".
لا أعيد نشر هذه المقاطع من رسائل أبو بكر البغدادى هنا لأدلل على انتصار القوات المسلحة المصرية على هؤلاء القتلة، وصدق ما يؤكده زعماء تلك التنظيمات الإرهابية من أن التفجيرات الدموية والحوادث الإرهابية المتتالية التى يحاولون بها تحقيق بعض المكاسب الوهمية ليست إلا محاولة للتعمية على هزائم التنظيم فى المعركة الميدانية، بل لأدحض أوهام المصدومين والخائفين فكلما اشتدت ظلمة الليل، اقترب الفجر، وإنما النصر صبر ساعة.
هذه الرسائل ليست إلا دعوة لأن نضع ثقتنا فى قواتنا المسلحة الباسلة، وشرطتنا المدنية التى تعمل ليل نهار لحماية الدولة.
رسائل تؤكد أن الدولة المصرية فى طريقها إلى الخلاص النهائى من جماعات القتل والتطرف والجهل، وأنه مهما طالت المدة فإن الحق سينتصر، وسنقضى على خفافيش الظلام عاجلا أم أجلا، فهذه الرسائل التى يعود تاريخها إلى عام تقريبا تدعم وجهة النظر الأمنية والسياسية التى تشير إلى أن الإرهاب فى جمهورية مصر العربية فى الرمق الأخير، وأن سبب الجنون الذى ينفذون به عملياتهم الأخيرة هو حالة الوهن التى أصيبوا بها عندما ضيقت الدولة المصرية الخناق عليهم.
الرسائل تؤكد أن التنظيم أصبح ضعيفا منذ مطلع 2017، وأنه يعانى قلة العدد والعتاد، وهو السبب وراء انخفاض وتيرة تنفيذ العمليات الإرهابية، فأصبحت من حيث العدد أقل كثيرا، ولكنهم بدأوا فى تنفيذ عمليات إرهابية على فترات متباعدة يستهدفون منها تحقيق أكبر خسائر ممكنة، ليعطونا صورة أنهم لا زالوا متواجدين على الأرض وأنهم أقوياء، ولكن بتحليل بسيط للعمليات الأخيرة التى نفذتها الجماعات المتطرفة فى الستة أشهر الأخيرة نستطيع أن نتوصل إلى أن عتادهم أصبح أقل مما سبق، وأن عددهم أصبح أقل وأن فرص إنضمام عناصر من الداخل لهذه التنظيمات أقل كثيرا.
ما من شك أن هذا يرجع إلى النجاحات العسكرية المتتالية والتى اعتمدت على دقة المعلومات وتتبع خيوط التنظيمات الإرهابية بالإضافة إلى الإجراءات الأمنية المشددة التى بدأتها الأجهزة الأمنية فى العام الماضى لتجفيف منابع البؤر الإرهابية ومنع حصولها على الدعم اللوجيستي، وهو ما تسبب فى صعوبة حركة عناصر هذه التنظيمات وبالتالى تقليص قدرتها على تجنيد عناصر جديدة، إلا أن الدول التى تساند تلك التنظيمات لا تزال تصر وتعاند من أجل توفير التمويلات لهذه التنظيمات رغم ضعفها وقلة عددها، إلا إننا نثق بأن النصر قادم.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة