"الإسكندرية أخيرًا.. الإسكندرية قطر الندى، نفثة السحابة البيضاء، مهبط الشعاع المغسول بماء السماء، وقلب الذكريات المبللة بالشهد والدموع" هكذا بدأ الأديب نجيب محفوظ روايته " ميرامار" الحديث عن المدينة المحببة إلى قلبه وملهمته فى العديد من الروايات، فهى لها ذكريات خاصة لديه، وعادات وطقوس خاصة فى زيارتها " فنجان القهوة الصباحى على مقهى ديليس اليونانى التأمل فى الموج وكأنه يُحدثه كالوحى من السماء ليخرج لنا أهم الروايات التى كتبها فى تاريخه الأدبى.
عمارة فينسيا الصغرى من الخارج
"ميرامار" الرواية التى خرجت من قلب مدينة عروس البحر كتبها الأديب العالمى نجيب محفوظ وتم تجسديها فى السينما عام 1969 بطولة الفنانة الراحلة شادية وعبد المنعم إبراهيم ويوسف وهبى ويوسف شعبان، والتى تدور أحداثها داخل "بنسيون" بمنطقة محطة الرمل بالإسكندرية وكل غرفة بها شخصية مختلفة، وتنتقل " زهرة" الفتاة الجميلة للعمل بالمدينة وتقابل هذه الشخصيات أثناء عملها بالنسيون الذى تديره سيدة يونانية.
"العمارة الضخمة الشاهقة تطالعك كوجه قديم، يستقر فى ذاكرتك فأنت تعرفه"، كلمات وصف بها الأديب نجيب محفوظ فى روايته المبنى الضخم الذى يتواجد فيه البنسيون وهو من أضخم المبانى بمحافظة الإسكندرية وأعرقها، فهو مبنى على الطراز الإيطالى الذى لفت انتباهه وحاز على إعجابه ليقرر أن يكون ملهمه فى كتابة روايته فهى تسمى " فينسيا الصغيرة" بُنيت عام 1928م على يد المعمارى الإيطالى "لوريا" الذى له بصمة فى بناء العديد من المبانى الضخمة بمحافظة الإسكندرية .
وفى مئوية الأديب العالمى نجيب محفوظ يقترب "اليوم السابع" من ذاكرة التاريخ داخل أهم المبانى التراثية بمحافظة الإسكندرية لمعرفة سبب إعجاب محفوظ بالبنسيون والمبنى الضخم وكواليس تصوير الفيلم فى نهاية فترة الستينات .
منذ دخولك المبنى تشعر بأن آلة الزمن تعود بك 50 عاماً إلى الخلف، وكأنك بطلاً من أفلام الزمن الجميل.. مصعد حديدى ضخم فى مدخل العمارة تطلبه وتشعر بأن أحد أبطال فيلم ميرامار ستشاهده فور وصوله إليك، حالة من السعادة والانبهار بالتاريخ تنتابك، وفى الدور الثانى وعلى مساحة 600 متر من المبنى تجد لافتة مدون عليها "لوكاندة فؤاد"، وهو المكان الذى ألهم محفوظ لكتابة روايته وصورت فيه الفنانة شادية معظم مشاهد الفيلم .
وتقول جيهان كمال، مديرة بنسيون فؤاد، أنه كان ملك سيدة يونانية تدعى " كلارا" وعائلاتها اشترت البنسيون فى عام 1956 وتولوا الإدارة من بعدها وبعد وفاه والدتها ووالدها تولت هى وأشقاءها الإدارة.
وأضافت أن إدارة البنسيون حرصت على أن يظل المكان كلاسيكى يحتفظ بتراثه القديم حتى الآن، وأن الغرف لا تزال بشكلها المعتاد، حيث يأتى إليه عدد كبير من رواد البنسيون خصيصاً ليعيدوا ذكرياتهم من جديد خاصة فى الغرف المطلة على البحر مباشرة .
وأوضحت أن البنسيون كان ملهم للأديب العالمى نجيب محفوظ الذى كان يفضل تناول القهوة فى مقهى "اتينيوس" المجاورة للفندق وكان يشاهد المبنى الضخم، وعندما علم أن هناك بنسيون فيه قرر أن تكون روايته "ميرامار" تدور أحداثها داخل البنسيون الذى تعرف على صاحبته وهى السيدة كلارا.
باب العمارة
وأشارت إلى أن معظم مشاهد الفيلم تم تصويرها داخل البنسيون ما عدا بعض المشاهد الداخلية داخل ستوديو "دوبلكس" دورين بسلم خشبى وهو الجزء غير الموجود بالبنسيون .
وقالت: "بعد شهرة الفيلم كان يتوافد عدد كبير من الفنانين على البنسيون منهم الفنان حسن فايق والفنانة مارى منيب وعبد الفتاح القصرى الذى أقاموا فترة طويلة وكانت هناك علاقة صداقة بين عائلتها وبينهم خاصة فرقة إسماعيل يس ونجيب الريحانى .
طراز باب العمارة التاريخية
وعن سبب تسمية البنسيون لفؤاد، أوضحت أن جدتها كانت تمتلك فندق آخر فى شارع فؤاد الشهير بالإسكندرية وجميع الفنادق الذى تولوا إدارتها كانت تسمى " فؤاد" ورفضت جدتها تسميتها ميرامار بسبب شهرة فندق فؤاد بالإسكندرية.
وأوضحت أن هناك عدد كبير من الجنسيات التى تتوافد على البنسيون بالإسكندرية من أمريكا وأوروبا ودول آسيا، خاصة ماليزيا والصين لتعلقهم بالمكان وأصالته، وتشير إلى أن هناك عدد كبير من الأزواج الذين قضوا شهر العسل بالبنسيون.
لوكاندة فؤاد
وأكدت أن الحجرات مازالت محتفظة بشكلهاالقديم ما عدا 3 حجرات فقط تم تعديلهم بالكامل وفرشها على الطراز الحديث بحمام داخلى حتى يتناسب مع الأذواق الجديدة التى لا ترغب فى الطراز الكلاسيكى.
جيهان كمال مالكة البنسيون
استقبال البنسيون
جانب من مدخل البنسيون
مدخل البنسيون
إحدى الغرف القديمة
رؤية مباشرة للبحر بالبنسيون
إحدى الغرف
مدخل البنسيون الذى كانت تدخل منه الفنانة شادية فى الفيلم
باب الشقة
مدخل آخر للبنسيون
باب الشقة التاريخى
مدخل الغرف
مدخل الغرف والأرضيات القديمة
أرضيات تحتفظ بشكلهاالقديم
جانب من مدخل الغرف
مدخل الغرف
بداية الغرف الحديثة
باب إحدى الغرف
المصعد الضخم
مصعد العمارة القديم
عمارة فينسيا الصغرى من الخارج