كل الشواهد الآن تقودنا إلى استنتاج وحيد، وهو أن الرئيس عبدالفتاح السيسى لم يعد أمامه سوى خيار وحيد، وهو أن يستجيب للمطالب الشعبية ويعلن ترشحه لفترة رئاسية ثانية، فنحن للمرة الأولى أمام ضغط يمارسه الشعب على الرئيس لكى يعلن قراره، فمصر عاصرت رؤساء وقادة كانت المطالب الشعبية تتركز حول محور واحد وهو التنحى، لكن الآن أمام مطلب جديد، وهو أن يستمر الرئيس لكى يكمل ما بدأه من مشروعات وإنجازات وانطلاقة لمصر الجديدة التى نتمناها جميعاً، وبدأن نرى ثمراتها تتحقق يوماً بعد الآخر.
نعم، قرار ترشيح الرئيس لفترة رئاسية ثانية هو مطلب ملايين المصريين الذين عبروا عنه فى الكثير من المناسبات، ولعل أبرزها ما أعلنته حملة «علشان تبنيها» أمس بأنها جمعت أكثر من 12 مليون توقيع لمصريين يطالبون السيسى بالترشح لفترة ثانية، فهذه الاستمارات بمثابة مطالبة جماهيرية وضغط شعبى لم يسبق أن شاهدناه أو سمعنا عنه قبل ذلك فى مصر، فللمرة الأولى يأتى طلب الترشيح ممهوراً بتوقيع المصريين، وليس بقرار من الشخص نفسه.
نحن الآن أمام حالة جديدة تعيشها مصر، والسبب فيها واضح ومعروف للجميع، وهو ما رأيناه من إنجازات ومشروعات تحققت على أرض الواقع خلال الفترة الماضية، إنجازات لم يستخدمها الرئيس ولا الحكومة فى التسويق السياسى كما فعل كثيرون غيره، بل للمرة الأولى فى مصر كان يتم الإعلان عن المشروع بعد الانتهاء من تنفيذه وليس قبل البدء فيه، وربما يكون السبب الأقوى الذى جعل المصريين يتمسكون بالسيسى رئيساً ويأمروه بأن يترشح لفترة ثانية، أنهم وجدوا رئيسهم صادقاً فى أقواله وأفعاله، وأنه لم يجمل لهم الواقع، ولم يبع لهم الوهم، بل كان ومازال صادقاً وهو يشرح للشعب ما تعانيه مصر من مشاكل وأزمات، مع تقديم الحلول لها، للمرة الأولى التى نجد رئيس لديه القدرة على اتخاذ القرارات الصعبة التى خشى الآخرون على مجرد الاقتراب منها، لكن السيسى اخترق كل هذه الملفات معتمداً على وعى المصريين.
الفارق بين السيسى وغيره أنه راهن على وعى وحب المصريين لبلدهم، ورغبتهم فى أن تنتقل البلد إلى المكانة التى ينتظرونها، فتحملوا القرارات الاقتصادية الصعبة بعد تأكدهم أنه لا مفر منها، تحملوا لأنهم رأوا رئيسا لم يخشَ على شعبيته، وأن كل هدفه أن إصلاح أوضاع مصر الاقتصادية والاجتماعية.
الفارق بين السيسى وغيره أنه وضع يده على الجرح، وبدأ فى مداواته بكل السبل، أطلق الكثير من المشروعات القومية العملاقة التى تهدف إلى توفير آلافا من فرص العمل، وتوفر المسكن اللائق بالمصريين، والحفاظ على حياة كريمة لهم، فكانت المحصلة مشروعات الإسكان الناجحة ومدينة الأثاث الجديدة بدمياط ومشروعات الاستزراع السمكى ومدينة العلمين الجديدة ومشروعات متعلقة بالبنية التحتية والعاصمة الإدارية الجديدة ومشروعات متعلقة بالتضامن الاجتماعى مثل تكافل وكرامة، ومحور تنمية قناة السويس، وتحويل مصر إلى منطقة جذب استثمارية، وغيرها من المشروعات التنموية التى تهدف فى المقام الأول إلى توفير الحياة الكريمة لكل مصرى.
الفارق بين السيسى وغيره أنه أعاد لمصر مكانتها الإقليمية والدولية التى افتقدتها طيلة السنوات الماضية، فكان لها كلمتها المسموعة فى العديد من الملفات والأزمات الإقليمية الملتهبة فى سوريا والعراق واليمن وليبيا وغيرهم، كما أعادت رسم علاقاتها مع القوى الكبرى لكى تكون علاقة مبنية على الندية وتبادل المصالح، لا أن تسير فى اتجاه واحد كما كانت فى الماضى.
الفارق بين السيسى وغيره أنه بالتوازى مع المشروعات التنموية كان هناك تركيز على مجابهة المخاطر التى تحيط بنا سواء فى الداخل أو الخارج، فكان تطوير إمكانياتنا المسلحة لكى تتناسب مع حجم هذه المخاطر، خاصة خطر الإرهاب الذى يؤرق العالم بأكمله، وتحولت مصر إلى حائط الصد الأول فى مواجهة الإرهاب، ومدافعة عن العالم بأكمله فى هذا الملف الخطير.
هناك الكثير من الفوارق التى يمكن رصدها إذا ما قررنا إجراء مقارنة بين الرئيس السيسى وغيره، وهى أمور يدركها المواطن المصرى البسيط الذى انتفض هذه المرة فى وجه مروجى الأكاذيب والشائعات، وقرر أن يقف خلف رئيسه، بل ويطالبه باستكمال المهمة التى بدأها قبل ثلاث سنوات ونصف، قرر الشعب مستخدما هذه المرة لغة الإجبار.. نعم فالشعب المصرى قال كلمته للرئيس السيسى خاصة من خلال استمارات «علشان تبنيها»، أنه مجبر على الترشح لفترة ثانية، وليس أمام الرئيس إلا الاستجابة للشعب.
المحصلة النهائية أن الشعب قال كلمته، ولم يعد أمام الرئيس إلا أن يقول نعم للمصريين، ويعلن ترشحه لفترة رئاسية ثانية.