يستيقظون مبكرا فى ساعات الصباح الأولى على عكس باقى الأطفال، ينتفضون من فراشهم فجرا، حين تدق الساعة الخامسة والنصف يهرع أطفال القرية إلى مدرستهم النائية عنهم، يبدأون يومهم الدراسى المتكرر بالسير وسط الزراعات والحقول للوصول إلى فصولهم بالقرية المجاورة، لعدم وجود انتقالات ومواصلات تسهل عليهم سوى التوكتوك.
أطفال يسيرون وسط الحقول
يسلك الطلاب الصغار نحو ٣ كيلو يوميا دون ملل، إلى عزبة حسين صابر يوميا، بمركز كوم حمادة التابعة لمحافظة البحيرة، من أجل تلقى العلم، منعا لتخلفهم عن المقرر المدرسى، ومثلهم خلال العودة إلى منازلهم، دون أن يرى أحد معاناتهم، ويقضوا خلال عامهم الدراسى فى تسع شهور أكثر من ألف كيلو، واضطر بعضهم إلى استقلال الدراجات لتوفير العناء على نفسه.
بعض الأطفال يستقلون الدراجات فى طريقهم للمدرسة
معاناة أطفال قرية الشهيد محمد عزوز بالبحيرة (الجيارين)، يرصدها اليوم السابع بعد تلقى استغاثات من الأهالى وأولياء الأمور لنفاذ صبرهم، لخوفهم على مستقبل الأطفال خلال ذهابهم إلى المدرسة فى طريق موحش ضيق لا يتجاوز عرضه مترين، يتحول إلى طريق طينى مع حلول موسم الشتاء الذى تأتى معه الأمطار، مما يسبب مشاكل للطلاب سواء ذهابهم للمدرسة أو خلال فترة الامتحانات.
المسافة التى يقطعها الأطفال للدائرتين الكبرتين
تبدد حلم أولياء الأمور بالقرية بعد مرور أكثر من ٤٠٠ يوما على وعود بناء مدرسة للأطفال بين قريتين، لتحتويهما من طول ووحشة الطريق، لتلق يومهم الدراسى بالقرب من منازلهم، رحمة بهم للمسافات التى يقطعونها سيرا على الأقدام، وتوفير الساعات التى يقضونها فى المذاكرة والنوم مبكرا حتى يستطعيوا الاستيقاظ مهيئين لاستيعاب دروسهم.
أطفال يترجلون وأخرون يستقلون التوكتوك
يجدد النداء مرة أخرى أولياء الأمور إلى وزارة التربية والتعليم، لبناء المدرسة ربما تلقى أثرا أو صدى لها، تحقق رغبات الآباء وآمال الطلاب، الذين يعانون يوميا بسبب قلقهم عليهم خلال ذهابهم للمدرسة، خاصة بعد تخاذل نواب الدائرة عن وعودهم بتشييد مدرسة باسم أحد شهداء القرية، الذى فقد حياته فى هجوم إرهابى بالعريش سبتمبر العام الماضى.
لافتة باسم الشهيد ملقاة على الأرض بعد عام
بدأ حلم أهالى القرية بانشاء المدرسة منذ عام تقريبا بعد واقعة استشهاد الرقيب محمد عزوز الديب، وذلك بالتبرع بقطعة أرض لبناء مدرسة تحمل اسمه تخليده لذكراه، وفى نفس الوقت يرحمون أطفالهم، مؤكدين أن التصاريح والأوراق الخاصة بالمدرسة تم الموافقة عليها، ولكن يقف على جرة قلم من هيئة الأبنية التعليمية لإتمام الصرح التعليمى للقرية.
تبرع الأهالى بقطعة الأرض لبناء المدرسة
الطريق غير ممهد للسير فى الشتاء بسبب الأمطار
وأضاف عزوز الديب خلال حديثه لـــ"اليوم السابع"، أن ابنه شهيد القوات المسلحة، فقد حياته نوفمبر العام الماضى خلال هجوم إرهابى استهدف كمين الغاز بالعريش، وترك خلفه طفلين فى مقتبل عمرهم ليكملوا مسيرته، وعلى وشك بدء الدراسة، متسائلا "هل سيعانون كمثل باقى أطفال القرية أم سيلتحقون بالمدرسة التى لم تر النور بعد، مضيفا أن المسئولين بالمحافظة وعوده خلال العزاء بتشييد مدرسة باسمه تكريما له ولم ينفذوا حتى الوقت الحالى.
تكدس التوكتوك بالأطفال
وأوضح أن الأطفال يضطرون الذهاب سيرا لصعوبة الحالة المادية لآسرهم، فى حين يدفع بعض أولياء الأمور رسوم بمقدار 400 جنيه شهريا إلى سائقى "التروسيكل أو التوكتوك"، لتوصيل أولادهم إلى المدرسة.
قطعة الأرض التى تبرع بها أهالى الجيارين
قطعة الأرض التى تبرع بها أهالى الجيارين
وناشد العطار خلال حديثه، وزير التربية والتعليم الدكتور طارق شوقى، الاهتمام بتشييد المدارس فى الأقاليم والقرى الأكثر احتياجا فى اطار منظومة الوزارة لبناء والتوسع فى بناء المدارس، خاصة مع حرص الأهالى وأولياء الأمور على تخصيص الأراضى فى هذا الصدد.
يذكر أن وزارة التربية والتعليم أعلنت فى وقت سابق أغسطس العام الماضى، عن مشروع بناء 20 ألف مدرسة، بالتعاون مع المستثمرين ورجال الاعمال، والإعلان عن المرحلة الأولى ببناء 200 مدرسة بسعة 6 آلاف فصل.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة