إسلام الغزولى

الإبداع ومكافحة الإرهاب

الجمعة، 29 ديسمبر 2017 08:00 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
بالإبداع يمكننا المساهمة فى مكافحة الإرهاب، حقيقة لا يمكن إغفالها فى إطار حربنا ضد الإرهاب الأسود، حقيقة يمكن من خلالها دحض أفكار خفافيش الظلام الهدامة، حقيقة نطلق بها خيال الإنسانية ليبلغ عنان السماء. أن الصراع ليس عسكريا أو دينيا، وإنما هو صراع فكرى ومن يمتلك الفكر المستنير قطعا هو المنتصر.
 
خلال الأيام الماضية أثار أحد الكتاب فى عدد من مقالاته قضية دور السينما فى مواجهة الفكر المتطرف وطالب بإنتاج أفلام سينمائية جديدة يتم توجيه قصتها لصد انتشار ما يمكننا أن نطلق عليه وصفا بالإسلام السياسى - والإسلام منه برىء - حيث تعتمد قصص تلك الأفلام على المواجهة الفكرية لقضايا التراث التى تولد الفكر المتطرف وتمهد البيئة له، لا مجرد عرض الظروف الاجتماعية والنفسية التى تكون شخصية الإرهابى أو مجرد روايات تحمل ذات أفكار روايات مواجهة العصابات الإجرامية واستبدالها فقط بالجماعات المتطرفة.
 
يقينى أن الإبداع والفنون هو اللاعب الأساسى فى الحرب ضد الإرهاب ويمكن من خلال دعمهم يمكن أن يكون هناك أدوار متعددة لمواجهة تطرف الفكر المؤدى للإرهاب بشكل مباشر، وبالتالى فإن الرؤية الفنية هى التى تفرض دائما الشكل الذى يتم التعامل من خلاله مع هذه القضية، وفى هذا المضمار لا يمكن أن ننسى أو نتجاهل فيلم " المصير " للمخرج الكبير يوسف شاهين ففى هذا الفيلم اتخذ من شخصية الفيلسوف العربى " ابن رشد " مجرد إطار شكلى لمناقشة قضية الإرهاب وغسيل المخ التى يتعرض لها المجند فى الجماعات المتطرفة. 
 
أما مواجهة قضايا التراث التى تستغلها هذه الجماعات وتيارات الإسلام السياسى، فالأمر يتوقف على مساحة المناقشة والطرح والتعليق والمواجهة التى يمكن لتلك الأفلام السينمائية ضمها مع مراعاة ما تتطلبه من عناصر تجارية لتحقيق الربح المطلوب من صناعها وكذلك البعد الذى يحقق لها الانتشار لتحقيق الهدف المنشود منها. 
 
ولعل مسلسل " غرابيب سود " الذى عرض فى رمضان الماضى ودمج بنجاح كبير بين الأعمال الروائية والتسجيلية فى مناقشة أفكار تنظيم داعش الإرهابى والذى مازال العالم يعانى من أفكاره وضرباته الموجوعة حتى الآن كان مثالا هاما. 
 
فالمسلسل كان يختتم كل حلقة بتفسير وتوضيح آيات قرآنية وأحاديث نبوية يستغلها هذا التنظيم الإجرامى فى شرعنة جرائمه الشريرة بعد أن يتجاهل التفسير الوسطى المستنير لها والذى كان يقدمه المسلسل بمهارة وذكاء، ففى الجانب الروائى كان يقدم شر هذا الاستغلال وعدم الفهم وفى الجانب التسجيلى يقدم الصورة الغائبة والحقيقة التى تتجاهلها التيارات الاصولية فى سيمفونية متكاملة تصل بالمشاهد بسهولة إلى الهدف مباشرة. 
 
إذن يمكننا اعتبار مثل هذا المسلسل نموذجا يمكن أن يتطابق مع الفكر الذى ينادى به الكاتب فى مقالاته سالفة الذكر. ولاشك أنه أمرا ليس بالسهولة بل يتطلب تجنيد عناصر فنية متعددة لمواجهة تلك التيارات الظلامية واجتذاب المشاهد.









مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة