هل تصدق أن مأذون زواج القاصرات هو المجرم الوحيد فى هذه القضية؟
• المأذون طرف أخير فى معادلة زواج الفتيات دون سن الثامنة عشرة فى مصر، المأذون طرف فى توثيق الجريمة، لكن الجريمة قائمة من قبل ذلك كثيرًا، الجريمة من الوالدين والعائلة ورجال العائلة وشيخ الجامع الذى لايزال يعتقد أن السيدة عائشة تزوجت النبى محمد، صلى الله عليه وسلم، وهى دون التاسعة من عمرها، والجريمة فى المدرسة، والجريمة فى الإعلام، والجريمة فى عقول تعتقد أننا نستطيع حماية القاصرات من هذا الظلم بمجرد إصدار قانون، وأن المفاهيم الإجرامية السائدة بحق الفتيات لا تحتاج إلى وعى أو تدريب أو حملات إعلامية منظمة.
• اسمع هذه القصة: لقد صادفتنى امرأة بسيطة عند بوابة مدينة الإنتاج الإعلامى كانت تسعى للبحث عن عمل لزوج ابنتها، وقصدتنى فى مساعدتها لتوظيفه فى المدينة أو فى الصحيفة أو لدى أى من الأصدقاء الذين تتوسم أننى قد أستطيع الوصول إليهم، سألتها عن تعليم هذا الشاب، فصدمتنى بأنه لايزال يدرس فى مدرسة صناعية، وأن عمره سبعة عشر عاما، وأن ابنتها عمرها خمسة عشر عاما وتعمل فى شركة نظافة بأحد المولات الكبيرة فى مدينة السادس من أكتوبر.
وعندما لاحظت هذه الأم صدمتى فى عمرىْ الزوجين، وسؤالى حول سبب زواج البنت فى هذه السن المبكرة لطالب دون السابعة عشرة، وكيف وثقت هذا الزواج، أجابت بكل ثقة واطمئنان: «إحنا ما بنعملش حاجة تغضب ربنا، ده جواز والستر أهم حاجة، وسيدنا النبى، عليه الصلاة والسلام، اتجوز السيدة عائشة وعندها تسع سنين.. وبعدين يا أستاذ هو أنا هفضل شايلة همها ومصاريفها لحد امتى؟».
• نسيت الأم هنا أنها لاتزال تحمل هموم ابنتها بالبحث عن عمل لزوجها التلميذ فى المدرسة، وأن ابنتها الصغيرة ليست سوى عاملة نظافة فى أحد المولات.
• سألتها: وكيف وثق المأذون الزواج؟ قالت ببساطة: «احنا كتبنا ورقة ولما تكبر ربنا يحلها»، سألت مرة أخرى: وهتعملى إيه يا حاجة لو بنتك أنجبت طفلا، كيف تصدرين شهادة ميلاد؟ فأجابت بنفس البساطة: «أبو جوز بنتى ليه سكك مع بتوع الصحة».
• كل الردود حاضرة، وكل «السكك» مفتوحة، وكل المبررات الدينية والاقتصادية قائمة، ولا حول ولا قوة إلا بالله.
• بعد كل ذلك، هل تؤمن بأن المأذون فقط هو بطل جريمة زواج القاصرات؟!
المجتمع بكامله فى دائرة الجرم.