لا تزال أرواح الجدود تحمى هذا الوطن وتدافع عنه بشتى الطرق، وما فعله الفراعنة لا يزال خيره ساريا فينا، وفى أوقات الأزمات يمدون أيديهم كى يعرف العالم حضارتنا وتاريخنا ويدركون ما فعله المصريون قديما من أجل الحفاظ على هذا العالم.
أقول هذا بمناسبة ما سيحدث فى عام 2018، فقد صار من الواضح تماما أنه سوف يكون عام الملك المصرى الشهير توت عنخ آمون، فلديه الكثير من المهام فى العام المقبل، منها مهام داخلية وأخرى خارجية، وعلى وزارة الثقافة والدولة المصرية كلها أن تحسن استغلال تلك الفرصة .
فعلى المستوى الخارجى سيقوم الملك الذهبى برحلة مهمة، وذلك بعدما وافقت وزارة الآثار على مغادرة كنوز توت عنخ آمون مصر لأول مرة، وذلك فى مارس عام 2018، لتقوم بجولة تزور فيها أكبر متاحف العالم، بمناسبة مرور 100 عام على اكتشاف مقبرة الملك الفرعونى، يطوف المعرض 10 متاحف عالمية، وستكون مدينة لوس أنجلوس أول محطة لها، حيث ستعرض هذه القطع الأثرية لمدو 10 أشهر، ثم تنتقل فى يناير عام 2019 إلى أوروبا وتبقى هناك الفترة نفسها، هذا المعرض الجوال لمقتنيات الملك الذهبى يضم 166 قطعة أثرية، وهى قطع مكرره عبارة عن حلى وتماثيل "أوشبتى"، وعائد المعرض يبلغ 5 ملايين دولار، إضافة إلى عائد بيع التذاكر بعد تخطى عدد الزوار 700 ألف زائر، حيث سيعود على الوزارة على كل تذكرة 4 دولارات.
أما على المستوى الداخلى فإنه فى سنة 2018 سيكون العالم على موعد مع الافتتاح الجزئى للمتحف المصرى الكبير، وهذا الافتتاح الجزئى سيكون معتمدا بشكل كامل على مقتنيات الملك توت عنخ آمون، حيث تم نقل معظمها من المتحف المصرى بالتحرير إلى المتحف الكبير الذى يتم تجهيزه حاليا.
المهم علينا أن نعرف أن الأمر أكبر من مجرد نزهة لمقتنيات أشهر ملك مصرى يعرفه العالم، بل هو رسالة حضارية مهمة تحملها هذه المقتنيات عن مصر وتاريخها، وليكن فى علم الجميع خاصة القائمين على هذه الرحلة أن هناك عقولا وقلوبا سوف يعاد تشكيلها من جديد بعد رؤيتها لآثار مصر، فكثير من الأمريكيين والأوروبيين لم تتح لهم الظروف أن يأتوا إلينا، ونحن بهذه الطريقة نقدم بعض ما يحبونه، خاصة أن القطع الأثرية تخص توت عنخ آمون الذى يسمعون عنه ويحبونه .
ما أريد أن ألفت إليه الانتباه مبكرا، هو أننا أمام فرصة كبيرة ومهمة لجذب السياحة مرة أخرى إلى مصر، فالقطع التى تسافر إلى الخارج كانت قد أثبتت نجاحها من قبل مثلما حدث فى اليابان .
كما أنه من الجيد الخروج إلى محب الآثار الذى لا يعرف كيف يأتى إلينا بسبب ظروفه أو بسبب أن الإعلام هناك ينقل صورة غير صحيحة عما يحدث فى مصر، لأن خروجنا إليهم يعنى أننا نفكر بصورة جيدة ومبتكرة .