فوجئنا فى الشهر الماضى ببيان من وزارة الآثار بعنوان «بشأن ضياع خاتم فرعونى» وفى التفاصيل ردت وزارة الآثار على الشائعة التى تدعى اختفاء خاتم ذهبى يعود إلى العصر الفرعونى، ومن خلال رد وزارة الآثار فهمت أن هذا الخاتم كان قد استخدم فى أحد المعارض منذ 15 عاما، ومن يومها وهو مختفٍ، حتى أتى أحد الباحثين وأراد أن يطلع عليه ليتمم دراسته، وحينما تحجج أمناء المتحف بأن الخاتم غير معروض وأنه فى المخازن ظن هذا الباحث أن الخاتم اختفى وأن أمناء المتحف يحاولون صرف نظره عنه، فما كان من هذا الباحث إلا أن كتب على مواقع التواصل الاجتماعى هذه القصة متشككا فى أقوال أمناء المتحف، فأخرجت الوزارة الخاتم الرائع من مكمنه، وعرضت صوره على الناس، وقد تناولت هذه الواقعة فى وقتها ودعوت وزارة الآثار إلى عمل معارض نوعية تبرز من خلالها كنوز متاحفنا الخفية فى المخازن، لكنى فى الوقت ذاته أدرك أن احتملالات حدوث نهضة ثقافية فى ظل هذا التعنت الإدارى والبيروقراطية القاتلة هى محاولة شبيهة بمحاولة الحفر على المياه.
للأسف نحن نتعامل مع متاحفنا وكأنها «قبور»، لا نقوم بالدعاية اللازمة لها، ولا نربى أولادنا على زيارتها، ولا نمنحها قيمة تذكر، ولا ندخلها فى حياتنا ولا نشركها فى حل أزماتنا، وكأننا نتنكر إلى ماضينا، أو كأننا نكفنه فى الغبار المتكالب علينا، محتقرين إياها بالنسيان، ولعله من المضحك هنا أن نرى مسؤولة عن متاحف وزارة الثقافة تفتخر بأنها سهلت إجراءات زيارة فنان معروف يحتفظ متحف الفن الحديث ببعض من أعماله لمتحف الفن الحديث، وأنها وأدت فتنة كانت فى مهدها حينما تجرأ هذا الفنان وذهب إلى المتحف مع بعض أصدقائه العرب، بينما أقامت أخرى الدينا ولم تقعدها حينما دخل فنانا آخر يعمل فى منصب قيادى فى وزارة الثقافة ويحمل قرارا وزاريا يأمره بتنفيذ مهمة داخل المتحف، وبين هذا وذلك دخل «نصاب» إلى متحف الفن الحديث يحمل صندوقا خشبيا 2 متر × متر ونصف، وسرق 5 لوحات يقدر ثمنها بـ 100 مليون جنيه دون أن يعترض طريقه أحد.
من هنا نكتشف كيفية تعاملنا مع متاحفنا التى يعتبرها الغرب مصدر رزق وعلم وانتماء، بينما نقف نحن لنهيل عليها التراب، وننزعها من وعى المواطنين، كما ننزع عنها هالة القداسة الفنية والأثرية والتاريخية حتى يتسرب إلى الوعى أنها «حبة حجارة» .
نكمل غدا.