حسنا فعلت وزارة التعليم العالى بتخصيص المحاضرة الأولى من التيرم الثانى فى كل الجامعات لتعليم الطلاب مكافحة الفساد، مبادرة تستحق التقدير، يشكر عليها من فكر فيها سواء كان الوزير أو أى رئيس جامعة، فهى دخلة مختلفة نتمنى أن تكون سنة جامعية لا تتوقف، بل نريدها أكثر من هذا، فمحاضرة واحدة لا تكفى.
بل والأهم أن تحرص الجامعات على أن يتحول الأمر من مجرد محاضرة الى واقع جامعى وأن يرى الطلاب أمام أعينهم كيف تحارب جامعاتهم الفساد وكيف تقدم نموذجا يقتدون به فى تطهير نفسها من الفاسدين، فالفساد فى الجامعات موجود ومن ينكره لا يعرف ماذا يجرى فى الحرم الجامعى، صحيح قد تكون له صور مختلفة عن الفساد الذى نعرفه فى المؤسسات الأخرى، لكنه موجود ويهدد الأخلاقيات الجامعية، فالدروس الخصوصية التى أصبحت ظاهرة جامعية لا تخلو منها كلية فساد، وللأسف لم تعد قاصرة على الكليات النظرية وانما امتدت الى الكليات العملية، بما فيها كليات الطب، طلاب طب قصر العينى أنفسهم يجبرون على الدروس الخصوصية ووصل سعر المادة الى ألف جنيه.
المذكرات الجامعية التى تباع على عين الإدارات الجامعية وعلى الأرصفة المواجهة لها فساد وإهدار للعلم.
استغلال بعض الأساتذة لسلطاتهم وإجبارهم الطلاب على شراء مؤلفاتهم بكوبونات مدون عليها اسم الطالب فساد وضغط على الغلابة.
رسائل الماجستير والدكتوراه الجاهزة والتى تباع للطلاب العرب " ديلفرى" حسب الطلب فساد.
تسريب الامتحانات والتلاعب والغش فى رسائل الماجستير والدكتوراه وابتزاز الباحثين فساد.
الأفضلية التى يحصل عليها أبناء الأساتذة بحجة أن ابن الوز عوام فساد وخراب جامعى لابد من التصدى له وبقوة.
المستوى الأكاديمى المتدنى لبعض الحاصلين على الدرجات العلمية وبعض المنتمين لهيئات التدريس بالجامعات فساد.
كل هذه صور للفساد داخل الحرم الجامعى طالما ظلت موجودة فلن يقتنع الطلاب بمكافحة الفساد ولن يتجاوبوا مع أى وسيلة ولا تنفع معهم محاضرات.
فعلى الإدارات الجامعية أن تقدم القدوة لطلابها فى كيفية مكافحتها للفساد الموجود بداخلها كبير كان أو صغيرا وتطهير جامعاتهم منها، وإذا نجحوا فى هذا فلن يكونوا فى احتياج إلى تخصيص محاضرات.
لا ننكر أن هناك جهدا يبذل فى الجامعات لمواجهة الفساد ومكافحته، سواء من بعض رئاسات الجامعات أو الأجهزة الرقابية مثلما حدث مؤخرا مع مافيا تجارة الأعضاء لكن الحرم الجامعى فيه أكثر من هذا بكثير، وإذا كانت جامعة مثل القاهرة تبدع فى محاربة الفساد وإغلاق كل الأبواب أمام الفاسدين، فلدينا جامعات أخرى ما زالت متأخرة فى هذا الواجب لم تؤده على النحو المطلوب، بل وفى جامعة القاهرة نفسها ما زالت بعض البؤر الفاسدة التى تحتاج المواجهة، وإذا كنا سعدنا بالمحاضرة الافتتاحية للتيرم الثانى وتخصيصها للحديث عن الفساد، فالمؤكد أن الفائدة ستكون أكبر عندما يشعر الجميع أن الجامعات بلا فساد فعلا، وأن الفساد محاصر والفاسدون يعاقبون ويبعدون .