زينب عبداللاه

عملت أكونت صراحة؟! استحمل واحترس

الأحد، 19 فبراير 2017 09:00 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

"من أربع سنين كان عندك كانسر وانتشر فى جسمك كنت فرحانة فيكى وإنتى بتموتى قدامى وأنا عاملة صاحبتك، لأنك أخدتى كل حاجة حلوة وبتمنى يرجعلك المرض تانى وأشوفك متعذبة.. الإمضاء صاحبة عمرك"، "أنا أكتر واحدة باصة لك فى حياتك وبحسدك وانتى سعيدة وبتنزلي صورك وبدعى ربنا تتحرمى من كل حبايبك وهافضل وراكى لحد ما تتهدى"، "دعيت ربنا كتير ياخد منك أخوكى اللى بتحبيه عشان ماعنديش أخ زيه، وفرحت أوى لما ربنا أخده منك، يا رب تزيد أحزانك".

الأمنيات والعبارات الشريرة السابقة هى بعض الرسائل التى تلقاها عدد من الأشخاص الذين أنشأوا حسابات على موقع صراحة، الذى ابتكره شخص سعودى ليتيح إرسال رسائل على صاحب الحساب "الأكونت" دون معرفة شخصية من يرسلها.

فجأة انقلب موقع التواصل الاجتماعى فيس بوك رأسًا على عقب بعدما بدأ الكثيرون إنشاء حسابات على موقع صراحة، الذى أكد مبتكره أن الهدف الأساسى منه مساعدتك فى التعرف على عيوبك ومزاياك عن طريق الحصول على رسائل من أصدقائك ومعارفك وموظفيك دون معرفة المرسل.

الكثيرون شعروا بالندم بعد إنشاء حسابات على هذا الموقع وتلقيهم رسائل انتقامية تحمل مشاعر كراهية لم يتخيلوا أن يحملها أحد تجاههم، والكثيرون يقتلهم الفضول لمعرفة من أرسلوا هذه الرسائل، وتساورهم مشاعر الشك فى كل من حولهم حتى أقرب الأقربين.

ويطرح هذا الموقع وما أثاره من ضجة واسعة سؤالاً حول استعدادنا لممارسة الصراحة والنقد البناء كما يوصيك هذا الموقع عند كتابة أى رسالة جديدة.

لا يختلف هذا التشوه النفسى الذى تحمله الكثير من الرسائل المؤذية التى تلقاها عدد من مستخدمى الموقع عن حجم التشوه الذى أصابنا وأصاب مجتمعنا، وهو ما يجعل هذه الرسائل أمرًا متوقعًا، وقد يصل مدى خطورتها وتشوهها إلى درجة الدفع إلى ارتكاب بعض الجرائم أو الشك فى المحيطين بدرجة تزيد الخلافات الأسرية ومشكلات العمل، ومشاعر الاكتئاب، وقد يجد أحدهم بعض الرسائل التى تشككه فى زوجته أو العكس، وقد يدفع الشك البعض لخسارة أصدقائهم وأقرب المحيطين بهم.

لا تكشف هذه الرسائل عن حجم الكراهية التى يخفيها البعض تجاه أصدقائهم ومعارفهم ولكن تكشف أيضًا عن جوانب قد لا نراها ولا نشعر بها ونحن نتحدث عن حياتنا أمام الآخرين، تشعرك هذه الرسائل ليس بالشفقة فقط على من تلقوها ولكن على من أرسلوها، ممن يستكثرون بعض مشاعر السعادة التى يرونها فى أعين غيرهم لأنهم محرومون منها، ولم يراع الآخرون هذا الحرمان.

قد تكون هذه الرسائل على قدر قسوتها وتشوهها نذيرًا ينبهنا بقسوتنا التى دفعت البعض ممن لم نراع حرمانهم من أمور حبانا الله بها، أن يحملوا تجاهنا كل هذا الكره دون أن ندرى، وقد تكون هذه هى الفائدة الوحيدة من رسائل الكراهية التى وصلت للكثيرين تحت مسمى الصراحة.

لم تكن هذه النوعية من الرسائل هى كل ما تلقاه أصحاب حسابات الصراحة، حيث تلقى الكثيرون أيضًا رسائل حب وإعجاب من مجهولين، وتمنوا لو أفصح هؤلاء المحبون والمعجبون عن هويتهم، ورفعت رسائل المحبة الروح المعنوية لمستقبليها.

وفى رأيى أن موقع صراحة لم يحقق الهدف أو الفائدة المرجوة منه، وأن خسائره ستكون أكبر من فوائده، ببساطة لأننا لا نجيد ممارسة الصراحة والنقد البناء، ولو كنا نجيدهما ما احتاج الكثيرون لإنشاء هذه الحسابات أو إرسال هذه الرسائل التى تحولت إلى تفريغ لطاقة كراهية هدامة، أما عن رسائل المحبين فلا أعرف لماذا يخفى أشخاص يحملون الحب هويتهم، ولماذا يضنون عن أحبائهم بهذه الكلمات فى العلن بدلاً من الخفاء والتخفى، وحيرة مستقبلى هذه الرسائل فى التخمين لمعرفة من أرسلوا رسائل الإعجاب والمحبة والمديح.

قد يكون موقع صراحة مفيدًا لأصحاب الأعمال والرؤساء والقيادات الذين يسعون لمعرفة آراء موظفيهم ومرءوسيهم بصراحة ودون خوف أو حواجز، إذا كان هؤلاء القيادات يسعون لتطوير الأعمال والاستفادة من الانتقادات والاعتراضات، ولكن للأسف فهؤلاء لم نسمع أنهم أنشأوا حسابات على موقع صراحة، لأن أغلبهم لا يحب أن يدلى مرءوسوهم بآراء حول عيوبهم وسلبياتهم فى العمل دون أن يعرفوا هوية من يوجهون لهم الانتقادات.

وفى النهاية إذا اخترت أن يكون لك حساب على موقع صراحة فعليك أن تتحمل حلوه ومره، وأن تستقبل بصدر رحب رسائل الكارهين كما استقبلت رسائل المحبين، واحذر أن يقودك بعض هذه الرسائل للشك أو الخسارة أو يدفعك بعضها لارتكاب جريمة، وإلا بلاها صراحة.







مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة