جاء التعديل الوزارى الأخير، الذى انتظره الكثيرون لدرجة أنهم فقدوا الأمل فيه من كثرة ما انتظروه، ليبث مزيد من الحيوية والنشاط فى الحكومة ، ويرسخ أن العمل والعمل فقط هو الفيصل فى بقاء الوزارءفى مناصبهم ، بعد أن إنتهى عصر بقاء الوزراء لعقود دون أى تقييم لعملهم، ولعل بوادر انهيار سعر الدولار يمثل بشرة خير للتعديل الوزارى ، حتى وأن كان التعديل ليس هو السبب الرئيسى لهبوط سعر الدولار.
ورغم أن البعض حاولوا شن حرب نفسية من عينة: يا سيدى طيب انتظر لما نشوف نتيجة التعديل الوزارى.. كما قال آخرون: ما تفرحش أوى بنزول سعر الدولار هيعلى تانى لما يقرب شهر رمضان.. إلا أننى هزمت كل محاولات الإحباط وتسريب اليأس هذه بالرد الآتى: إذا كنا تعودنا على استقبال الأخبار السيئة فلماذا نحرم أنفسنا من السعادة إذا جاءنا نبأ سار.. وهل اليأس والإحباط سيضمنان لنا معيشة طيبة أم أن الأمل فى غد أفضل هو الضمانة الوحيدة إذا خلص معه العمل؟
وبطبيعة الحال لا يستطيع أحد، كائنا من كان، أن يقلل من شأن التعديل الوزارى الأخير، رغم تحفظ الكثيرين على بقاء بعض الوزراء وفى مقدمتهم وزير الصحة الذى عانت فى عهده منظومة الصحة الأمرين من تدهور الخدمات العلاجية واختفاء كثير من الأدوية، إلا أن هذا التعديل جاء معبراً بحق عن روح جديدة للإدارة فى حكومة المهندس شريف إسماعيل قوامها اختيار الشخص المناسب للمكان المناسب وهذا بالتحديد ما حدث مع وزيرة التعاون الدولى د. سحر نصر التى تم إسناد وزارة الاستثمار لها لما تتمتع به من علاقات دولية متميزة تصب فى النهاية فى صالح الاقتصاد المصرى.
وهذا يعكس ثقة رئيس الوزراء والقيادة السياسية فى قدرات الوزيرة خصوصاً فى أعقاب النجاح الباهر الذى حققته فى ملف التعاون الدولى وإعادة الثقة العالمية فى إجراءات الاقتصاد المصرى.
لكن يجب ألا يفوتنا التأكيد على ضرورة أن يستتبع هذا الاختيار الموفق تضافر كافة جهود باقى الوزراء فى المرحلة المقبلة معها لضمان تحقيق الآمال المنشودة خصوصاً وأن الملايين يضعون آمالاً عريضة ويعولون على نجاح الحكومة بهذه التشكيلة الجديدة فى رفع المعاناة عن كاهلهم وتنفيذ توجيهات الرئيس عبد الفتاح السيسى الذى قالها عالية مدوية "إن الشعب عانى بما يكفى ولم تعد تفلح معه المسكنات".. لهذا يجب أن يستتبع هذا التعديل الوزارى إجراءات على الأرض ترفع شعار "دقت ساعة العمل".
ولا بديل عن فتح ملفات شائكة والبحث عن حلول سريعة ومعالجة فورية لعقبات متراكمة يعانى منها المناخ الاستثمارى فى السوق المصرية طوال السنوات الماضية، وأولاها حسم ملفات التسوية مع الشركات وحل مشاكل الاستثمارات المتعثرة فضلاً عن إعادة هيكلة قطاع الأعمال والمشاكل الفئوية للعمال على رأس أبرز عقبات مضاعفة حجم الاستثمارات الأجنبية المباشرة إلى السوق المصرية خلال الأعوام المقبلة وذلك عقب توفير المناخ الاستثمارى المناسب وإنهاء الروتين والبيروقراطية.
بجانب إنجاز قانون الاستثمار الموحد وحل مشكلة ارتفاع أسعار الأراضى وكذلك تطبيق إجراءات حوافر الاستثمار والمناطق الحرة، والضرب بيد من حديد على الفساد وظاهرة التهريب الجمركى.. بخلاف البيروقراطية العقيمة والتقديرات الجزافية للضرائب وحل مشاكل المصانع المتعثرة، واستعادة ثقة المستثمر داخل مصر وخارجها.
إلى جانب مكافحة البيروقراطية الإدارية نتيجة استمرار تعدد الخطوات والإجراءات التنفيذية لتأسيس الشركات وإقامة المشروعات والمصانع، ويكفى أن نعلم أن تأسيس مصنع يستغرق ما بين 3 و4 سنوات على الأقل نتيجة تعدد الجهات المطلوب الحصول على موافقتها، فرغم الإصلاحات العديدة التى شهدتها السنوات الماضية فى مجال تحسين بيئة الاستثمار.. إلا أنه هناك تعقيدات حكومية وإجراءات الروتينية تقف عائقاً أمام تنشيط حركة الاستثمار، لذا لابد من تفعيل إجراءات الشباك الواحد والاستعانة بتجارب دول أخرى مثل البرازيل وماليزيا وتركيا.
وغنى عن القول أننا إذا نجحنا فيما سبق.. سيكون متاحاً أمامنا جذب استثمارات جديدة للسوق المحلية لزيادة معدلات النمو والقضاء على البطالة والفقر، وحل المشاكل والنزاعات القائمة مع المستثمرين الجادين، ودراسة وتحديد التعديلات المطلوبة على التشريعات المنظمة للاستثمار، والقضاء على البيروقراطية.. وعند هذا الحد فقط سنجنى ثمار التعديل الوزارى على أفضل وجه.