وفقا لآخر البيانات التى نشرها صندوق النقد الدولى حول معدلات التضخم فى دول العالم، فإن هناك 9 دول تعانى من معدلات سلبية للتضخم وبالتالى فهى تعانى من الانكماش، وبحسب ما أعلنه الصندوق، تمثلت الدول ذات معدلات التضخم السالبة لعام 2014، فى دولة "البرتغال، البوسنة والهرسك، بولندا، كرواتيا، سلوفاكيا، وقبرص، أسبانيا، اليونان، إستونيا".
ويعتبر كثير من الاقتصاديين معدلات التضخم السالبة مؤشر غير جيد وجرس إنذار للركود الاقتصادى، خاصة فى ظل ما يتسبب به من زيادة فى القيمة الحقيقية للديون بالدولة.
وفى سياق متصل بالمعدلات السالبة للتضخم، كشفت بيانات الهيئة العامة للإحصاء بالمملكة العربية السعودية أن معدّل التضخم فى المملكة دخل فى النطاق السالب لأول مرة منذ أكثر من 10 سنوات حسب البيانات المتاحة من الهيئة، والتى أظهرت أيضا، تراجع مؤشر أسعار المستهلكين فى المملكة السعودية لمستوى -0.4 % خلال شهر يناير الماضى.
وبحسب ما يتيحه الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء، ومواقع اقتصادية متخصصة، من تعاريف لبعض المصطلحات الاقتصادية، سيتم خلال التقرير التالى، الإجابة على كل ما يتعلق بمفهوم التضخم السلبى، والفرق بينه وبين الركود التضخمى وتراجع معدلات التضخم، علاوة على، توضيح أسبابه والآثار المترتبة عليه عند حدوثه فى دولة ما.
1- ماذا يعنى "التضخم السلبى"؟
هو حالة اقتصادية غير متوازنة وتراجع فى النشاط الاقتصادى بشكل ملحوظ حتى أنه قد يصل إلى حالة الركود، وبالتالى تراجع كبير فى أسعار السلع والخدمات وانحسار التضخم ليكون أقل من الصفر.
ويصف الاقتصاديون هذا النوع من التضخم على أنه مؤشر سلبى للاقتصاد، لأنه لا يحدث إلا فى حالة الركود، حيث أن انخفاض الأسعار هنا لا يكون إيجابيا، بل هو انخفاض بسبب عدم الإقبال على السلع، وهو ما يؤثر على الدورة الاقتصادية ومعدلات المخزون والإنتاج والبطالة.
2- ما هى أسباب "التضخم السلبى"؟
يحدث التضخم السلبى فى فترات تراجع الاقتصاد والكساد، وكذلك تراجع النشاط الاقتصادى بالدولة، أو انخفاض المعروض النقدى لديها، كما يتسبب فى حدوثه أيضا، تراجع الائتمان بسبب انخفاض المعروض النقدى.
3 - ما هى الآثار المترتبة على "التضخم السلبى"؟
بالطبع تصل الدول ذات الركود الاقتصادى إلى معدلات تضخم سالبة، بعد حدوث انكماش لاقتصادها وتفاقم أزماته، وبالتالى يترتب على هذا الركود مشكلات كثيرة، أهمها:
- ارتفاع معدلات البطالة.
- تراكم المخزونات.
- تراجع الأسعار بسبب نقص الطلب وتزايد نسبة المعروض.
- تراجع الاستثمار.
- تراجع الإنتاج.
- تراجع الاستهلاك.
- تراجع الائتمان المصرفى.
4- ما الفرق بين "التضخم السلبى" و"الركود التضخمى" و"تراجع معدلات التضخم"؟
التضخم السلبى هو نتيجة طبيعية للركود التضخمى، فأزمة وصول معدلات التضخم لأرقام سالبة تبدأ بحدوث ركود تضخمى، والذى يعنى "حالة نمو اقتصادى ضعيف وبطالة عالية، أى ركود اقتصادى، يرافقه تضخم"، وتحدث هذه الحالة عندما لا يكون هناك نمو فى الاقتصاد، ولكن يكون هناك ارتفاع فى الأسعار، ويعتبر المؤشران "الركود التضخمى، والتضخم السلبى" حالة اقتصادية غير مرغوب بها.
أما تراجع معدلات التضخم، فيعتبر مؤشرا جيدا، يشير إلى انخفاض نسب التضخم المرتفعة وتراجعها تدريجيا بناءً على الهبوط الذى يحدث لأسعار السلع الاستهلاكية، والتى كانت ذات أسعار مرتفعة فى السابق، ويظل مؤشر تراجع معدلات التضخم جيدا طالما فى إطار ما تستهدفه الدولة من معدل للتضخم، ولكن يتحول ويصبح مؤشرا سيئاً، عند حدوث كساد اقتصادى يقترب بالمعدلات لمؤشر"التضخم السلبى".
5- متى تكون المعدلات السلبية مقبولة فى التضخم؟
قال الدكتور مدحت نافع أستاذ التمويل والاستثمار، إن تراجع الأسعار الذى يؤدى لانخفاض معدلات التضخم حتى إذا وصلت بالسالب فى شهر ما مقارنة بالشهر السابق له هو أمر مقبول، طالما فى إطار المعدل الذى تستهدفه الدولة للتضخم بها، لافتا إلى اختلاف هذا عن التضخم السلبى الذى يحدث بشكل سنوى ومتواصل فى الدولة، لأن وقتها يعنى هذا وجود ركود وكساد باقتصاد الدولة وهو أمر غير جيد.
وأوضح نافع لـ"اليوم السابع" أن التضخم فى العموم لا يعتبر مؤشرا سيئا، قائلا: "المهم هو منطلق منين، بمعنى أنه إذا كانت معدلاته تعكس أسعار مستقرة ومناسبة لحركة الإنتاج والنمو والمنظومة الاقتصادية بالدولة، فيكون مؤشرا جيدا، وإنما إذا ابتعدت معدلاته عن المستهدف من قبل دولة ما وبدأت تتحول للنسب السالبة، فهنا يدق جرس الإنذار لخطورة الوضع الاقتصادى بهذه الدولة".
وأضاف الدكتور مدحت نافع، أن معدلات التضخم المستهدفة تحددها كل دولة وفقا لأهداف السياسة النقدية بها، مشيرا إلى أنه يظل تراجع معدلات التضخم أمرا مقبول طالما لم يتجاوز النسبة التى تستهدفها الدولة، وفى حالة الابتعاد عن المستهدف فهذا أمر سلبى ومؤشر للركود.