"الإسلام هو أقرب الـديانات إلى المسيحية"، قالها الكاردينال جان لويس توران رئيس المجلس الباباوى للحوار بين الأديان، من على محراب الأزهر الشريف فى أول عودة لجلسات الحوار بين المؤسستين الدينتين الأكبر فى العالم عقب قطيعة امتدت سبع سنوات، حيث تم اختيار قضية «دور الأزهر الشريف والفاتيكان فى مجابهة ظاهرة التعصب والتطرف والعنف باسم الدين»، لتكون موضوعًا للحوار الأول بينهما الذى بدأ أمس الأربعاء.
منارة الأزهر تتزين بقلنسوة الكرادلة
منارة الأزهر الشريف احتضنت اليوم قلنسوة الكرادلة الفاتيكان، وفتحت الجامعة الإسلامية الكبيرة أبوابها لاستقبال كاردينال بدرجة وزير، توران الذى بعثته دولة الفاتيكان على رأس وفد رفيع المستوى يرأس المجلس البابوى للحوار بين الأديان هو وزارة تابعة للكرسى الرسولى تختص بالعلاقة بين الفاتيكان حاضرة الكاثوليك فى العالم وبين باقى الأديان سواء السماوية أو غير السماوية كالأديان الإفريقية والأسيوية.
توران محملًا برسالة باباوية: الإسلام أقرب لنا
توران الذى جاء محملًا برسالة البابا فرانسيس الثانى لمشيخة الأزهر، أكد على أن أقرب الأديان إلى الفاتيكان هو الإسلام، فهو دين توحيدى كالمسيحية رغم الخلافات العميقة فى العقائد، وهو ما يعتبر امتدادا للوثيقة الهامة التى أصدرها الفاتيكان قبل نصف قرن من الزمان إبان المجمع الفاتيكانى الثانى عام 1965حول العلاقات بين الأديان أو أتباعها.
وثيقة المجمع الفاتيكانى الثانى والإسلام
وخصّت الوثيقة الهامة، العلاقات مع المسلمين بفقرات بيّن فيها الاحترام والتقدير الذى تكنّه الكنيسة للمسلمين وجاء فيها: «تنظر الكنيسة بعين الاعتبار إلى المسلمين الذين يعبدون الإله الواحد الحى القيوم الرحيم الضابط الكل خالق السماء والأرض المكلم البشر.. وإذا كانت قد نشأت، على مرّ القرون، منازعات وعداوات كثيرة بين المسيحيين والمسلمين، فالمجمع المقدّس يحض الجميع على أن يتناسوا الماضى وينصرفوا بإخلاص إلى التفاهم المتبادل، ويصونوا ويعزّزوا معاً العدالة الاجتماعية والخيور الأخلاقية والسلام والحرية لفائدة جميع الناس».
الحوار بين الأزهر والفاتيكان.. تاريخ وقطيعة
للحوار بين الأزهر والفاتيكان تاريخ طويل وممتد، ولعل زيارة وفد الفاتيكان اليوم، هى أول رد على مبادرة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب ، حين زار الفاتيكان فى مايو الماضى ليكسر قطيعة دامت أكثر من 7 سنوات بعد تصريحات البابا السابق بنديكتوس السادس عشر فى جامعة رايتسبون، وخلال محاضرة استشهد فيها البابا بكلام فيلسوف ربط بين الإسلام والعنف بعد تفجير كنيسة القديسين نهاية عام 2010، وكذلك كنيسة سيدة النجاة بالعراق، الأمر الذى تسبب فى أزمة دبلوماسية وسياسية كبيرة.
الأزهر بدوره قرر تجميد الحوار مع الفاتيكان لأجل غير مسمى، ووهب مجمع البحوث الإسلامية للتأكيد على ذلك عبر بيان رسمى، حتى أن مصر أعلنت آنذاك عن استدعاء سفيرتها لدى الفاتيكان احتجاجا على تصريحات البابا الذى دعا أكثر من مرة إلى حماية مسيحيى الشرق الاوسط، فيما طالب الاتحاد الأوروبى باتخاذ موقفًا موحدًا بهذا الشأن.
البابا فرنسيس.. بابا الحوار والرحمة
البابا فرنسيس الثانى، بابا الفاتيكان الحالى، يلقبه مراقبون ببابا الحوار والرحمة، حتى إنه أطلق العام الماضى 2016 عامًا للرحمة بين جميع البشر بعد الحروب التى اجتاحت العالم، وسارت مسيرة الحوار فى عهده بوتيرة عالية ومقبولة لدى جميع الأطراف، حتى من قبل غير المؤمنين، فهو يركز على أنّ الحوار هو التقاء اتباع الديانات لخدمة الفقراء، ولإشاعة السلام والعدالة، والإنسانية فى وقت عمت فيه الحروب وصوت القتل والدمار.
الأب رفيق جريش المتحدث الرسمى باسم الكنيسة الكاثوليكية فى مصر، وصف زيارة الوفد الفاتيكانى للأزهر اليوم بالتاريخية، لافتًا إلى أنها استكمالًا لمبادرة شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب الذى حرص على عودة العلاقات بين الأزهر والفاتيكان وزار البابا فرنسيس مايو الماضى.
وأكد جريش لـ"اليوم السابع"، على أن زيارة اليوم نتاج عمل طويل ومشترك بين الفاتيكان والمؤسسة الأزهرية، وبعد تشكيل لجان متبادلة انبثق عنها عودة الحوار حول ملف فى غاية الأهمية، منها كيفية مكافحة الإرهاب عبر خطابات وسطية تحارب التطرف لدى أتباع الديانتين.
فيما اعتبر الباحث والمؤرخ كمال زاخر، أن عودة الحوار بين الأزهر والفاتيكان الباب الوحيد للوصول إلى التفاهم والسلام بين أتباع الديانتين، خاصة فى ظل ما تعيشه المنطقة العربية من لحظة فارقة فى تاريخها حيث انتشرت الحروب وعم الخراب والدمار.