"يموت شهيدا من أحب محمدا وآلاً وأصحابا فيا سعد ميت"، مات أبى، مات صاحب القلب الطيب والضحكة الجميلة، مات من كان لسانه دائما رطبا بذكر الله، مات الرجل الذى لم يخاصم أحدا طوال حياته.. كما كان 22 يناير 1993 ، يوم لا ينسى فى حياتى برحيل أمى، فأيضا أصبح ٩ فبراير ٢٠١٧ هو اليوم الذى قصم فيه ظهرى برحيل السند والعون فى الحياة.
ما أصعب أن يكتب الإنسان إلى أحب الناس لقلبه، ويزداد الأمر صعوبة إذا كانت السطور المكتوبة لشخص يعد الهواء الذى يتنفس به الكاتب وكل شىء فى حياته، أكتب هذه السطور بيد مرتعشة وقلب ينتفض ألما على فراق والدى الشيخ السيد عبد العزيز الشاذلى ـ كما فضل الكثير أن يطلقوا عليه، رغم أنه كان يعمل وكيلا بإحدى المدارس، ولكنه نظرا لتصوفه ولشدة قربه إلى الله وحبه وزياراته لأولياء الله الصالحين وحبه للبشر وفعل الخير وضحكته الدائمة فى وجه الآخرين، أطلقوا عليه الشيخ السيد .
مات الشيخ السيد بعد عناء شديد مع المرض، تحمل الكثير ورضى بقضاء الله، وكلما كان يشتد عليه التعب كان دائما ما يردد" الحمد لله، ده خير يا أولادى، ما تزعلوش ، كل اللى يجيبه ربنا كويس، سامحونى إنى تعبتكم معايا"، مات الشيخ السيد وافتقده الكثير، فلا اعتراض على قضاء الله تعالى ولا راد لحكمه.
لم أتخيل يوماً أنى سأفقد هذا الرجل، لم أتخيل ساعة أن أفقد سماع اسمي على لسانه، لم أتخيل أن أنزل بلدتى قرية طنط الجزيرة بالقليوبية كل يوم خميس لأقضى إجازتى الأسبوعية دون أن أرى الوجه البشوش والابتسامة الجميلة، لم أتخيل أن يمر اليوم دون اتصال من الشيخ السيد للاطمئنان على، نعم رحل أبى ، ولكن ستظل ابتسامته وطيبة أخلاقه وعلوها يذكرها القاصي والداني.
لم أكن أتصور أن يأتى اليوم الذى أكتب إليك يا أحن أب فى الدنيا، فلقد كنت دائما أدعو الله عز وجل أن يجعل الله يومى قبل يومك ولكنها إرادة الله عز وجل أن يأتى يومك ليلة الجمعة لأرى ابتسامتك على "الغسل"، و التى لا تفارق عينى حتى الآن، أكتب لك ياحبيبي وأنا أغالب دموعي محاولاً استكمال هذا المقال، اكتب لك وعنك يا أجمل الوجوه، وأغلاها بذاكرتي، أكتب لك يا أطيب قلب رأيته، وأنا أتذكر كل شىء فعلته من أجلى، أكتب لك يا والدى وأنا أتذكر اتصالك بى يوميا للاطمئنان على وعدم نومك إلا بعد الاطمئنان على عودتى للمنزل، أكتب لك يا أحن والد وأنا أتذكر كل دعوة لى رددتها وأنت على فراش المرض، فى ذاكرتى الكثير من المشاهد التى لا أنساها عن أبى، فقد كان دائما ما يقرأ القرآن ويمسك بالمسبحة ويردد الأوراد طوال الليل ولم ينم سوى ساعات قليلة جدا رغم شدة تعبه.
رحل الشيخ السيد وترك لنا حب الناس من أعماله الطيبة وأخلاقه الحميدة، رحمك الله أيها الجميل بقلبك الحنون الذاكر لله فى كل الأوقات وأسكنك الله فسيح جناته مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا.. إلى فقيدى النائم فى بطن التراب اعتذر إن أوجعتك بدموعى وكلامى، دعوت الله كثيرا أن يرحمك لكننى بكيت من ألم فراقك .. اللهم ارحم أبى.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة