"ترى ما وجه الشبه بين وطن مغتصب وقلب امرأة لن تكون لك، كلاهما يقتلانك فى النهاية وتبقى أنت الملام، تضيع الشعوب بين تفكك وتصارع الفئات عليها، بين تمزق الحكم بين طائفتين كالسنة والشيعة، من يدفع الثمن غير شعب لا يتمنى الكثير، هو فقط يريد الحياة، لا يهمه أبدا حجم الخلافات المتجمعة فى العالم حول قطعة أرض لا يعرف هل هى تتبع السنة أو تنحاز للشيعة" هذا ما قاله الروائى محمود أمين، فى بداية روايته "الحشاش.. الباحث عن الفردوس".
وفى الروية التى جاءت فى 213 صفحة، استخدم الكاتب جملة تصف طريقة المدافعين عن مصالحهم باسم الدين وطريقتهم فى تنفيذ ما تؤول إليه نفوسهم "إنهم يغيرون مظهرهم كالشياطين التى تتحول إلى ملائكة فى النور، ذلك لأنهم يحاكون الحركات والثياب واللغات التى تأتى بها الأمم والأقوام المختلفة.. يتخفون فى ثياب الشاة لتنفيذ أغراضهم".
واستعرض محمود أمين، ما حدث فى تلك القرية الصغيرة بجانب قلعة سميت "ألوه أموت" أو "قلعة الموت" وتعنى تعليم النسر أو عش النسر حيث كانت مكان للنسور وأصبحت تستخدم فيها النسور للصيد والمبيت هناك ولم يعرف من بنى تلك القلعة التى كانت مأوى لأخطر فرقة قتالية فى التاريخ "الحشاشين" أصحاب مذهب "الإسماعيلية الشيعية"، يحكى عنهم البطش والسيطرة على كطل البلدان المجاورة لشمال أفريقيا والمغرب فى سبيل نشر دعوتها بحد السيف والقتل.
وقدم محمود أمين، لمحة عن ماهية الطائفة الإسماعيلية الشيعية واستغلالها لضعف واستسلام الحاكم فى الدولة العباسية حينها، كما أنه ألقى الضوء على الانقسامات بين الطوائف المتنازعة سلاجقة السنة والإسماعيلية الشيعية و الإثنى عشر الشيعية.
ويسرد الكاتب، قصة تاجر وابنه وزوجته فى قرية صغيرة تتبع طائفة الإثنى عشر الشيعية، تورطوا خطأ مع زائر من الطائفة الإسماعيلية واضطروا للسفر لقرية أخرى حيث يعيش أخيه وأسرته، ولكن سرعان ما باغتهم اللصوص فى الطريق وقتلوه وزوجته، وعاش الصبى مع عمه فى تلك القرية التى تتبع الطائفة الإسماعيلية.
كما يصور لنا الكاتب طوال سرده لقصة الصبى "عبد الرحمن" معاناته فى بيت عمه وزوجته وانتقاله لبيت التاجر الذى عاش معه لفترة وساعده كثيرا فى عمله، يعطينا فى كل فقرة من فقرات الرواية لمحة عن آثار تربية أبوه وأمه له فطالما أراده والده فارسا عظيما بينما أرادته والدته شاعرا جليلا، ودوما كانت تسمعه الكثير من الشعر والأبيات التى حفظها جيدا.
ويتابع الكاتب بنقلة فى الأحداث، بذهابه "لقلعة الموت" حيث الانضمام لجيش الإسماعيلية الشيعية، الذين إن شكوا فى ولاء أى من الفرسان يأمروا بالقفز من سور القلعة، رأوا فيه فارسا مستقبلا، ولكنه سرعان ما انشق عنهم، عندما أمر بقتل شيخ أصفهان، الإمام علم الدين وما وجد فيه من شيخ لا يستحق الموت لأجل السبب الواهن الذى أقنعوه به وهنا وجدوا فى قتل عبد الرحمن خيرا لهم.
ومع نهاية الرواية، أوضح الكاتب الخيانة غير المتوقعة التى حدثت والتى تعقبها خيانة أكبر، كذلك رصدت الرواية مشاعر الحب التى صاحبت الصبى خلال فترة حياته التى كانت عبارة عن صراعات لم يكن له يد فيها سوى أنه قدره.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة