خلال ساعات انتشرت صوره على موقع التواصل الاجتماعى " فيسبوك" ، بعد أن نشر "اليوم السابع" قصته فى تقرير إنسانى كتبه الزميل هيثم سلامة.
طفل ترتسم على وجهه كل معانى الحزن والعجز ، عاش عمره الذى لا يتعدى 12 عاما بلا أطراف، جسد بلا ساقين أو ذراعين، ذاق مرار الحبس داخل جسده ومنزله والحرمان من كل ما يتمتع به أقرانه.
ظل الطفل زياد يحلم بأن يمسك قلما وأن يكتب ويرسم مثل زملائه، أو أن يستطيع تناول الطعام بمفرده، والخروج من منزله والذهاب إلى مدرسته دون أن يحمله أحد، وكانت أمنيات الصغير ودموعه تتحالف مع قلة حيلة والديه، لتشعرهما بعجز أكبر من عجز الصغير، حيث يعمل الأب بأحد المطاعم ولا يستطيع تحمل نفقات علاج ابنه فى الخارج بزراعة أطراف صناعية يمكنها مساعدته على ممارسة حياته بشكل طبيعى.
فكر الأب المسكين كيف يخفف عن طفله ويساعده فى تحقيق جزء بسيط من حلمه، ولأن الحاجة أم الاختراع، استخدم الأب الذى لا يمتلك مالا زجاجة بلاستيك ثبتها فى ذراع ابنه وصمم فيها عددا من الثقوب تسمح له باستخدام ملعقة أو قلم، ودربه على استخدامها. ولم يصدق الأب أن فكرته نجحت وساعدت ابنه فى الكتابة لأول مرة فى حياته.
أرسل الأب قصة زياد لـ" اليوم السابع"، والتقى زميلنا هيثم سلامة بأسرة الطفل، ونشر صوره وهو يستخدم الزجاجة فى الكتابة والأكل، لتنتشر صور زياد على مواقع التواصل الاجتماعى بسرعة البرق، وتتسابق القنوات فى استضافته، ويتصل مكتب الرئاسة ليعلن تكفل الرئيس السيسى بحالة زياد ونفقات سفره وعلاجه بالخارج.
هكذا اقتربت مشكلة زياد من الحل، وهكذا استجاب الرئيس بنفسه وسعى لحل مشكلة الطفل، فى غياب تام من الحكومة ووزارة الصحة التى قد يكون الأب لجأ إليها دون استجابة.
لم تكن حالة زياد هى الوحيدة التى ساهم "الفيسبوك" فى انتشارها وحلها، سبقها انتشار صور فتاة العربة بالإسكندرية التى قابلها الرئيس وأصبحت أيقونة ورمزا للكفاح، واحتفى بها الرئيس فى مؤتمر الشباب ومنحها شقة وسيارة.
قضايا ومشكلات كثيرة ساهم انتشارها على مواقع التواصل الاجتماعى فى حلها أو الكشف عنها، ومنها قضايا التعذيب والحالات الإنسانية، وقد يكون أغلب أصحابها لجأوا إلى الوزراء والمسئولين ولم يجدوا حلا أو استجابة.
عايشت تجربة شخصية للبحث عن دواء مستورد، ليس له بديل مصرى يحتاجه مريض بمرض مزمن، ودون جدوى اتصل أهل المريض الذى تدهورت حالته بالأرقام التى أعلنتها وزارة الصحة للإبلاغ عن شكاوى الأدوية ونواقصها ومركز الإسعاف الطبى، فلم يرد أى منها وفشلت كل المحاولات للبحث عن الدواء فى الصيدليات الشهيرة.
فكر أهل المريض فى كتابة اسم الدواء على موقع التواصل الاجتماعى "فيسبوك"، ومناشدة الأصدقاء للبحث عنه، وبسرعة البرق انتشر " البوست"، ووجد أهل المريض أكثر من استجابة من صيدليات تؤكد وجود علبة واحدة من الدواء الناقص، بينما كان يمكن أن يموت المريض دون الحصول على الدواء إذا ما انتظر الأهل استجابة وزارة الصحة المنوط بها الحفاظ على صحة المرضى وعدم تعريض حياتهم للخطر.
قد يكون لمواقع التواصل الاجتماعى العديد من السلبيات، وأهمها المساهمة فى نشر الشائعات والأكاذيب، ولكن فى المقابل تتفوق قدراته على قدرات الحكومة والوزراء والمسئولين فى حل العديد من المشكلات وإلقاء الضوء على عدد من القضايا.
وتثبت هذه المشكلات التى لم تجد حلولا إلا عبر مواقع التواصل الاجتماعى أن الحكومات المتعاقبة فى مصر تسير بخطى السلحفاة متجاهلة مشاكل تعرض حياة المواطنين للخطر، ولا تحاول تخفيف معاناة المواطن إلا إذا ساقته الصدفة لعرض مشكلته على الرئيس سواء تمكن من لقائه بالصدفة مثلما حدث مع سيدة أسوان التى عانت مع المرض حتى التقت بالرئيس ووعدها بالعلاج، فسخرت وزارة الصحة كل إمكانياتها لعلاجها، أو تم تداول مشكلة المواطن على الفيسبوك ووصلت للرئيس فاستجاب لحلها.
فهل أصبح وصول المواطن للرئيس أسهل من وصوله للمسئول، وهل أصبح الفيسبوك بديلا للحكومة ووزرائها فى حل مشكلات المواطنين، ومتى تستفيد الحكومة من وسائل التواصل الحديثة لحل مشكلات المواطنين؟