يوما تلو الآخر، تواصل مرشحة اليمين المتطرف لانتخابات الرئاسة الفرنسية، مارين لوبان كسب النقاط فى استطلاعات الرأى التى ترجح كفتها فى السباق الانتخابى المقرر انطلاقه منتصف العام الجارى، وسط مخاوف تتزايد من قبل الأقليات المسلمة والجاليات العربية المقيمة داخل فرنسا.
وفى حوار أجراه كريستوف كومبادولى، عضو الحزب الاشتراكى مع صحيفة "لوبوان" الفرنسية، ونشره موقع الصحيفة، حدد السياسى الفرنسى 10 أسباب تجعل من فوز لوبان فى الانتخابات المرتقبة أمرا مؤكدا وربما من الجولة الأولى، وذلك على الرغم مما أثير أمس حول فساد زعيمة اليمين الفرنسى المتطرفة، واستدعائها من قبل الشرطة لاستجوابها بشأن اتهامها بتقديم مدفوعات من الاتحاد الأوروبى لموظفيها بشكل غير مشروع، موضحا أن أول تلك الأسباب هو الفوز المفاجئ الذى حققه دونالد ترامب فى الانتخابات الأمريكية برغم قدومه من خارج النخبة السياسية الأمريكية، ما عزز من أيديولوجية "الشعبوية"، وأكد أن بإمكانها التغلل بسهوله إلى صفوف شعب مثقف وواع، لافتا إلى أن شعار ترامب "أمريكا أولا" لا يختلف كثيرا عن شعار لوبان "الأسبقية للوطنية".
واختار السياسى الفرنسى فى حواره "بريكست" ليكون ثانى الأسباب التى تعزز فرص "لوبان" فى سباق الإليزية، قائلا: "زعيمة حزب الجبهة الوطنية تتخذ من تصويت بريطانيا على الانسحاب من الاتحاد الأوروبى حجة لسلوك الطريق ذاته، خاصة أنه لم يظهر سلبيات لهذا التصويت على الاقتصاد البريطانى حتى الآن".
وبجانب "بريكست" وفوز ترامب المفاجئ، أكد كومبادولى فى حواره امتلاك لوبان مشروعا اقتصاديا جذابا، وقال فى حواره: "ثالث عوامل الفوز المتوقع للوبان هو تقديمها رؤية ومشروع اقتصادى ساهما فى تحسين صورتها أمام الشعب الفرنسى، ليصبح بذلك حزب الجبهة الوطنية الذى تمثله ثالث أقوى الأحزاب السياسية فى فرنسا".
وأوضح السياسى الفرنسى أن مشروع لوبان الاقتصادى قائم على تعزيز الاعتماد على الصناعة المحلية، والحد من الاستيراد والخروج من كافة الاتفاقيات التى لا تجعل من مصالح فرنسا أولوية.
وحدد "كومبادولى" تراجع الأحزاب الاشتراكية واقتصار منافساتها على المعارك الثقافية لتكون رابع نقاط القوة التى تمتلكها اليمينية مارين لوبان ، مشيرا إلى أن اليمين واليمين المتطرف يواصلان صعودهما فى فرنسا بشكل لافت منذ سنوات.
وعن أهم خامس نقاط القوة وأهمها على الإطلاق، قال إن الهجمات الإرهابية التى نالت ولا تزال من فرنسا خلال السنوات القليلة الماضية وسقوط مئات الضحايا يجعل من مشروع لوبان الأكثر قبولا لدى الناخبين الفرنسين، ويعزز من فرص حصولها على غالبية الأصوات فى السباق الانتخابى.
وحدد كومبادولى قدرة لوبان على المناورة السياسية لتكون سادس أسباب تفوقها، قائلا إنها تستطيع "قلب الطاولة فى وجه المنافسين" من خلال العديد من أوراق الضغط من بينها ورقة الـ"8 ملايين فقير"، وتأكيدها امتلاك مشروع قادر على حل مشاكل الفقراء فى فرنسا.
واستشهد السياسى الفرنسى بتصريحات لوبان التى قالت فيها إنه "منذ سنة 1981، حكم اليمين على مدار 14 سنة مقابل اليسار الذى ظل فى حكم طيلة 22 سنة، دون أن يجدا حلولا جذرية للحد من نسبة الفقر فى فرنسا"، كما ترى لوبان أن الحل لهذه المعضلة يتمثل فى الخروج من منطقة اليورو، والانسحاب من الاتحاد الأوروبى.
وجاءت فضائح الخصوم والمنافسين لتكون سابع نقاط القوة التى تمتلكها لوبان، وتستعد من خلالها لحسم السباق الانتخابى، حيث قال كومبادولى إن فضيحة فساد زوجة مرشح اليمين الوسط فرنسوا فيون، والتحقيقات التى تتم فى تهم حصولها على 900 ألف يورو نظير وظائف "وهمية" قلصت فرص فوزه الأمر الذى يعزز بدوره أسهم لوبان فى الانتخابات المرتقبة.
وبخلاف ما سبق، ذكر عضو الحزب الاشتراكى فى حواره أن أحد الأسباب التى تعزز فرص فوز لوبان، تبنيها خطابا داعيا للخروج من الاتحاد الأوروبى فى ظل تنامى كراهية الفرنسيين للاملاءات الأوروبية، وترسخ قناعة أن الفرنسيين يعيشون فى أوضاع اقتصادية دون المستوى منذ 40 عاما كاملة بسبب ارتباطهم بسياسات الاتحاد الأوروبى.
واختار كومبادولى، الخروج المبكر للرئيس الأسبق نيكولا ساركوزى من سباق الانتخابات ليكون تاسع الأسباب، قائلا إنه كان بإمكانه إيقاف تقدم لوبان لما يمتلكه من قدرة فائقة على استخدام الخطابات الرنانة واستمالة الفرنسيين بشعارات الحفاظ على الأمن القومى والتصدى للإرهاب، إلا أن ذلك كله لم يعد قائما بعد خسارة ساركوزى للانتخابات التمهيدية داخل حزبه.
وجاءت انقسامات اليسار لتكون آخر الأسباب التى ترجح كفة لوبان، بعدما تحول اليسار الفرنسى إلى 3 كتل بين لوك ميلانشون، وبنوا هامون وايمانويل ماكرون، ففى حالة اتحادهم سيحصلون على 45% من الأصوات، أما إذا استمر الانقسام بينهم فلن يستطيع أى واحد منهم اللحاق بركب لوبان.
وبينت الصحيفة أنه فى حال وقوف لوبان وإيمانويل ماكرون وجها لوجه، فإن الكفة سترجح لصالح لوبان التى ستلعب على نقاط ضعف ماكرون المتمثلة فى كونه متحررا للغاية، ورجل أعمال ليست له دراية كافية بدروب السياسة، كما بإمكانها أن تستغل أيضا قلة معرفته بالثقافة الفرنسية إضافة إلى دعوته لقبول المهاجرين والترحيب بهم.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة