"ثمة بعض الاكتظاظ فى السجون بسبب الحرب ضد الإرهاب"، اعتراف لافت عكس من خلاله رئيس الوزراء التركى بن على يلدريم ـ دون قصد ـ حالة القمع والاستبداد التى يفرضها النظام التركى على شعبه، ليفتح العديد من الملفات المسكوت عنها فى سجل حقوق الإنسان والحريات داخل تركيا، ويكشف ما آلت إليه الأوضاع السياسية فى هذا البلد بعد 8 أشهر من محاولة الإطاحة بالرئيس رجب طيب أردوغان، وما أعقبها من حملة اعتقالات طالت كافة شرائح المجتمع التركى.
وفى تصريحات أوردتها شبكة سكاى نيوز، قال يلدريم: "المدانون بعقوبات مخففة قد يتم نقلهم إلى سجون مفتوحة لإفساح المجال العشرات الآلاف من المعتقلين فى أعقاب تحركات الجيش، ثمة بعض الاكتظاظ بسبب الحرب على الإرهاب، لكن سياسات النقل لن تطبق على الجرائم الكبرى مثل الإرهاب أو الجريمة المنظمة".
وفى محاولة لإفساح المجال أمام ممارسة المزيد من القمع بحسب مراقبين، قال الرئيس التركى رجب طيب أردوغان إن بلاده ربما ستلجأ إلى إجراء استفتاء آخر لتقرر ما إذا كانت ستعيد العمل بعقوبة الإعدام فى حال إقرار البرلمان حزمة التعديلات الدستورية التى تم طرحها من قبل النظام.
وبحسب ما نشرته صحيفة حرييت التركية اليوم قال أردوغان: "قلت إننى سأدعم إعادة تطبيق عقوبة الإعدام إذا أقرها البرلمان، ولكن المشكلة هى أن مثل هذا التغيير يتطلب تعديلا دستوريا، لذا فإننى أقول الآن.. سنمهد الطريق أيضا لإجراء استفتاء حول هذا الأمر إذا تم رفضه من قبل البرلمان، سنذهب للشعب لإجراء استفتاء حول هذا الأمر أيضا، إذا صوت الشعب لصالح إعادة عقوبة الإعدام، فقد انتهت القضية وسيتم العمل بذلك الأمر".
ويواصل النظام التركى حملته القمعية التى أسفرت بحسب إحصائيات رسمية تركية عن اعتقال أكثر من 41 ألف شخص بزعم التعاون مع المعارض التركى البارز فتح الله جولن، غالبيتهم لم يتم التحقيق معهم حتى الآن، إلا أن تصريح رئيس الوزراء كشف عن الحاجة الماسة للنظام لمزيد من السجون ومراكز الاعتقال، أو الحد من أعداد المعتقلين من خلال تطبيق عقوبة الإعدام التى تعارضها الدول الأوروبية، وحذر الاتحاد الأوروبى من تعليق كافة مساعى تركيا للانضمام إلى التكتل الأوروبى حال تطبيقها.
وبخلاف سعيه للتخلص من معارضيه، اعتبر مراقبون إقدام أردوغان على السعى لإعادة عقوبة الإعدام بمثابة خطوة لكسب تأييد القوميين المتطرفين فى الاستفتاء على التعديلات الدستورية التى تعزز صلاحيات الرئيس التركى، حيث تؤيد هذه الشريحة عقوبة الإعدام وكانت من أشد المعارضين لإلغائها عام 2004. حيث دعا زعيم اليمين القومى المتطرف دولت بهجلى قبل أيام القادة الأتراك إلى وقف "المماطلة" فى موضوع إعادة العمل بعقوبة الإعدام. وقال "إذا كنتم صادقين، فستحظون بدعمنا".
وكشف تصريحات أردوغان ورئيس وزرائه التى جاءت فى أقل من 24 ساعة اعتزام النظام التركى اتخاذ تدابير جديدة لإفساح المجال أمام المزيد من المعتقلين فى ظل الحملة المفتوحة التى طالت غالبية طبقات المجتمع التركى من موظفين عمومين وقيادات فى الجيش والشرطة ورجال دين، بخلاف الصحفيين والإعلاميين.
من جانبها، أجرت وزارة العدل التركية مراجعات لقوائم المحتجزين، واتخذت قراراً بالسماح للمدانين بعقوبات أقل من 10 سنوات والذين حققوا شهراً واحداً على الأقل من حسن السلوك بالانتقال إلى سجون مفتوحة لإفساح المجال لمن يحتمل أن يتم اعتقالهم فى الفترة المقبلة.