هل وصلنا لهذه الدرجة من «الفراغ»، ولم يعد لدينا جديد نقدمه، فأصبحنا نستعيد كل شىء حتى المشكلات، التى مر عليها أكثر من 8 سنوات، نضع خمرًا قديمة فى آنية جديدة ونعرضها على الناس منتظرين أن يتهافتوا على شرائها، نفعل ذلك لدرجة أن يعود يوسف زيدان وروايته عزازيل، مرة أخرى، ليصبح الأزمة الحالية فى الشارع الثقافى.
علينا أن نوضح بشكل قاطع، أن اتهام الدكتور «علاء حمودة» للدكتور يوسف زيدان بـ «سرقة رواية عزازيل» الحاصلة على جائزة البوكر2009، ليس جديدًا، فهو الاتهام نفسه الذى ساقه القمص عبد المسيح بسيط فى سنة انتشار الرواية، بعد حصولها على الجائزة العربية المهمة، والذى ادعا فيه أن «زيدان» نقلها من رواية «هيباتيا» لتشارلز كينجسلى المكتوبة سنة 1853 لكنها تنطلق من زاوية أخرى مختلفة، حيث تدافع عن المسيحية عكس ما ذهب إليه زيدان فى روايته.
هذا الاتهام القديم خاض الناس فيه كثيرًا حتى أصابهم الملل، لكن الدكتور علاء حمودة لا يزال يتذكر هذه الأشياء ويحكى فيها، دون أن يحدد الطائل من ورائها والغرض من هذه الإثارة، ويوسف زيدان من جانبه لم يفوت هذا الأمر بل ربما يجده فرصة جيدة للحديث والأخذ والرد والقيل والقال، لذا تقدم بشكوى ضد الموقع الذى صرح فيه «حمودة»، وضد حمودة نفسه، لأنه يعرف أن الأمر سيشغل الجميع حتى على المستوى الخبرى، ويبدو أن يوسف زيدان لا يكره ذلك.
اللافت فى الأمر، أننا نتعامل مع «عزازيل» كأنها الرواية الوحيدة التى خرجت علينا فى السنوات الأخيرة، نعيد ونزيد فيها وفى مشكلاتها وميزاتها، نشكك فيها أو ندافع عنها، متناسين أن ذلك يحدث فقط بسبب موضوعها، الذى يدور حول الكنيسة السكندرية فى مرحلة «قوتها الأولى» وعن الفيلسوفة هيباتيا، وما جرى لها من أحداث، وهى قصة معروفة فى كتب التاريخ والتراث، ولو كانت الرواية تدور حول موضوع آخر، حتى لو تشابه مع موضوعات سابقة تمت مناقشتها، ما انتبه أحد وما توقفنا أمام لغة يوسف زيدان الرزينة أو عدمها فى كتاباته.
نقول لقد كتب يوسف زيدان روايته سنة 2008 وانتهى الأمر، وتحدث الناس مهاجمين أو مدافعين، القمص عبد المسيح بسيط، كان يملك وجهة نظر ناتجة من دفاعه عن الكنيسة، لذا عندما شكك فى هذا الأمر وفى الرواية، كان ذلك أحد أدلته للوقوف فى وجه يوسف زيدان وهذا حقه، وكان الأمر مناسبًا لوقته، أما الآن فاستعادة الماضى واستحضار أرواح الأزمات القديمة فهو نوع من «العبث» وتضييع وقت الناس فيما لا يفيد.