من متابعة قصة مستشار الرئاسة المزيف، وغيرها من قصص النصب العلنى، نكتشف أن النصاب لايمكنه أن ينجح من دون وجود ظروف مناسبة، تسمح بنموه وتوغله وانتشاره. المستشار المزيف الدويك، نجح فى تمثيل الدور مرات، وهناك صور له فى مؤتمرات عامة، بجوار وزراء ومسؤولين، كما أنه مطارد بعشرة أحكام نصب ولم يتم القبض عليه، ومع أنه لم يسبك الدور تمامًا، ووقع فى أخطاء ساذجة، وأعلن عن نفسه أمام الإعلام، فقد كان يمكنه أن يواصل تمثيل الدور.
وهناك عوامل مساعدة تسهل للنصاب عمله، منها وجود كثيرين يقعون ضحية المظاهر، والنفوذ، ومن يتابع التحقيق مع الدويك، يكتشف كيف أنه يحمل طوال الوقت طلبات يضع عليها تأشيرات، لتعيين وترقية، بل أنه وعد مسؤولًا محليًا بأن يعينه وزيرًا. لكن خلف هذا كله.
بعض الضحايا غلابة، يعجزون عن الوصول للمسؤولين، أو إنهاء حاجاتهم لدى الجهات الحكومية، فيلجأون إلى من يخلص لهم طلباتهم حتى لو أخذ منهم مقابل. وهناك سماسرة لهذا الأمر، يقدمون أنفسهم باعتبارهم «مخلصاتية» ينوبون عن المواطن صاحب الحاجة فى التفاهم مع المسؤولين، وغالبًا ما يكون «المخلصاتى» صاحب مظهر لامع، وقدرة على الكلام وتسويق نفسه أنه «واصل».
المفارقة أن بعض «الحالانجية» ينجحون فى تخليص طلبات بمقابل. ويروجون عن أنفسهم هذا فيصبحون مركز جذب. بعض ذوى الحاجات، بالفعل مضطرين يريدون حقهم فقط، والبعض الآخر يريد حق غيره، وهو ما يظهر فى عدة حالات تم ضبطها فى الصعيد والقليوبية، فى الزراعة والشهر العقارى، لتزييف أوراق، تسهل الاعتداء على أراضى الدولة أو الغير.
وطالما ظل الفساد والتعقيد البيروقراطى لمصالح الناس، تبقى هناك أدوار للنصابين والمخلصاتية. ولم تكن حالة المستشار المزيف الأولى، وربما لن تكون الأخيرة. طالما بقيت المظاهر هى الحاكم، وهناك حواجز بين المسؤولين والمواطنين.
النصاب لاينجح وحده، يسانده الانتهازى والفاسد، والطماع، الذى يريد حق غيره، أو يطلب منصبًا يعرف أنه لايستحقه. وأيضًا وجود شعور سائد، بأن المناصب بالواسطة والمحسوبية، وليس بالكفاءة، لدرجة أن مسؤولًا يصدق المستشار المزيف وهو يعده بأن يعينه وزيرًا. نفس ما يحدث بشكل متواصل، فى نصابى توظيف الأموال أو «المستريحين»، بالرغم من سقوط نصابين يجمعون أموال الناس، يظهر غيرهم، ويجدون من يصدق أنه يمكن توليد الأموال لتحقق أرباحًا ضخمة. أحيانًا يكون المنصوب عليهم شركاء للنصاب.