الولايات المتحدة وألمانيا لديهما إدراك حقيقى بأن مصر هى قلب المنطقة
الخميس المقبل تحل المستشارة الإلمانية أنجيلا ميركل ضيفة على مصر، وبعدها بأيام سيكون الرئيس عبدالفتاح السيسى ضيفاً على العاصمة الأمريكية واشنطن، وما بين الزيارتين تبقى عدة حقائق لابد أن نكون مدركين لها.
أولاً: الولايات المتحدة وألمانيا من الدول ذات التأثير القوى على تيار الإسلامى السياسى، خاصة برلين التى ترتبط مخابراتها بعلاقات قوية مع قيادات هذا التيار فى الشرق الأوسط، ومناطق أخرى، ويكفى هنا الإشارة إلى أن عدداً من قيادات جماعة الإخوان الإرهابية لا يزالون يتخذون من ألمانيا قاعدة لتحركاتهم، سواء بتنسيق مع الأجهزة الأمنية الألمانية أو بعيداً عنها، والوضع نفسه ينطبق على الولايات المتحدة، التى تحتفظ بعلاقات قوية مع قيادات إخوانية كانوا حتى وقت قريب ضيوفاً دائمين على المؤسسات الأمريكية خاصة وزارة الخارجية وأجهزة المخابرات، فالإخوان طيلة السنوات الماضية كانوا أداة طيعة فى يد المخابرات الأمريكية تحركهم كيفماء تشاء.
ثانياً: الولايات المتحدة شريك اقتصادى مهم لمصر، لا تحتل المرتبة الأولى فى التعاون الاقتصادى مع القاهرة، لكنها تحتل مرتبة مهمة، خاصة من خلال الشركات الأمريكية العاملة فى مصر، أو من خلال اتفاقيات متعددة الأطراف، مثل اتفاقية الكويز، فضلاً عن المعونة الاقتصادية والعسكرية التى تحصل عليها مصر سنوياً من واشنطن.
كما أن ألمانيا شريك اقتصادى حيوى لمصر، ولو نظرنا للعامين الماضيين سنجد على سبيل المثال أن شركة سيمنز الألمانية تتولى من خلال الاتفاق مع الحكومة المصرية على رفع قدرات وجهد محطات توليد الطاقة، وإنشاء محطات جديدة، مما ساعد مصر على المرور من أزمة الكهرباء دون أن يشعر بها المصريون طيلة الأشهر الماضية.
ثالثاً: الولايات المتحدة وألمانيا لهما اهتمام بالمنطقة، ولديهما إدراك حقيقى بأن مصر هى قلب المنطقة، وأنه لا سبيل لطرح حلول للأزمات والمشاكل التى تعانى منها المنطقة إلا من خلال البوابة المصرية، سواء فى فلسطين أو ليبيا وسوريا واليمن والعراق، نعم هناك دول إقليمية تحاول أن تفرض لنفسها دوراً ليس لها، لكن فى النهاية تبقى القاهرة هى المحرك الرئيسى لأى جهد يتعلق بالمنطقة، حتى إن مرت بفترات ضعف، لكن هذه الضعف لا يعنى الوفاة، وهى حقيقة تدركها الولايات المتحدة وألمانيا جيداً.
رابعاً: رغم وجود تنافر حالياً فى السياسات بين أوروبا والولايات المتحدة مع وصول ترامب للبيت الأبيض، إلا أن واشنطن وبرلين يحتفظان بمساحة كبيرة من التفاهم والتحاور، على قاعدة قوامها أن الولايات المتحدة تعتبر ألمانيا القوة الأكثر تأثيراً فى أوربا، سواء للإمكانيات الاقتصادية أو السياسية أو العسكرية، فضلاً عن مقدرة ميركل الشخصية التى تجعلها فى موقف قوة دائماً إذا ما قورنت ببقية زعماء أوروبا، لذلك بقى التفاهم الأمريكى الألمانى حتى إن كانت أوروبا بأكملها غير راغبة فى تحقيق ذلك.
خامساً: هناك رغبة حالية لدى الإدارة الأمريكية الجديدة نحو صياغة سياسة المنفعة المتبادلة التى تعمل على دفع العلاقة مع مصر والشرق الأوسط فى اتجاه مثمر، معتمدة فى الإطار نفسه على دعم القاهرة بكل السبل لتحقيق التقدم فى المنطقة.
أمام هذه الحقائق وغيرها، فإن زيارة ميركل للقاهرة، والرئيس السيسى لواشنطن ربما يرتبطان فى الهدف والمضمون أيضاً، وتبقى النتيجة المنطقية للزيارتين مهمة بالنسبة لنا، وهى أن هناك رغبة من القوى الكبرى فى التعامل مع مصر من منطلق مختلف عن الذى كان سائداً فى الماضى، منطق يحترم السيادة والرؤية والقرار المصرى.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة