منذ ثورة ٢٥ يناير ونحن نسمع عن أخبار عدم الاستقرار فى شمال سيناء وبالأخص فى العريش، والجميع يعلم بما حدث فى تلك السنة المشئومة التى حكم فيها إخوان الشيطان لبلادنا الحبيبة مصر، وحينما فتحوا أبواب سيناء على أقصاها لاستقبال الجماعات الإرهابية والتكفيرية املا فى إعلان المنطقة كإمارة إسلامية وتأسيس الخلافة التى يحلم بعض الجماعات الإسلامية والتى تستخدمها بعض الدول المجاورة مثل إسرائيل لتحقيق أهدافها والتى تتراوح ما بين تثبيت دورها فى المنطقة ومحاولة إقناع الغرب بأن وجودها هام لاستقرار المنطقة بأكملها.
وعلى صعيد آخر أملا فى إزاحة بعض الفلسطينيين إلى شبه جزيرة سيناء وهو المخطط الذى رفضه مبارك جملة وتفصيلا وحاول مرسى تحقيقه بناء على ما سمعناه من أخبار عن محاولاته لبيع جزء من شبه جزيرة سيناء لحل مشكلة النزاع على الأرض بين الفلسطينيين والإسرائيليين، مما كان سيؤدى إلى اتساع مساحة الأراضى المحتلة على حساب مصر. أى " شيل ده من ده يرتاح ده عن ده" بس على حساب مصر وهو الشىء الذى نرفضه كمصريين بالرغم من مجهودات مصر الجادة على مدار التاريخ لحل القضية الفلسطينية، وأعتقد أن المقابلة المرتقبة بين الرئيس عبدالفتاح السيسى ونظيره الأمريكى دونالد ترامب فى القريب العاجل سوف تحمل الكثير من المجهودات الجادة من الجانب المصرى لمحاولة ترسيخ حل القضية الفلسطينية عن طريق إقامة الدولة الفلسطينية والاعتراف بها.
من الواضح أن المواقف الوطنية ودعم الأقباط للدولة وللإدارة ومؤسسة الرئاسة وعلى رأسها الرئيس الوطنى عبد الفتاح السيسى أدى إلى استفزاز هذه الجماعات الإرهابية التى تريد الخراب لمصر ولشعبها فها نحن نجد على مر الخمس سنوات السابقة استشهاد العديد من مسيحيى العريش على يد الإرهاب المتطرف الذى ابتدأ بذبح أحد المواطنين وفصل رأسه عن جسده على طريقة داعش الإرهابية لإثارة الذعر والهلع بين المواطنين كما استهدفوا كاهنين لكنائس بالعريش. اما فى الشهر الماضى فمن الواضح التصعيد والتكثيف فى عمليات استهداف الأقباط لمعاقبتهم على حبهم لبلادهم وعقيدتهم ومساندة رئيسهم الذى اهتم بمشاكلهم من قانون بناء الكنائس إلى الدفاع عنهم ضد داعش فى ليبيا والعديد من المواقف التى قام بها الرئيس تجاه الأقباط وأهمها الإصرار على المعايدة على المصريين المسيحيين فى أعيادهم الدينية من قلب الكاتدرائية المرقسية متجاهلا كل ما أطلق من الفتاوى التى طرحت فى وسائل الإعلام والتى أصبحت ظاهرة مقززة تتكرر مع كل عيد للمسيحيين من الفصيل المتطرف والتى تمنع المسلم من المعايدة على شريكة ليس فقط فى الوطن بل فى الحياة عامة فى أعياده الدينية. الأمر الذى أجده يسىء لمبادئ المواطنة ويشكك فى نوايا ذلك الفصيل تجاه أى أحد يختلف معه فى الفكر أو العقيدة، ما يضع علامات استفهام كثيرة على مستقبل البلاد فى ظل احتضان بعض الأفراد فى المجتمع لمثل هذه الأفكار المتطرفة .
فمن قراءة المشهد فإن الهدف الواضح من تلك الهجمات الخسيسة هى الوقيعة بين الأقباط والدولة والتى فشلت فى محاولات عديدة على مدار السنين الماضية وآخرها حادث تفجير الكنيسة البطرسية والتى راح ضحيته العشرات من الأشخاص الأبرياء الذين لم يرتكبوا أى ذنب بل كانوا يصلون فى سلام.
أرجو أن يتيقظ الأقباط لهذا المخطط السخيف والذى أعلم تماما أنه لن يؤثر على وطنية وحب الأقباط لبلادهم ورئيسهم ولكن مثل هذه الحوادث بلاشك تعكر صفو العلاقة وتختبر قوة احتمال الأقباط لمواجهة تلك الحوادث التى من الواضح أنه أصبحت تتكرر بشكل يومى فى تقصير ملحوظ من الجانب الأمنى فى المنطقة نظرا للتحدى الشديد الذى يواجهه أفراد الأمن فى هذه المناطق.
فمن رأيى المتواضع أن تقوم الدولة بتعزيز القوى الامنية فى هذه المناطق بأى شكل حتى ولو اضطرت لاستخدام أهالى المنطقة فى تأمين مدنهم التى من الواضح أنه تم اختراقها من تنظيم داعش الإرهابى أو على الأقل من المتعاطفين معه وأن تجد الدولة ملاذا وعملا للأسر التى فرت خوفا على حياتها بعد قتل وحرق العديد من الأقباط فى الأيام القليلة الماضية. وأعتقد أيضا ألا تعتمد الدولة على الكنيسة فى مساعدة تلك الأسر لأن هذا سوف ينعكس على المواطن المسيحى بالإحساس أنه من الصعب عليه أن يدعم الدولة ولكن عندما احتج للدولة لم يجدها فى مساعدته. كما اعتقد أيضا أنه لابد من وقفة مع النفس فى تحليل المشهد بالعريش ومحاولة تقليص الخسائر والعمل على وضع خطة أمنية شاملة تستلزم التعاون بين الجيش والشرطة والشعب لأننا الآن فى حرب شديدة ومواجهة صريحة مع الاٍرهاب. فمن ليس معنا فى هذا الوقت فهو بالطبع علينا ولابد التعامل معه بشكل قوى.
أعتقد أن الدولة لابد وان تتعامل بشكل قوى كما رأينا بعد شهداء ليبيا حتى تثأر لأبنائها وحتى تقطع الطريق على الكارهين لمصر فى الخارج من مهاجمة الدولة فى المحافل الدولية والتى قد تسبب حرج غير مطلوب فى الوقت الراهن ومع حساسية ما يحدث فى المنطقة ككل.
حفظ الله مصر وأولادها